الاثنين، 11 يوليو 2011

تتعدد العقائد .. وتتوحد الأمة لتبني بقلم : محمد أبوغدير المحامي

تتعدد العقائد .. وتتوحد الأمة لتبني

بقلم : محمد أبوغدير المحامي

محمد أبوغدير المحامي
ما أحوج المصريون – اليوم – أن ينظر بعضهم إلى الآخر نظرة احترام وتكريم ، باعتبارهم جميعا مواطنين وشركاء في الوطن ، مع التسليم بالتعددية الدينية واختلاف العقائد ، فهي مشيئة الله وإرادته فقد قال تعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ((ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)) يونس 99..

لقد شاء الله أن تتعدد معتقدات الناس في المجتمع الواحد ، فالتعددية الدينية سنة كونية ، والمعاملة الحسنة بين المختلفين ضرورة حياتية وفريضة اجتماعية ، فالبشرية كلها تعود إلى آدم عليه السلام الذي خلق الله في أحسن تقويم وأسجد له الملائكة المقربين وفضله على كثير من المخلوقين ، وسخر له كل شيء ليكون خليفة في الأرض ينطق بالحق ويفعل الخير ويقيم العدل وينشر المودة والرحمة والحب بين الناس .

ولقد ظن الكثير من المغالين في الدين أن غير المسلمين لا يستحقون الاحترام والتقدير ولا التعامل معهم بالرفق واللين ، والحق أن هؤلاء لا يفقهون حقيقة الإسلام الذي يحترم النفس البشرية ويرفع من شأنها سواء كانت مؤمنة أو كافرة أو مشركة ، فقد ورد في صحيح البخاري إن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام ، فقيل له : إنها جنازة يهودي ، فقال : أليست نفسا .

ولقد هاجر النبي وصحبه الكرام إلي المدينة وعقد مواثيق المواطنة والحياة المشتركة مع يهود المدينة ومشركيها وتعايش المسلم مع غير المسلم جنبا إلى جنب ، شركاء في الوطن وجيران في السكن وعملاء أو زبائن في التجارة والمهن .

فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقل إلى جوار ربه ودرعه مرهونا ليهودي ، وقد أباح الإسلام للمسلم أن يتزوج بكتابية فنشأ لذلك روابط الرحم القرابة والبر بين المسلم وجده وخاله وخالته الذين يدينون بغير دينه ، ولقد قال الله تعالى: ) لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ( ( 8 ) سورة الممتحنة .

قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية أن البر والقسط الذي ورد بها يشمل جميع أصناف الملل والأديان الذين لم يقاتلوا المسلمين في دين ولم يخرجوهم من ديار وأن الآية لم تخصص بعضا دون بعض ، ولا معنى لقول من قال : ذلك منسوخ ، لأن بر المؤمن من أهل الحرب ممن بينه وبينه قرابة نسب ، أو ممن لا قرابة بينه وبينه ولا نسب غير محرم ولا منهي عنه إذا لم يكن في ذلك دلالة له أو لأهل الحرب على عورة لأهل الإسلام ، أو تقوية لهم بكراع أو سلاح .

ونص هذه الآية وتفسيرها يقطع بأن الإسلام أقر حقوق المواطنة كاملة للمسلم وغير المسلم ، فالإسلام يدعوا إلى الرفق واللين وحسن المعاملة للناس كافة ولو كان بينهم طاغية أو ظالم أو فرعون ، ألم تسمعوا قول الحق تبارك وتعالى ناصحا وموجها لنبيين مرسلين كريمين : (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ، فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى( الآية43و44من سورة طه .

ورسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القدوة والأسوة يعلمنا الصبر والحلم حتى مع المعتدين الظالمين ، فلقد دعى قومه إلى الله عز وجل فآذوه أشد الأذى ، ونالوا منه ما لم ينله بني قومه فاشتكى إلى الله فأرسل إليه ملك الجبال فناداه: "يا محمد بعثني ربك إليك لتأمرني ؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا.. "

والشريعة الإسلامية تكفل لغير المسلمين حرية العقيدة وحق ممارسة شعائرهم ،وتأمنهم على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ، وتشيع مناخا من الود والرحمة في مجتمعها المسلم فالغلظة والشدة ليست من منهجهم ، فلم يذكرهما القرآن إلاّ في موضعين:

الأول في مواجهة الأعداء وفي قلب المعركة ، حيث تستوجب العسكرية الناجحة، الصلابة عند اللقاء، وعزل مشاعر اللين حتى تضع الحرب أوزارها، وفي هذا يقول تعالى: ((قاتِلوا الذين يَلونكم مِن الكُفَّار ولْيجدوا فيكم غِلظة ً)) [التوبة:123 ].

والثاني في تنفيذ العقوبات الشرعية على مستحقيها، حيث لا مجال لعواطف الرحمة في إقامة حدود الله في أرضه: ((ولا تأخُذكم بِهما رأفةٌ في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر )) [النور:2 ].

فلا أساس لسلوكيات المتشددين من المسلمين في مواجهة المسيحيين ، ولا مبرر لهذه المشاعر المتوجسة في قلوب الأقباط ، فلقد كانت العلاقة بين المسلمين والمسيحيين طيبة واستمرت واستقرت على أساس المواطنة فهم شركاء في وطن واحد ويربطهم مصير واحد ، ولم يعكر صفو هذه العلاقة الطيبة بين القبط مسلمين ومسيحيين سوى تدخل النظم الحاكمة المستبدة التي أيقنت أن وجودها مرهون بالتفريق بين عنصري الوطن ، وكيد اليهود ومكرهم ضد كل ما هو إسلامي .

وليس جديدا القول بأن معظم المسلمين المصريين هم أحفاد المسيحيين المصريين الذين أسلموا طوعا واختيارا حال دخول عمرو بن العاص مصر , وأن مسيحيي اليوم هم بقية قبط الأمس الذين استمروا علي عقيدتهم السابقة في ظل حرية العقيدة التي كفلها الإسلام ، ومن هنا نستطيع أن نتفهم قول البعض إن المصريين إما' قبط مسلمون' وإما' قبط مسيحيون', حيث كلمة قبط مرادف لكلمة' إيجيبت' أي مصر.

فليبقى المصريون جميعا على قلب رجل واحد ويد واحدة ، وليتحملوا المسئولية الضخمة التي آلت إليهم جميعا - بعد سقوط النظام البائد واسترداد الأمة حريتها وكرامتها – و أن يسعون مجاهدين للنهوض بالوطن والوصول به إلى موقع الريادة التي يليق بمصر.

ترهبن بالليل لتكون فارسا بالنهار بقلم :محمد أبوغدير المحامي

ترهبن بالليل لتكون فارسا بالنهار     

بقلم :محمد أبوغدير المحامي



لعل أطيب أوقات المناجاة أن تخلو بربك والناس نيام والخليون هجع ، وقد سكن الكون كله وأرخى الليل سدوله وغابت نجومه ، فتستحضر قلبك وتتذكر ربك وتتمثل ضعفك وعظمة مولاك ، فتأنس بحضرته ويطمئن قلبك بذكره وتفرح بفضله ورحمته ، وتبكى من خشيته وتشعر بمراقبته ، وتلح في الدعاء وتجتهد في الاستغفار ، وتفضي بحوائجك لمن لا يعجزه شيء ، ولا يشغله شيء عن شيء ، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، وتسأله لدنياك وآخرتك وجهادك ودعوتك وآمالك وأمانيك ووطنك وعشيرتك ونفسك وإخوتك ، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.

صلاة قيام الليل هي ما يصليه المسلم نفلا بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، والأفضل تأخير صلاة الوتر عنها، وإذا صلاها قبلها صحت ، وأما صلاة التهجد فهي ما يصليه المرء بعد قيامه من النوم في السدس الأخير من الليل إلى طلوع الفجر،

حث الله المؤمنين ورغبهم في قيام الليل والصلاة فيه فقال تعالى: ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ) الإسراء ، وقال أيضا مادحاً المؤمنين: (والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً 9)الفرقان، وقال سبحانه يصف قيام الليل: ( إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلاً ) المزمل.

وقت التهجد هو الثلث الأخير من الليل ، وقد حث النبي على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد } [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني ، فقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة النبي r بالليل؟ قالت: \" كان ينام أوله ويقوم آخره فيصلي ثم يرجع إلى فراشه فإذا أذن المؤذن وثب فإن كان به حاجة اغتسل، وإلا توضأ وخرج \" رواه البخاري

ثمرات قيام الليل:

الأولى : دعوة مُستجابة ذنب يُغفر ومسألة تُقضى .

الثانية : وزيادة في الإيمان والتلذذ بالخشوع للرحمن .

الثالثة : تحصيل للسكينة ونيل الطمأنينة .

الرابعة : واكتساب الحسنات ورفعة الدرجات والظفر بالنضارة .

الخامسة : والمهابة وطرد الأدواء من الجسد.

فعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: \"أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممَّن يذكر الله في تلك الليلة فكن\" (رواه الترمذي وصححه.

وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \"تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من داع فيُستجاب له، هل من سائل فيُعطى، هل من مكروب فيفرج عنه، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله تعالى له، إلا زانية تسعى بفرجها، أو عشاراً\" (رواه الترمذي وحسّــَنه .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: \"ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له\" (رواه البخاري ومسلم .

وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: \"جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات\" (رواه الترمذي وحسَّنه).

الأسباب الميسِّرة لقيام الليل:

الأسباب الظاهرة أربعة أمور:

الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.

الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.

الثالث: ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.

الرابع: ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.

وأما الأسباب الباطنة أربعة أمور:

الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.

الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.

ثالثالث: أن يعرف فضل قيام الليل.

الرابع : الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.



الحياة بلا أمن لا تساوي شيء بقلم محمد أبوغدير المحامي


محمد أبوغدير المحامي

الحياة بلا أمن لا تساوي شيء بقلم محمد أبوغدير المحامي

إذا امتلأت قلوب الناس خوفاّ وذُعراّ ، ونَزْعِ الأمن من البلاد ، لم يأمن الناس على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم وعاشوا في قلقٍ واضطراب ، فلا يجدون السعادة في جاه ولا مال ولا يهنئون بطعام ولا بشراب ولا يرتاحون بمنامٍ ، ولا يخشعون في صلاة وقد لا يتلذذون بطاعة ، فالحياة بلا أمن لا تساوي شيء ، والأمن نعمة في غاية الأهميَّة والخطورة لا يشعُر بها ولا يدرك قيمتها إلا من حرم منها.

فكيف يكون حالك لو غاب الأمن والنظام من بلدك وعم الخوف والرعب والفوضى ، لاشك أنك لا تأمن على ابنك لو خرَج إلى الشارع ، أو بنتك لو ذهبتْ إلى المدرسة فستخشى عليهماَ عدم العودة سالمين ، ولو ذهبتَ إلى عملك جلست قَلِقًا على أطفالك ومَحارِمك في المنزل، ولو سافرت بعيدا ولو قصيرا تتوجس خوفا من لصوص البيوت والسيارات وقُطَّاع الطُّرُق وغيرهم، لذلك فأن الأمن نعمة يجب علينا أن نشكر الله عليها وأنْ نسعى جاهدين للمحافظة عليها .

ولقد امتنَّ الله تعالى بنعمة الأمن على قريش حين أعرضوا عن دِين محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال سبحانه: (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ) القصص: 57 ، وبها دعاهم إلى الإيمان؛ فقال جلَّ ذِكرُه : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) قريش: 3 ، ومن قبل كان الأمن مطلب إبراهيم عليه السلام (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ )البقرة: 126 وكما من الله على رسوله وعلى المؤمنين بالأمن فقال تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الأنفال 26

والأمن والأمان شريعة من الله تعالى أمر بإقامتها ، وفريضة على الدولة والحكام فهم مكلفون بنشره في كافة ربوع الدولة وواجبهم تحقيقه ، وإخلال الأفراد بالأمن جريمة بل كبيرة من كبائر الذنوب ، فلقد حفِظت شريعةُ الإسلام العُقول وطهَّرتِ الأموال وصانت الأعراض وأمَّنت النفوس وكفلت للإنسان السلام والأمن والاطمئنان .

ولقد كفلت مواثيق حقوق الإنسان لكل فرد الحق في الحرية والأمن فلا يقبض عليه ولا يجوز توقيفه أو اعتقاله إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه ، ومن حق كل مقبوض عليه أو معتقا أن يتم أبلاغة بأسباب اعتقاله أو القبض عليه فور توقيفه كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه ، وأن تظل كرامة الإنسان مصونة مهما كانت الجريمة التي ارتكبها وأيا كانت عقوبتها، وأنه لا يجوز حمل المتهم على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها .

وقد سبقت شريعة الإسلام تلك المواثيق فقررت حماية نفس الإنسان وبدنه وماله وتمتد هذه الحماية لتشمل المجتمع كله على اختلاف أجناسهم ومعتقداتهم وألوانهم هي ، وكما تحمي الفرد من عدوانه على نفسه وبدنه، فهي تحمي المجتمع كله وفرضت على ولي الأمر إقامة الحدود وإنزال القصاص بمن يستحقه من المعتدين على الأنفس والأبدان ، وقصرت هذا الواجب على ولي الأمر أو من ينيبه دون الأفراد حتى تنتفي الفوضى ولا يتحول القصاص إلى ثأر أو انتقام .

ولقد حرمت شريعة الإسلام تعذيب المجرم فضلا عن المتهم فقال صلى الله عليه وسلم : "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا" رواه الخمسة، ، ويبطل كل اعتراف أو إقرار ينتزع بوسائل التعذيب أو الإكراه فقال صلى الله عليه وسلم : "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجه بسند صحيح.

ويمتد الأمن ليشمل حياة الناس الخاصة فليس لأحد أن يقتحمها فلا يجوز دخول مسكنك ولا تفتيشه إلا بأمر قضائي ولا يجوز الإطلاع على لمراسلاتك البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال ولا تجوز مصادرتها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقا لأحكام القانون.

وفي الشريعة الإسلامية لا يجوز الاعتداء على حرمة المسكن لأنها اعتداء على حق الإنسان في حياته ، فلا يجوز لأحد أن يدخلها إلا بإذن صاحبها ، ولقد قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها، ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون، فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم، والله بما تعملون عليم) النور/ 27 و 28، ومن حرمة المساكن تحريم التجسس والتلصص على الساكنين فيها، فقال تعالى: (ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً) الحجرات/ 12.

وأول ضمان لحماية الحق في الأمن هو الإنسان نفسه ، فيجب عليه أن يأبى المهانة ولا يرضى الظلم وان يتمسك بكافة حقوقه ولا يخش إلا الله ، لأن الله كرمة وفضله على سائر خلقه ، وعليه أن يصرخ رافضا أن تنتهك حرمته أو تقيد حريته أو تنتقص حقوقه ، فخير للمرء أن يموت حرا كريما من أن يحيى ذليلا مهانا ، وقد روى عَن عبد الله بن عَمْرو ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ : " إِذا رَأَيْتُمْ أمتِي تهاب الظَّالِم أَن تَقول : إِنَّك ظَالِم . فقد تودع مِنْهُم " .

وأن يفضح المعتدين أمام الرأي العام المحلي والدولي فيعلم وسائل الأعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية بوقائع التعدي عليه ، ويبلغ مراكز وهيئات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والدولية بذلك .

وألا يترك الظالمين الذين تعدوا على نفسه أو بدنه أو ماله ، أو اقتحموا مسكنه وفتشوه دون أمر قضائي ، ويجب عليه ردعا وزجرا لهم أن يشكوهم إلى النيابة أو أي جهة أخرى مختصة ليتم محاكمتهم وليوقع عليهم أشد العقاب ، وله أن يرفع مظلمته إلى القضاء مطالبا بالتعويض عما لحق به من أضرار مادية وأدبية من جراء ذلك .