الاثنين، 11 يوليو 2011

ترهبن بالليل لتكون فارسا بالنهار بقلم :محمد أبوغدير المحامي

ترهبن بالليل لتكون فارسا بالنهار     

بقلم :محمد أبوغدير المحامي



لعل أطيب أوقات المناجاة أن تخلو بربك والناس نيام والخليون هجع ، وقد سكن الكون كله وأرخى الليل سدوله وغابت نجومه ، فتستحضر قلبك وتتذكر ربك وتتمثل ضعفك وعظمة مولاك ، فتأنس بحضرته ويطمئن قلبك بذكره وتفرح بفضله ورحمته ، وتبكى من خشيته وتشعر بمراقبته ، وتلح في الدعاء وتجتهد في الاستغفار ، وتفضي بحوائجك لمن لا يعجزه شيء ، ولا يشغله شيء عن شيء ، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، وتسأله لدنياك وآخرتك وجهادك ودعوتك وآمالك وأمانيك ووطنك وعشيرتك ونفسك وإخوتك ، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.

صلاة قيام الليل هي ما يصليه المسلم نفلا بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، والأفضل تأخير صلاة الوتر عنها، وإذا صلاها قبلها صحت ، وأما صلاة التهجد فهي ما يصليه المرء بعد قيامه من النوم في السدس الأخير من الليل إلى طلوع الفجر،

حث الله المؤمنين ورغبهم في قيام الليل والصلاة فيه فقال تعالى: ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ) الإسراء ، وقال أيضا مادحاً المؤمنين: (والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً 9)الفرقان، وقال سبحانه يصف قيام الليل: ( إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلاً ) المزمل.

وقت التهجد هو الثلث الأخير من الليل ، وقد حث النبي على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد } [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني ، فقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة النبي r بالليل؟ قالت: \" كان ينام أوله ويقوم آخره فيصلي ثم يرجع إلى فراشه فإذا أذن المؤذن وثب فإن كان به حاجة اغتسل، وإلا توضأ وخرج \" رواه البخاري

ثمرات قيام الليل:

الأولى : دعوة مُستجابة ذنب يُغفر ومسألة تُقضى .

الثانية : وزيادة في الإيمان والتلذذ بالخشوع للرحمن .

الثالثة : تحصيل للسكينة ونيل الطمأنينة .

الرابعة : واكتساب الحسنات ورفعة الدرجات والظفر بالنضارة .

الخامسة : والمهابة وطرد الأدواء من الجسد.

فعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: \"أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممَّن يذكر الله في تلك الليلة فكن\" (رواه الترمذي وصححه.

وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \"تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من داع فيُستجاب له، هل من سائل فيُعطى، هل من مكروب فيفرج عنه، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله تعالى له، إلا زانية تسعى بفرجها، أو عشاراً\" (رواه الترمذي وحسّــَنه .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: \"ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له\" (رواه البخاري ومسلم .

وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: \"جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات\" (رواه الترمذي وحسَّنه).

الأسباب الميسِّرة لقيام الليل:

الأسباب الظاهرة أربعة أمور:

الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.

الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.

الثالث: ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.

الرابع: ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.

وأما الأسباب الباطنة أربعة أمور:

الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.

الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.

ثالثالث: أن يعرف فضل قيام الليل.

الرابع : الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق