الخدمة المجتمعية أسلوبًا للدعوة الإسلامية
- بقلم محمد أبوغدير المحامي
كان مفهوم العمل الإسلامي لدى العديد من الجماعات الإسلامية يكاد ينحصر في الخطب والمحاضرات التي يلقيها الدعاة في المساجد ، أو في السرادقات التي تقام للعزاء أو للإحتفال بالمناسبات الإسلامية ، بقصد تعريف المسلمين بأمور دينهم كالعقائد والعبادات والأخلاق .
وقد اعتقد الكثير من الدعاة أن الإنشغال بالأعمال الاجتماعية والخدمية – كمحاولة توفر التعليم للجاهل والعمل للعاطل والضمان للعاجز والكفاية للمحتاج والدواء للمريض تتسبب في تعطيل نشر الدعوة وتوعية الناس بحقيقة الإسلام ، معتبرين أن هذه الأعمال ليست من مهام الدعاة وانما من واجبات الدولة الإسلامية حين تقوم .
وذلك الذي يعتقده البعض غير صحيح ، فلم يكن العمل الإسلامي مجرد خطب تقال أو أبحاث ودراسات تكتب، فرسالة الإسلام التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم أساسها ومقصدها مخالطة الناس والإلتحام بهم لعليمهم والإرتقاء بأحوالهم وحل مشـكلاتهم ، ورحم الله الإمام حسن البنا الذي فقه ذلك ووعاه كل الوعي فكان ينشئ في كل شعبة من شعب الإخوان المسلمين قسماً للبر والخدمة الاجتماعية.
ويجب على العاملين للإسلام ان يَفقَهوا ويُفَقهوا عامة الناس ان القيام بخدمة أفراد المجتمع وإصلاح شأنهم وتقديم العون لهم ـ خصوصاً للفئات الضعيفة منهم ؛ عبادة رفيعة القدر ، وقربة الى الله ، قد ينال من الأجر والثواب بها ما لا ينالة من الصيام والقيام ، وفريضة يومية على الإنسان المسلم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديثِ الحسنِ الذي رواهُ الطبرانيُّ وابنُ أبي الدُّنيا وغيرهُما ( أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ , وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ , أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً , أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا , أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا , وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ - يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ - شَهْرًا , وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ , وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامِ )
وقد روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس : يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل في دابته، فيحمله أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة (متفق عليه ).
وعلي الحركة الأسلامية أن تلتقي على الفهم الحقيقي للعمل الإسلامي وأن يتعاون أفرادها على الانفتاح على الشعب المصري بكافة أطيافه الدينية والفكرية ، ويتعرفوا على واقعه السيء وحاله المر الذي خلفه النظام البائد من الفساد الذي شمل كل مناحي الحياة .
فلقد انتشرت الأوبئة بين الشعب المصري ، واحتلت مصر المرتبة الأولى عالميا في أمراض الكبد و السرطان والفشل الكلوي وكذلك ضغط الدم .
والمسـكن الاقتصادي أصبح حلما صعب تحقيقه والشعب المصري يسـكن في القبور والعشوائيات .
وقطاع كبيرمن الشعب المصري يعاني من سوء التغذية فتشير تقديرات المجالس القومية المتخصصة في مصر إلى أن 46% من المصريين -خاصة منهم النساء والأطفال- لا يحصلون على الطعام الكافي.
ومن ثم يتحتم على الجماعات الإسلامية أن ينزلوا إلى المجتمع لينشئوا فصولا لمحو الأمية، ولجانا لجمع الزكاة وتوزيعها، ومجالس لإصلاح ذات البين، ومستوصفات لمحاربة الأمراض المتوطنة ولمعالجة الإدمان ، ولمقاومة العادات الضارة ونشر العادات الصالحة بديلاً عنها.
وبهذا يعيش المسلم في مجتمعه ينبوعاً يفيض بالخير والرحمة، ويتدفق بالنفع والبركة، يفعل الخير ويدعو إليه؛ ويبذل المعروف ويدل عليه، فهو مفتاح للخير، ومغلاق للشر، كما حثه النبي الكريم، كما في حديث ابن ماجه "طوبى لعبد جعله الله مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر" .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق