الرقابة الوطنية والدولية ... هل تحقق نزاهة الانتخابات
محمد أبوغدير المحامي
مستشار قانوني ومحكم دولي
تعريف الرقابة على الانتخابات :
يمكن تعريف الرقابة على الانتخابات العامة بأنها الإجراءات التي تتسم بالموضوعية والحياد بشأن أعمال المتابعة والرقابة وتقصى الحقائق حول صحة إجراء وسير العملية الانتخابية والتحقق من الدعاوى التي تشير إلى حدوث أية انتهاكات تذكر في هذا المجال. على إن يتم ذلك وفق اللوائح والقوانين المعمول بها في هذا الإطار بإتباع آلية منهجية ومنظمة ،
وتهدف الرقابة إلى التأكد من مباشرة إجراءات الانتخابات بشكل سليم ونزيه بعيداً عن التلاعب والتزوير بأي شكل من الأشكال، وتشمل الرقابة كافة مراحل العملية الانتخابية متضمنة عملية تسجيل المرشحين وعمل لجان الانتخاب والحملات الانتخابية والاقتراع وفرز الأصوات حتى الإعلان الرسمي للنتائج، وذلك بتسجيل وتدوين كافة الأحداث وجميع المعلومات بسرعة ودقة عن طريق مراقبين يتاح لهم ذلك تجربة تامة وشفافية تضمن الإفصاح عن آلية جمع المعلومات.
أنواع الرقابة على الانتخابات :
الرقابة على الانتخابات نوعان رئيسيان ، الأول هو الرقابة الوطنية وينقسم إلى فئتين، رقابة الدولة وأجهزتها المختلفة ورقابة منظمات المجتمع المدني ، أما النوع الثاني من الرقابة على الانتخابات فهو الرقابة الأجنبية وينقسم أيضا إلى فئتين، رقابة تقوم بها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ورقابة أجنبية "تقوم بها الدول الأخرى والمؤسـسـات التابعة لها .
الرقابة الداخلية للانتخابات :
في النظم الديمقراطية تتولى الهيئات القضائية القيام بواجب الأشراف الدخل على إجراء الانتخابات العامة باعتبار أنها تتمتع بالحياد والاستقلال عن السلطة التنفيذية، فضلا عن أنها هي الجهة المسئولة عن تطبيق القانون وتنفيذه ومن ثم فهي مصدر ثقة واطمئنان. ولا تمانع تلك النظم الديموقراطية من قيام الأفراد والمؤسسات بإعمال الرقابة على سير العملية الانتخابية لما يمثله ذلك من تعزيز الضمانات المطلوب توافرها لنزاهة وصحة النتائج التي يسفر عنها إجراء الانتخابات العامة وقبولها من كافة الإطراف المشاركين فيها تلك الانتخابات في حالة الالتزام بالقوانين واللوائح المنظمة للعملية الانتخابية.
الرقابة القضائية في مصر:
نصت المادة (88) من الدستور المصري على أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية، وقد جرى العمل على أن يكون الأشراف القضائي على اللجنة العامة فقط ، إلا انه صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في عام 2000 الذي قضي بضرورة الأشراف القضائي الكامل على عملية الاقتراع بان يشرف على كل صندوق انتخابي قاض، وفى ظل هذا الإشراف جرت انتخابات مجلس الشعب لعام 2005 والتي أسفرت نتيجتها عن نجاح عدد من مرشحي جماعة الأخوان المسلمين يساوى 20% من مجموع الأعضاء واقتربت نسبة المعارضة من الثلث الذي يحرم الحزب الوطني من أغلبية الثلثين التي بموجبها يعدل الدستور ويعقد اتفاقيات تخرج من تحت رقابة البرلمان ، فضاق النظام ذرعا بالإشراف القضائي وتم تعديل المادة 88 لتجرى الانتخاب في كل محافظة في مصر في يوم واحد ويقتصر الأشراف القضائي على اللجنة العامة فقط تحت رقابة لجنة حكومية ، وتم إجراء انتخابات مجلس الشورى السابقة في ظل هذا التعديل الدستوري الجديد وقد تدخل النظام وتم بتزوير الانتخابات تزويراً سافراً، ولقد طالبت كافة القوى السياسية النظام وبح صوتها بالمطالبة بتوفير الضمانات اللازمة إجراء انتخابات نزيهة ومنها العودة إلي الإشراف القضائي الكامل ولكن هيهات هيهات.
رقابة المجتمع المدني في مصر:
ومن الرقابة الوطنية على الانتخابات – في النظم الديموقراطية - قيام منظمات المجتمع المدني والإفراد بالإشراف والرقابة على سير العملية الانتخابية وكذلك وسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة للتحقيق من صحة ونزاهة العملية الانتخابية وحياد القائمين عليها وكشف السلبيات التي ثابت إجراءيها لتصحيحها أو تلافيها في المرات القادمة وكذلك الوقوف على الجوانب الايجابية والتأكيد على صحة العملية الانتخابية وهو ما يعطى الثقة للمواطنين ويؤكد على تحقيق الديموقراطية .
ورقابة منظمات المجتمع المدني للانتخابات الذي يتحقق بها نزاهة الانتخابات لا بد لها من توافر المناخ الديمقراطي والحريات الأساسية للمواطنين ، وفي مصر غابت الحرية وطال غيابها وانتهكت حقوق الإنسان فمنذ ما يقرب عن ثلاثين عاما وقانون الطوارئ يسرى في البلاد ومسلط على رقاب العباد ، يزعمون أنه لا يطبق إلا على تجار المخدرات ومرتكبي الإرهاب .
وفي مفهوم النظام أن كل صحب مشروع إصلاحي يدعو إليه ويسعى به إلي التغيير ويأمل في تداول السلطة فهو إرهابي يتم اعتقاله بقرار إداري وقد يتظلم من قرار الاعتقال فيفرج عنه القضاء فيعاد اعتقاله مرات متكررة باتهامات مزعومة في الأصل يسرى عليها قانون العقوبات وليس قانون أمن الدولة ، وقد يحبس احتياطيا بقرار من نيابة أمن الدولة لمدة طويلة دون مبرر وسرعان ما يخلى سبيله بعد عرضه على القاضي الطبيعي، ويمنع من السفر ،ويراقب إداريا بواسطة مخبرين ويتم التصنت على هاتفه الثابت والنقال ، وقد يحال إلي محكمة عسكرية ويحرم من قاضية الطبيعي وتفوت عليه درجات التقاضي من استئناف ونقض.
ولقد تم العمل بقانون الطوارئ في انتخابات سابقة تم اعتقال من ظن النظام أنه سوف يتم ترشيحه للانتخابات ، وقد أعتقل مندوبي المرشح ووكلائهم بمجرد استصدارهم لهذه الوكالة من قسم الشرطة وطالما منع النظام المؤتمرات الانتخابية ، وبالجملة أن النظام المصري يلجأ إلي استخدام قانون الطوارئ لمواجهة خصومة السياسيين ويتم تزوير الانتخابات بموجبه ، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يتم مراقبة الانتخابات عن طريق منظمات المجتمع المدني، فإذا كان ذلك شأن الرقابة الوطنية على الانتخابات فما شأن الانتخابات الخارجية.
رقابة الأمم المتحدة للانتخابات:
أقرت المواثيق الدولية حق كل مواطن في المشاركة في إدارة شئون الحكم من خلال انتخابات حرة نزيها وذلك ما نصت عليه المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في (1948) وكذلك المادة (25) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسة وتقوم الأمم المتحدة بمراقبة الانتخابات العامة في الدول والبلدان الأعضاء بها وفق معايير ثابتة يضمن تطبيقها تحقيق نزاهة وصحة العملية الانتخابية.
معايير الأمم المتحدة لحرية الانتخابات ونزاهتها :
أصدرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التعليق العام رقم (25) حول المشاركة في إدارة الشؤون العامة وحق الاقتراع، واعتمدته في دورتها السابعة والخمسون (1996) ويعد هذا التعليق بمثابة ثوابت قانونية وتوجيهية للانتخابات لاقت توافق المجتمع الدولي بإعتبارها معايير لحرية الانتخابات ونزاهتها وهي:
1. حق المشاركة في اختيار النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بحرية تطبيقا للحق في تقرير المصير والسيادة الشعبية.
2. المساواة بين المواطنين في الاقتراع وعدم التمييز بينهم في وزن الأصوات على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين،أو الرأي السياسي أو غيره، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الملكية، أو النسب أو غير ذلك مثل تحديد الدوائر الانتخابية بشكل قد ينتقص من أصوات أية مجموعات أو مناطق معينة.
3. تمتع الأفراد بالحريات السياسية؛ لضمان الوصول إلى انتخابات حرة نزيهة، وخصوصا حرية الرأي والتعبير، وحرية الاشتراك في الجمعيات، وحرية التجمع، وحرية الانضمام إلى النقابات، وحرية التنقل، وتبادل المعلومات والآراء بكل حرية، واستقلالية السلطة القضائية. كما يجب أن يمكن الناخبون من تكوين رأيهم بصورة مستقلة دون التعرض للعنف أو التهديد باستخدام العنف، أو الإكراه، أو الإغراء، أو محاولات التدخل بالتلاعب مهما كان نوعها.
4. دورية الانتخاب بما يحقق مبدأ إرادة الشعب كأساس لسلطة الحكم في جميع الأوقات، وبما يضمن شعور الممثلين بأنهم محاسبون أمام الناخبين عما يمارسونه من سلطات تشريعية أو تنفيذية تعهد إليهم.
5. نزاهة الانتخابات لضمان أن تعكس التعبير الحر عن إرادة الناخبين من خلال القيام بما يلي: إسناد مهمة الإشراف على العملية الانتخابية إلى جهة تتصف بالحياد والاستقلالية والاحتراف والشفافية، وتوفير فرص منصفة للمرشحين في الوصول إلى وسائل الإعلام، وفرز الأصوات بحضور المرشحين أو وكلائهم، كما ينبغي أن تدقق جهات مستقلة في عملية الاقتراع وفرز الأصوات وإتاحة إمكانية المراجعة القضائية لذلك.
6. الاقتراع العام المتساوي بين جميع المواطنين المؤهلين دون أي تمييز، ولا يجوز حرمان أي مواطن من حقه في التصويت أو عن تسجيل اسمه في سجل الناخبين إلا بناء على قيود موضوعية ومعقولة نص عليها القانون (السن الدنيا، والجنسية، والأهلية العقلية)، ويشترط أن تكون هذه الإجراءات متسقة مع التزامات الدولة في إطار القانون الدولي. ومن غير المعقول تقييد هذا الحق على أساس الإصابة بعجز جسمي، أو فرض شروط الإلمام بالقراءة والكتابة، أو مستوى التعليم، أو الملكية. ويجب ألا يشكل الانتساب إلى عضوية أحد الأحزاب شرطا للأهلية في الانتخاب أو أساسا لعدم الأهلية.
7. عمومية حق الترشيح على أساس من المساواة أمام كل المواطنين الذين يرغبون في الحصول على أصوات الناخبين؛ للفوز بعضوية البرلمان والاستفادة من فرص تقلد المناصب، وأن تكون أي قيود تفرض على حق ترشيح النفس للانتخاب مبررة وقائمة على معايير موضوعية. ويجب ألا يستثنى أي شخص مؤهل من ترشيح نفسه للانتخاب لأسباب غير مقبولة أو لأسباب تمييزية من قبيل مستوى التعليم، أو مكان الإقامة، أو النسب، أو بسبب انتمائه السياسي.
8. الاقتراع السري غير المقيد بأي شكل من الأشكال؛ كضمانة لحرية الناخب في اختيار المرشح الذي يريد بعيدا عن ضغط السلطة والقوى الاجتماعية سوى ضميره.
9. وجود آلية منصفة وفعالة ومستقلة للفصل بالشكاوى والمخالفات الخاص بسير العملية الانتخابية وبصحة عضوية الأعضاء المنتخبين.
أهداف مراقبة الانتخابات :
تستهدف الأمم المتحدة من قيامها بدورها في مراقبة العملية الانتخابية أغراضاً كثيرة ومنها إن إجراء تقييم للعملية الانتخابية يتسم بالاستقلال وعدم التحيز والموضوعية ، وفي إجراء مراقبة الانتخابات ورصده تشجيعا لقبول نتائجها وبناء ثقة الناخب في العملية الانتخابية، وهو ضمان لسلامة العملية الانتخابية وردع وكشف لما قد يحدث خلالها من العنف والإرهاب والتزوير، فضلا عن ضرورة رصد وحماية جميع حقوق الإنسان خلال فترة الانتخابات ويسهّل فض المنازعات التي تتعلق بالقضايا المتصلة بالعملية الانتخابية ، ولا شك في إن قيام الأفراد بدورها في مراقبة العملية الانتخابية يوفر دعما غير مباشر للتربية الوطنية وبناء المجتمع المدني.
شروط الأمم المتحدة لقبول مهمة المراقبة :
وتشترط الأمم المتحدة لكي تقبل مهمة المراقبة الانتخابية توافر عدد من الشروط مثل تلقى طلب رسمي من الدولة المعنية، ووجود دعم عريض من الرأي العام المحلى لمشاركة الأمم المتحدة، ووجود وقت مسبق كاف للمشاركة الشاملة من جانب الأمم المتحدة، ووجود بُعد دولي واضح في الحالة، وبعد ذلك يتم اتخاذ قرار إيجابي من إحدى هيئات الأمم المتحدة مثل الجمعية العامة أو مجلس الأمن.
ومؤدى ذلك أن يد الأمم المتحدة مغلولة فلا تستطيع أن تبسط رقابتها على أية انتخابات إلا بموجب طلب يتقدم به النظام الحاكم ، ومن البديهي أن السلطة الحاكمة لا تسعى إلي رقابة الأمم المتحدة إلا إذا كان ذلك في مصلحتها، ولا شك أن من مصلحة النظام الديمقراطي الذي يؤمن بأن الأمة مصدر السلطات وأن تداول السلطة أساسي الديمقراطية فإن يقبل الرقابة الدولية بل يسعى إليها لحرصه على أن تكون الانتخابات نزيهة وتعتبر بصدق عن إرادة الأمة وتحقق أهدافها.
موقف النظام المصري من رقابة الأمم المتحدة للانتخابات:
ولقد أعلن النظام المصري رفضه لرقابة الأمم المتحدة على انتخابات مجلس الشعب القادمة ويبرر رفضه بأن في ذلك مساساً لسيادة مصر وتدخلاً أجنبياً في شأنها الداخلي، وهذا الزعم وأن كان قد البس ثوب كرامة الوطن فهو باطل لاحق فيه ويريد النظام من خلاله تحقيق مصلحته الذاتية في الاستمرار في سدة الحكم ويخالف أرادة أغلبية الأمة التي تسعى إلى الإصلاح السياسي وصولا إلى تداول السلطة بالطرق الدستورية السلمية عن طريق صناديق الاقتراع ، ويمكن أن نرد على الزعم بالحجج الآتية:-
1. أن المطالبة برقابة دولية على الانتخابات لا يعتبر تدخلاً في الشئون الداخلية للدولة ، لأن ذلك فيه خلط بين الحاكم والوطن ويجب تصحيح المفهوم الخاطئ والعقيم الذي مؤداه أن النظام هو الوطن وأن معارضة سياسة النظام أو نقد تصرفات الحاكم أو تقويمه هو نوع من الكفر السياسي أو أنه خيانة لتراب الوطن وكأن الحاكم اندمج فيه. وهذه المفاهيم لم تعد سائدة إلا في المجتمعات المتخلفة أو النظم الدكتاتورية ،
2. أن الرقابة الدولية على عملية الانتخابات قد أضحت مقبولة لدي الدول الديموقراطية قبل غيرها ، وفي هذا الصدد تشير الإحصائيات إلى أن منظمة الأمن والتعاون الأوروبي قد راقبت حوالي 150 عملية انتخابية في أوروبا ما بين رئاسية وبرلمانية منذ عام 1990 ، وقد شارك كل من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في رقابة الانتخابات الأميركية الرئاسية والألمانية الأخيرة، وكان الهدف من هذه الرقابة هو تثبيت التقليد الدولي بأن الإشراف على الانتخابات يشمل الدول الديموقراطية وغير الديموقراطية.
3. كما أن هناك دولاً عربية وأجنبية عدة قد استعانت بمراقبين دوليين مثل اليمن والجزائر وفلسطين وأوكرانيا و جنوب أفريقيا وبروندي، ومن ثم فإن الرقابة الدولية ليست ببدعة، بل و أن مصر ذاتها أرسلت مراقبين يشاركون في فرق الرقابة الدولية على انتخابات تجرى في دول عربية أخرى.
4. وإذا كان الأمر كذلك فأن الانتخابات التي يجريها النظام المصري من الضروري أن تكون مشمولة برقابة الأمم المتحدة لأسباب كثيرة أخري غير السالف بيانها ومنها الآتي :
* أن سجل النظام المصري حافلا في تزوير الانتخابات فقد سبق أن أبطلت المحكمة الدستورية العليا إحدى دورات مجلس الشعب بالكامل، فضلا عما سجلته ـ أخيرا ـ منظمات حقوق الإنسان، ومن بينها المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان من حدوث انتهاكات فاضحة في الانتخابات السابقة .
* أن انتخابات مجلس الشعب المقبلة تجرى في ظل قانون حلة الطوارئ وأن النظام والحكومة اعتادا استخدامه لمواجهة خصومهما السياسيين وتزوير الانتخابات دومًا تحت سيف قانون الطوارئ وذلك على النحو السلف بيانه .
* أن رجوع النظام عن نظام الإشراف القضائي الكامل على عملية الاقتراع على جميع الصناديق وجعل الإشراف للجنة حكومية في ظل إشراف قضائي فقط على اللجنة العامة-وذلك على النحو السالف بيانه-وبقيادة أمن الدولة في جو من الإرهاب والاعتقال والتعذيب مما يحرم الناخب والمرشح من كافة الضمانات المؤدية إلي نزاهة انتخابات ويضحى الإشراف الدولي على الانتخابات ضروري وواجب.
حضور الناخب أقوى ضمان لنزاهة الانتخابات:
وإذ أعلن النظام المصري رفضه لرقابة الأمم المتحدة على الانتخابات أصر على استمرار قانون الطوارئ أو وقف العمل به وقال : لا للإشراف الكامل للقضاء ، فماذا بقي من ضمانات لإجراء انتخابات نزيه ومعبرة عن إرادة الأمة تحقق طموحاتها في إصلاح سياسي وتقدم اقتصادي وارتقاء اجتماعي ؟ ، لم يبق سوى ( حضور الناخب المصري) ليكون هو أقوى ضمان لنزاهة الانتخابات وهو ليس بقليل ولا ضعيف ، فهو جل الشعب المصري وقوته الشابة وعقله الراشد وخبرته المتراكمة فالناخب هو كل مواطن بلغ سن الثمانية عشر ربيعا ويلازمه حقه في الاقتراع حتى يلقى ربه ، الحضور الذي أعنيه هو انشغال المواطن بالعملية الانتخابية بكيانه كله فتكون حاضرة في قلبه وعقله وسائر جوارحه ، فبالعقل يعي أن الانتخابات أحدى حقوقه الهامة اللصيقة بإنسانيته وليست منحة من أحد وأنها أنها وسيلة الإصلاح والتغيير وتداول السلطة بطريق سلمي ودستوري ، وانه يمارس الانتخابات ليست كحق اقتراع فقط وإنما باعتبار بدايتها معرفة النظم السياسية العلم بالبرامج الانتخابية والمفاضلة بينها على أساس الأصلح واختيار المرشح بمعيار الكفاءة الفنية والنزاهة الخلقية دون مجاملة أو محسوبية .
وان إجراءات العملية الانتخابية لا تبدأ من يوم الاقتراع وإنما يسبق ذلك اصطفاء الناخب لمن تتوافر فيهم صفات المرشحين وتزكيتهم وحثهم على الترشح والدعاية لهم واختار وكلاءهم ومندوبوهم خارج وداخل لجان الاقتراع ولجنة الفرز وحث المواطنين ودفعهم للإدلاء بأصواتهم والانتظار أمام لجان الاقتراع و الفرز لحمايتها من التزوير ، ويكون الناخب حاضر القلب فيستشعر أن الانتخابات بمفهومها السالف فريضة شرعية يرفع بها الظلم الواقع عليه وعلى بني وطنه وتقضي على الفساد الذي استشرى ، ومن ثم يكون مستعدا للتضحية بوقته وجهده ويصبر على ما يلحقه من أذي في بدنه وحريته من أجل حضور الناخب المصري .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق