الاثنين، 22 يوليو 2019

المسؤولية الدعوية إعداد : محمد أبوغدير المحامي

المسؤولية الدعوية
تعريف الدعوة ومشروعيتها ،
وتعريف المسؤولية وحكمها ، وجوانبها ، والخطوات الإدارية لتعزيزها ، وصفات المسؤول

الدعوة إلى الله تعالى هي رسالة السماء إلي الأرض وهدية الخالق إلي المخلوق ، وهي دين الله القويم ، وطريقه المستقيم ، وقد اختارها الله وجعلها الطريق الموصل إليه سبحانه فقال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ النحل : 125 .

لذلك كانت الدعوة إلى الله فريضة شرعية وضرورة إجتماعية ، فعلى افراد الأمة أن يستشعروا المسؤولية نحو أنفسهم وأسرهم وإصلاح  مجتمعاتهم ،

فالجميع على ثَغر من ثغور الإسلام ، فيجب على المسلم أن يكون حارسا لدينه وأمته من منطلقٍ تكليف النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بقوله : " كلكم راعٍ ، وكلكم مسؤول عن رعيته " .

وإذا غاب الشعور بالمسؤولية تعطلت الحياة ، وتراجع العطاء والانتاج ، لكن المسؤول الواثق بنفسه يعرف طريقه إلى النجاح والفلاح ، فيكون الإرتقاء بمسؤولية حليفه في كل خطوةٍ أو مهمةٍ يقوم بها في كافة مجالات الحياة .

والحديث عن المسؤولية الدعوية يقتضي تعريف الدعوة الإسلامية ومشروعيتها  ثم تعريف المسؤولية بصفة عامة والمسؤولية الدعوية ، ثم بيان جوانب المسؤولية الدعوية  ، والخطوات الإدارية لتعزيزها ، وصفات المسؤول  وبيان ذلك في الآتي :


أولا : تعريف الدعوية ومشوعيتها :

يسبق تعريف المسؤولية الدعوية تعريف الدعوة الإسلامية ومشروعيتها  ثم تعريف المسؤولية  بصفة عامة وبيان ذلك في الآتي :

أ - تعريف الدعوة الإسلامية :

يعريف الدكتور توفيق الواعي الدعوة الإسلامية بأنها :
جمع الناس علي الخير ، ودلالتهم علي الرشد بتنفيذ منهج الله علي الأرض قولا وعملا ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، وإرشادهم إلي الطريق المستقيم ، والصبر والمصابرة علي أعباء البلاغ ، مصدقا لقوله تعالي : (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) .

ب - مشروعية الدعوة إلى الله تعالى :

والدعوة إلي الله تعالي مشروعة علي سبيل الفرض والإيجاب ، لا يصح إهمالها ، أو التواني والتفريط فيها ، فهي من فرائض الدين ، والأدلة على ذلك كثيرة بيانها في الآتي :

1. قوله سبحانه وتعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون )َ سورة آل عمران الآية 104.
 2. ومنها قوله جل وعلا: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) سورة النحل من الآية 125.
3. ومنها قوله عز وجل: (وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) سورة القصص من الآية 87.
 ومنها قوله سبحانه: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) سورة يوسف من الآية 108.
 فيبين سبحانه أن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم الدعاة إلى الله. وهم أهل البصائر والواجب كما هو معلوم هو اتباعه والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) سورة الأحزاب الآية 21..


ثانيا المسؤولية الدعوية مشروعيتها وحكمها :

المسؤولية بصفة عامة في الإسلام واجب شرعي وأخلاقي يجب على كل من تحمل شيئاً منها أن يقوم بها خير قيام براءة لذمته وحتى لا يكون ظالماً لغيره ، ومن المسؤولية العامة تكون المسؤوليةالدعوية ، ونبين أدلة المسؤولية العامة والدعوية في الآتي :

1. أدلة المسؤولية العامة :
روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) .
وقال الله تعالى ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ الحجر: 92، 93 ، وقال تعالى ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مسؤولونَ ﴾ .

والمسؤولية فردية لأن التكليف فردى والحساب كذلك يوم القيامة ،
قال تعالى ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ مريم: 93 - 95 .
ويقول الحق سبحانه : { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } المدثر : 38  ، ويقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم : " كلكم راعٍ ، وكلكم مسؤول عن رعيته " .

2. أدلة المسؤولية الدعوية :

وإذا كانت الدعوة إلي الله تعالي واجبة ومفروضة علي النحو السالف بيانه ، فإنها مسئولية المسلمين جميعاً ، يعني مطلوبة من كل المسلمين ، كلٌ حسب طاقاته وإمكاناته ، ولا يعفي أحد من القيام بهذا الواجب .

1 - قوله تعالي : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) ، والشهادة علي الناس تقتضي البلاغ لهم ، وتمام البلاغ إنما يكون بتضافر كل الجهود الفردية والجماعية ، وذلك هو العموم أو عينية الوجوب .

2 - وقوله تعالي : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ، ومعناها ان المؤمنين مكلفون جميعاً بهذا الأمر وعليكم  أن تختاروا طائفة منكم لتقوموا بهذا الواجب وضرورة الوقوف من ورائها ، وحمايتها من سطوة كل جبار عنيد ، فالكل إذاً في دعوة كل حسب طاقاته وإمكانياته التي وهبها الله عز وجل .


ثالثا : جوانب المسؤولية الدعوية :

الإصلاح الشامل مسؤولية المسلم ، وهي مسؤولية ضخمة ورسالة سامية لها جوانب عديدة هي : أصلاح المسلم لنفسه وأهله ، وإرشاده لمجتمعه ، ونصحه لحاكمه ، وسعيه لإعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية ، وبيان هذه الجوانب في التالي :

1. المسؤولية عن النفس :

فعلى المسلم أن يقوم بإصلاح بنائه وتشييده بأن يكون سليم العقيده ، صحيح العباده ، مجاهدا لنفسه ، حريصا على وقته ، منظما في شؤونه ، نافعا لغيره ، قوي الجسم ، متين الخلق ، مثقف الفكر ، قادرا على الكسب .

2 . المسؤولية عن الزوجة والأولاد :

بأن يحملهم على احترام فكرته، والمحافظة على آداب الإسلام في كل مظاهر الحياة المنزلية ، وحسن اختيار الزوجة ، وتوقيفها على حقها وواجبها ، وحسن تربية الأولاد والخدم وتنشئتهم على مبادئ الإسلام .
قال تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا } طه:132.
وعن إسماعيل عليه السلام قال الله تعالى : {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا } مريم:55 .

3 . المسؤولية عن إرشاد المجتمع :

بأن ينشر دعوة الخير فيه ، ومحاربة الرذائل والمنكرات ، وتشجيع الفضائل، والأمر بالمعروف ، والمبادرة إلى فعل الخير ، وكسب الرأي العام إلى جانب الفكرة الإسلامية، وصبغ مظاهر الحياة العامة بها دائما ً.

4 . المسؤولية عن إصلاح الحكومة :

حتى تكون إسلامية بحق ، منفذة لأحكام الإسلام وتعاليمه. ومن صفاتها: الشفقة على الرعية، والعدالة بين الناس ، والعفة عن المال العام،
ومن واجباتها : صيانة الأمن، وإنفاذ القانون ، ونشر التعليم، وتنمية الثروة ، وتقوية الأخلاق، ونشر الدعوة.
ومن حقها –متى أدت واجبها الولاء والطاعة، فإذا قصرت، فالنصح والإرشاد ثم الخلع والإبعاد فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

  5- ومسؤول عن اعادة الكيان الدولي للأمة :

فلا تكتمل المسؤولية في الإصلاح حتى تحرر أوطان الامة ويحيي مجدها وتتقارب ثقافتها وتجمتع كلمتها ، فتتحقق بذلك الخلافة المفقودة والوحدة المنشودة .
ولا شك أن هذه المهام والمسؤوليات جسام لا يستطيعها الفرد بنفسه ولذلك فهي مسؤولية الأمة مجتمعة ، فعليها أن توحد صفها وتعد عدتها لتنشر دعوة الإسلام في ربوع المعمورة ، فتصل بذلك لغايتها وهي أستاذية العالم كما قال تعالى (حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) الأنفال : 39


رابعا : الخطوات الإدارية لتعزيز المسئولية :

المسئولية هو الوقود الذي يحرك نحو الهدف ، وهي عنصر لا غنى عنه من أجل تقدير الذات الإيجابي، والاعتماد على النفس ، ولكن قيام المسؤولية تحتاج خطوات ادارية وعملية لتعزيزها في نفس المسؤول ، وهي كالآتي:

1 - معرفة تفاصيل المسؤولية التي يجب القيام بها  ،
بأن يتفاعل المسؤول في أدائها بصورةٍ أكثر بأن يعرف ماذا يراد منه ، ومتى عرف أهمية ذلك وأدركه على وجه التحديد سعى بجدٍ وإخلاصٍ لتحقيقه وإنجازه .

2 - إدراك التحديَّات والمخاطر التي تهدِّد الأمَّة الإسلاميَّة ،
فإنَّ معرفة هذه الأخطار والمؤامرات التي تحاك ضدَّ الأمَّة فيهارفعٌ للهمَّة وتقويةٌ للعزيمة ودفعٌ للذاتيَّة، وإقدامٌ على تبليغ دعوة الله والأخذ بالأسباب في مواجهة هذه التحدِّيات التي تريد النيل من الإسلام والمسلمين، وقد ورد في الأثر: " من لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم ".

3 -البعد عن الروتين والرتابة لأنهما يقتلان روح المسؤولية ،
فليحاول المسؤول  أن يُجدِّد في أسلوب التعامل مع مسؤولياته ، ولا يكن نمطياً أو جامداً على حالةٍ واحدة ، فالركود والتقليد الأعمى يحولان المسؤوليات إلى أعباء لا يطيق الكاهل حملها .

4 - تحديد الأدوار وتنفيذ الالتزامات والمسئوليات المنوطة بالمسؤول ، وأداء أدواره بأمانة ، والحرص على فهم الأمور وحقيقتها قبل الحكم عليها .

5 - التعرف على التحديات والمشاكل المتوقعة، ووضع الحلول المناسبة لها ، واتخاذ القرارات المهمة، وتحديد خطة زمنية محددة لتنفيذها.

6 - وضع الأولويات، وتحديد الأعمال والمهمات المطلوب تنفيذها ، والتحلي بالمرونة اللازمة للتعامل مع المتغيرات المختلفة .

7 - .الإنشغال بمـا هو مسؤولٌ عنه :
فمن اشتغل بغير الـمهم ضيّع الأهم ، ولا يؤجِّل القيام بمـا عليه القيام به من المسؤوليات لأنّها حينئذٍ تتراكم وتكثُر ، وقد يهمل أو ينسى فيصعُب عليه القيام بها ، وعندئذٍ يؤاخذ على تقصيره .

8 - محبة العمل والرضى بالمسؤولية :
 وليجتهد في أن يقبل على ذلك كله بنفس راضيةٍ وهمةٍ عاليةٍ ، ليجد في ذلك الـمُتعة والأُنس والتسلية والسعادة . وعليه أن يهتم كثيراً بالعلاقات الإنسانية بينه وبين من حوله ومن تتعامل معهم من خلال مُراعاة مشاعر الزملاء ، والتلطف مع العاملين ، وتقدير الظروف ، واحترام الصداقة ، وغرس الثقة ، والاتصاف بالمرونة اللازمة في التعامل مع الأفراد والمواقف .


خامسا : صفات المسؤول عن الدعوة الفردية :

المسؤول عن الدعوة الفردية يطلق عليه داعية ، ولابد أن تتوافر فيه صفات أو أخلاق أهمها :

1 - الإخلاص :
وهذا يعني أن يكون مقصد الداعية من قوله وفعله وجه الله وابتغاء مرضاته وحسن مثوبته ، من غير نظر إلي مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر ، واضعا نصب عينيه قول الله تعالى : (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ ) .

2 - الأسوة والقدوة :
بمعني أن يكون الداعية صورة صحيحة وصادقة لكل ما يدعو إليه ، ويريد غرسه في المدعو ، بل أن يكون فعله أو سلوكه قبل قوله أو كلامه ؛ نظراً لأن التأثر بالسلوك أو بالفعل يسبق التأثر بالقول أو بالكلام ، وما نجح المرسلون والمسلمون الأوائل في التأثير في الناس إلا  بخلق الأسوة والقدوة .

3 -'إستشعار المسؤولية كتكليفٌ لا تشـريف :
وهذا يفرض علي المسؤول أن يكون قوياً أميناً مصداقاً لقوله تعالى : { إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ } القصص : من الآية 26 .
فمن الواجب أن يراقب  الله تعالى في كل شأنٍ من شؤونه ، وأن يكون أميناً في تحمله للمسؤولية مُخلصاً في أدائها ، سائلاً الله تعالى العون والتوفيق والسدّاد والصلاح والفلاح .

 4 .  التأسِّي بأصحاب القدوة في التاريخ :
 فالصحابة الأعلام ومن سار على دربهم من السلف والتابعين ضربوا أعظم الأمثلة، ودشَّنوا الكثير من المواقف البطوليَّة والدعويَّة التي تدلٌّ على حسن فهم ودراية ووعي هؤلاء بأهمِّيَّة الرسالة التي يتحمَّلون مسئوليَّتها.

5 - أداء المسؤولية بروح الجماعة :
فالعمل الجماعي يخفف من ثقل المسؤولية ، ويؤدي إلى الإبداع في انجازها ، فليحرص المسؤول على كسب احترام من معه ليكونوا أول من يتبنى رأيه ، وهنا يحرصون على نـجاحه لرؤيتهم أنهم شركاء في المسؤولية .

6 - الصبر والاحتساب :
فعلى الداعية أن يوطن  نفسه علي تحمل كل ما يصيبه من أذي طاعة لله ، ويصبر ويحتسب  لأنه يدعو إلي الانخلاع عن أخلاق وعادات وأعراف تأصلت في حياة المدعوين ما أنزل الله بها من سلطان وهي محل معارضة شديدة منهم.
فعلى الداعية أن يوطن نفسه علي والصبر والاحتساب ،عملا بقول الله تعالى : (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ . ) .

7 - توقع الإخفاق أو الفشل :
ومعناه : أن يوغل في المدعوين برفق ، واضعا في تقديره دائما أنه ليس من المأمول أن يستجيب كل هؤلاء المدعوين لدعوته ؛ لئلا يصاب بالإحباط أو خيبة الأمل ، فإن حدث واستجاب الجميع فذلك الله تعالي ومنته ، ولله الأمر من قبل ومن بعد ، و" إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء لقوله تعالى " و (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) .

5 - الفهم العميق لدعوته وفقهها :
بأن يكون الداعية علي دراية تامة بإسلامه ، وبمهمته في الحياة ، وبأي المدعوين يبدأ وأيهم يؤخر ، وبالظروف المحيطة بمن يدعوه ، ويلتمس أفضل السبل والأساليب لتوصيل الدعوة إليه .
وصدق الله العظيم : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) .

6 - التضحية :
فعلى الداعية أن يجود  بكل ما يملك من نفس ومن وقت وعلم ، ومال ، حتى يحوز ثقة الناس من ناحية ، ويؤثر فيهم من ناحية أخري ،وهكذا كانت تضحيات النبي صلي الله عليه وسلم بكل شيء ، حتى كتب الله لدعوته النجاح والخلود ، وهو نهج سائر المسلمين المجاهدين إلي يومنا هذا .

7 - الرفق أو اللين :
الرفيق اللين يفتح مغاليق القلوب ، ويكسب ثقة الناس ومودتهم ، فلا فظاظة ولا خشونة ولا عنف ، لحال نبيه محمد صلي الله عليه وسلم في دعوته كما وصفه القرآن قال تعالى : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )

8 - العمل مع أكثر من شخص :
حتى لا يستهلك الداعية وقته وجهده مع شخص واحد أو إنسان بعينه رغبة في جذبه للدعوة ، فيقابله كثيرا ، ويلح عليه طويلا ، ويشغل نفسه به دوما ، بل عليه أن يجعل عمله مع أكثر من شخص ، فإن أخفق مع واحد نجح من غيره ؛ لأن العمل مع شخص واحد ، مع محاولة الضغط عليه ومحاضرته أمر يثير في نفسه الشكوك والظنون وقد ينفر ، وتكون النتيجة عكسية ، إلا من رحم الله .

9 - التأني أو التروي وعدم الاستعجال :
فعلى الداعية أن يكون طويل النفس مع المدعو ، حتى يسبر غوره وينضجه علي نار هادئة كما يقولون ، فليست العبرة بالكم بقدر ما هي بالنوعية والكيف ، وحسبك أنك ماض في طريقك وأنك لم تحرم الثواب .

10 - التحرك من خلال خطة :
والمراد : أن يكون لدي الداعية خطة محددة الأهداف والغايات والأساليب ، بل والبدائل عند الإخفاق أو الفشل في وسيلة ما ، ليوفر بذلك الجهد والوقت ، ويتجنب العثرات أو المعوقات ، ويملأ الفراغ علي المدعو ولا يدخل به في خلافيات أو فرعيات .

11 - الأمل والثقة في الله :
الداعية لا يفقد الرجاء من أحد يدعوه ، فكل إنسان لا يخلو من الخير ، والداعية الموفق هو الذي يهتدي إلي مفتاح هذا الخير .
وفائدة هذا الخلق أنه يحمل صاحبه علي المضي في الطريق وعدم التوقف ، ويحثه على ابتكار وسيلة إن لم يجد وسيلة سابقة ، فالحاجة أم الاختراع .

 12 - حمد الله تعالى وشكره على ما تم من إنجازه من مهام :
  فالإنجزات تستحق شكر الله تعالى وإن كانت يسيرة ، وهذا الشكر الخالص لله تعالى حافزا  للتوفيق المستمر وسببا في المزيد ، لأن النِعمُ تدوم بشُكرها



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق