الاثنين، 7 يوليو 2014

قيام الليل مشروعيته وفضله وثمراته وإحياوه ووسائل تيسيره إعداد : محمد أبوغدير المحامي

قيام الليل 
مشروعيته وفضله وثمراته
 وإحياوه ووسائل تيسيره

إعداد : محمد أبوغدير المحامي

قيام الليل سبيل النصر والنجاح:

قيام الليل أن تخلو بربك والناس نيام وقد سكن الكون كله وأرخى الليل سدوله وغابت نجومه ، فتستحضر قلبك وتتذكر ربك وتتمثل ضعفك وعظمة مولاك ، فتأنس بحضرته ويطمئن قلبك بذكره وتفرح بفضله ورحمته ، وتبكى من خشيته وتشعر بمراقبته ، وتلح في الدعاء وتجتهد في الاستغفار ، وتفضي بحوائجك لمن لا يعجزه شيء ، ولا يشغله شيء عن شيء ، وتسأله لدنياك وآخرتك وجهادك ودعوتك وآمالك وأمانيك ووطنك وعشيرتك ونفسك وإخوتك ، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.
قيام الليل بداية النصر وطريق النجاح ، به ترق القلوب وتتزكى النفوس العقول وتتهذب سائر الجوارح ، فمن يتحدَّى شهوة النوم التي تغلب كل البشر، وينتصر عليها؛ ليقوم مناجيًا ربه بلا جزع أو فزع، فهو صاحب قوة لا يمكن مضاهاتها ومن ثم يستبعد معه القعود والركون وينتفي أمامه الخوف والجبن، ويستحيل في حقه الفرار ويكون النصر والنجاح بإذن الله تعالى واقعًا بإذن الله تعالى .
قيام الليل أرضٌ خصبة لتربية الرجال، وسبيل مهم للنصر على الأعداء، وقد كان قادة الحروب إذا مرُّوا على الجنود ورأوهم يقيمون الليل، يقولون: من هنا يأتي النصر، وإذا وجدوا الجنود نائمين يقولون: من هنا تأتي الهزيمة.

مشروعية قيام الليل

من القرآن الكريم  :
 قال  تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون } السجدة:16 .
 وقال تعالى: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } الذاريات :18،17.
وقال تعالى أيضا : {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} الزمر:9.

ومن السنة المطهرة :
قوله عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد }رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني .
وقال صلى الله عليه وسلم : { أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس }رواه الحاكم والبيهقي وحسنه الألباني .
 وذكر عند النبي رجل نام ليلة حتى أصبح فقال: { ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه !! } [متفق عليه].
وقال عليه الصلاة والسلام : { أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } رواه مسلم.

هدي النبي في قيام الليل:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: { كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقالت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ }متفق عليه
 وعن حذيفة قال: { صليت مع النبي ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مُتَرَسلاً، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوّذ تعوذ... الحديث } [رواه مسلم] ، 
وعن ابن مسعود قال: { صليت مع النبي ليلة، فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء. قيل: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأَدَعَهُ ! } متفق عليه.

فضل قيام الليل وثمراته:
-1 قيام اللّيل والتسبيح فيه يورث العبد الرضا : قال تعالى: {َاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} طه:130
 -2 قيام اللّيل سبب للفهم عن الله والتوفيق، قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} المزمل:]
 -3 قيام الليل دأب الصالحين، ففي الحديث الصحيح: «عليكم بقيام اللّيل فإنّه دأب الصالحين قبلكم».
-4  قيام اللّيل يطرد الغفلة، ففي الحديث الصحيح:«من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين -والقنطار ألف ومائتا أوقية- والأوقية خير مما بين السماء والأرض.
 -5 قيام الليل صلة بالله وقربة، ففي الحديث الصحيح: «عليكم بقيام اللّيل، فإنّه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى».
6 ،  7،  -8 قيام اللّيل منهاة عن الإثم وتكفير للسيئات ومطردة للداء عن الجسد: ففي الحديث الصحيح: «عليكم بقيام اللّيل فإنّه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد».
 -9 قيام الليل شرف المؤمن: ففي الحديث الحسن: «واعمل أن شرف المؤمن قيامه باللّيل».
-10 قيام اللّيل يجعل المتهجد طيب النفس: ففي الحديث الصحيح: «فإن صلى انحلت عقده كلّها، فأصبح نشيطاً طيب النفس.
 -11 المتهجدون خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره: قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ، ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ (39) عبس:38 - 39]
 -12 قيام اللّيل سبب لإجابة الدعاء: ففي صحيح البخاري: «من تعار من اللّيل فقال: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله)) ثم قال: (اللهم اغفر لي) أو دعا استُجيب له»».
 -13 قيام اللّيل من موجبات الرحمة: قال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} الزمر:9
وفي الحديث الصحيح: «رحم الله رجلاً قام من اللّيل وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من اللّيل فصلت وأيقظت زوجها فصلّى فإن أبى نضحت في وجهه الماء».
وأخيراً فثواب القيام لا تحيط به العقول وتقصر عنه العبارات ويكفيك لحديث الصحيح: «إذا استيقظ الرجل من اللّيل، أيقظ أهله وصليا ركعتين، كُتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات» قال ابن مسعود رضي الله عنه : " من قال في قيام اللّيل ((سبحان الله والحمد ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله)) كان له من الأجر كألف ألف حسنة»

وسائل قيام الليل :

صلاة الليل :
صلاة قيام الليل هي ما يصليه المسلم نفلا بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، والأفضل تأخير صلاة الوتر عنها، وإذا صلاها قبلها صحت ، وأما صلاة التهجد فهي ما يصليه المرء بعد قيامه من النوم في السدس الأخير من الليل إلى طلوع الفجر،
حث الله المؤمنين ورغبهم في قيام الليل والصلاة فيه فقال تعالى: ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ) الإسراء ، وقال أيضا مادحاً المؤمنين: (والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً 9)الفرقان، وقال سبحانه يصف قيام الليل: (إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلاً ) المزمل.
وقت التهجد هو الثلث الأخير من الليل ، وقد حث النبي على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد}  رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني ، وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة النبي بالليل؟ قالت: " كان ينام أوله ويقوم آخره فيصلي ثم يرجع إلى فراشه فإذا أذن المؤذن وثب فإن كان به حاجة اغتسل، وإلا توضأ وخرج " رواه البخاري

استغفار السحر:
الاستغفار : هو طلب المغفرة للذنوب والإقالة من العثرات من الله العزيز الغفار، وأفضل وقت للاستغفار هو وقت السحر قال تعالى : ( وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) الذريات :18 .
وقد حث الله المؤمنين ورغبهم في الاستغفار فقال تعالى  ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 199]، وقوله: ﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 18]، وقوله: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 135]، وقوله: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].
وأفضل صيغ الإستغفار سيد الإستغفار عنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْت منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا  فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ(.

الدعــــاء :
الدعاء هو : استدعاءُ العبدِ ربَّه عزَّ وجلَّ العنايةَ، واستمدادُه منه المعونةَ. وحقيقته: إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرُّؤ من الحول والقوّة، وهو سمةُ العبودية، واستشعارُ الذلَّة البشريَّة، وفيه معنى الثناء على الله عزَّ وجلَّ، وإضافة الجود والكرم إليه.
وقد حث النبي  أصحابه ورغبهم في الدعاء في جوف الليل فروي عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا قال رسول الله (ينزل الله عز و جل إلى السماء الدنيا في كل ليلة إذا مضى ثلث الليل الأول ثم ينادي مناد هل من مستغفر فيغفر له هل من سائل فيعطى هل من داع فيستجاب له (، والدعاء سلاح المؤمن كما روى الحاكم في صحيحه من حديث على بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السموات والأرض" .

الذكــــر:
قال ابن عطاء الله السكندري: الذكر هو التخلص من الغفلة والنسيان بدوام حضور القلب مع الحق، بترديد اسم الله وصفاته بالقلب واللسان أو حكم من أحكامه أو فعل من أفعاله أو غير ذلك مما يُتقرَّبُ به إلى الله تعالى
وقد حث الله المؤمنين ورغبهم في الذكر فقال تعالى :  {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسَبِّحُوه بكرةً وأصيلاً} [الأحزاب: 41 ، وقال تعالى: {واذكرْ ربك كثيراً وسبح بالعشي والإبكار) آل عمران 41 ، وقال سبحانه : {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} الرعد: 28 ،وقال أيضاً: {واذكر اسم ربك وتبت إليه تبتيلاً} المزمل8  .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم “ :مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربَّهُ مثل الحي والميت رواه البخاري ، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من قومٍ اجتمعوا يذكرون الله عز وجل لا يريدون بذلك إلا وجهه؛ إلا ناداهم منادٍ من السماء أن قوموا مغفوراً لكم فقد بُدلت سيئاتكم حسنات رواه الإمام أحمد ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الرب تبارك وتعالى: مَن شغلَهُ قراءةُ القرآن وذكري عن مسألتي أعطيتُهُ أفضلَ ما أُعطي السائلين ”[أخرجه الترمذي

الأسباب الميسِّرة لقيام الليل:

الأسباب الظاهرة وهي:
الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم ويثقل عليه القيام.
الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
الثالث: ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.
الرابع: ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.

وأما الأسباب الباطنة فهي:
الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.
الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل.
الرابع: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.
الخامس: النوم على نية القيام للتهجد ليُكتب لك،وعلى طهارة على الجانب الأيمن والمواظبة على أذكار النوم.
السادس: سؤال المولى عز وجل ودعاؤه أن يمُن عليك بالقيام

دعاء قيام الليل :

اللهم لك الحمد أنت قيوم السـموات والأرض ومن فيهن،ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والنبيين حق ومحمد حق والساعة حق,اللهم لك أسلمت,وبك آمنت, وعليك توكلت,واليك انبت,وبك خاصمت,واليك حاكمت,فاغفر لي ما قدمت وما أخرت, وما أسررت وما أعلنت, أنت الله لا اله إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق