الأحد، 1 نوفمبر 2015

قيام الليل مشروعيته وفضله وثمراته وإحياوه ووسائل تيسيره ... إعداد : محمد أبوغدير المحامي



قيام الليل سبيل النصروالنجاح:

قيام الليل أن تخلو بربك والناس نيام وقد سكن الكون كله وأرخىالليل سدوله وغابتنجومه ، فتستحضر قلبك وتتذكر ربك وتتمثل ضعفك وعظمة مولاك ،فتأنس بحضرته ويطمئنقلبك بذكره وتفرح بفضله ورحمته ، وتبكى من خشيته وتشعر بمراقبته ، وتلح في الدعاء وتجتهد في الاستغفار، وتفضي بحوائجك لمن لا يعجزه شيء ، ولا يشغله شيء عن شيء ، وتسألهلدنياك وآخرتك وجهادكودعوتك وآمالك وأمانيك ووطنك وعشيرتك ونفسك وإخوتك ، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.
قيام الليل بداية النصر وطريق النجاح ، به ترق القلوب وتتزكى النفوسالعقول وتتهذب سائر الجوارح ، فمن يتحدَّى شهوة النوم التي تغلب كل البشر، وينتصرعليها؛ ليقوم مناجيًا ربه بلا جزع أو فزع، فهو صاحب قوة لا يمكن مضاهاتها ومن ثميستبعد معه القعود والركون وينتفي أمامه الخوف والجبن، ويستحيل في حقه الفرارويكون النصر والنجاح بإذن الله تعالى واقعًا بإذن الله تعالى .
قيام الليل أرضٌ خصبة لتربية الرجال، وسبيل مهم للنصر على الأعداء، وقدكان قادة الحروب إذا مرُّوا على الجنود ورأوهم يقيمون الليل، يقولون: من هنا يأتيالنصر، وإذا وجدوا الجنود نائمين يقولون: من هنا تأتي الهزيمة.

مشروعية قيام الليل

من القرآنالكريم :
قال تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِيدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون } السجدة:16 .
وقال تعالى: {كَانُوا قَلِيلاًمِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } الذاريات :18،17.
وقال تعالى أيضا : {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداًوَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِيالَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواالْأَلْبَابِ} الزمر:9.

ومن السنة المطهرة:
قوله عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم،وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد}رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني .
وقال صلى الله عليه وسلم : { أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنكميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمنقيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس }رواه الحاكم والبيهقي وحسنه الألباني .
وذكر عند النبي رجل نام ليلة حتىأصبح فقال: { ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه !! } [متفق عليه].
وقال عليه الصلاة والسلام : { أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } رواه مسلم.

هدي النبي في قيامالليل:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: { كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه.فقالت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ }متفق عليه
وعن حذيفة قال: { صليت مع النبيذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آلعمران فقرأها، يقرأ مُتَرَسلاً، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤالسأل، وإذا مر بتعوّذ تعوذ... الحديث } [رواه مسلم] ،
وعن ابن مسعود قال: { صليت مع النبي ليلة، فلم يزل قائماً حتى هممت بأمرسوء. قيل: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأَدَعَهُ ! } متفق عليه.

فضل قيام الليل وثمراته:

-قيام اللّيل والتسبيح فيه يورث العبد الرضا : قال تعالى: {َاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْبِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءاللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} طه:130
-2 قيام اللّيل سبب للفهم عن اللهوالتوفيق، قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِهِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} المزمل:]
-3 قيام الليل دأب الصالحين، ففي الحديث الصحيح: «عليكم بقيام اللّيل فإنّهدأب الصالحين قبلكم».
-4 قيام اللّيل يطرد الغفلة، ففي الحديث الصحيح:«من قام بعشر آيات لميكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتبمن المقنطرين -والقنطار ألف ومائتا أوقية- والأوقية خير مما بين السماء والأرض.
-5 قيام الليل صلة بالله وقربة، ففي الحديث الصحيح: «عليكم بقيام اللّيل، فإنّه دأبالصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى».
6 ، 7، -8 قيام اللّيل منهاة عن الإثم وتكفيرللسيئات ومطردة للداءعن الجسد: ففي الحديث الصحيح:«عليكم بقيام اللّيل فإنّه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى،ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد».
-9 قيام الليل شرف المؤمن:ففي الحديث الحسن: «واعمل أن شرف المؤمن قيامه باللّيل».
-10 قيام اللّيل يجعل المتهجد طيب النفس: ففي الحديثالصحيح: «فإن صلىانحلت عقده كلّها، فأصبح نشيطاً طيب النفس.
-11 المتهجدون خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره:قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ، ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ (39) عبس:38 -39]
-12 قيام اللّيل سبب لإجابة الدعاء: ففي صحيح البخاري: «من تعار من اللّيلفقال: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلشئ قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوةإلا بالله)) ثم قال: (اللهم اغفر لي) أو دعا استُجيب له»».
-13 قيام اللّيل من موجبات الرحمة: قال تعالى: {أَمَّنْهُوَ قَانِتٌ آنَاءاللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُورَحْمَةَ رَبِّهِ}الزمر:9
وفي الحديث الصحيح: «رحم الله رجلاً قام من اللّيلوأيقظ امرأته فصلت،فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من اللّيلفصلت وأيقظت زوجهافصلّى فإن أبى نضحت في وجهه الماء».
وأخيراً فثواب القيام لا تحيط به العقول وتقصر عنه العبارات ويكفيكلحديث الصحيح: «إذااستيقظ الرجل من اللّيل، أيقظ أهله وصليا ركعتين، كُتبا منالذاكرين الله كثيراًوالذاكرات» قال ابن مسعود رضي الله عنه : " من قال في قيام اللّيل((سبحان الله والحمد ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله)) كان له منالأجر كألف ألف حسنة»

وسائل قيام الليل :

صلاة الليل :
صلاة قيام الليل هي ما يصليه المسلم نفلا بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر،والأفضل تأخير صلاة الوتر عنها، وإذا صلاها قبلهاصحت ، وأما صلاة التهجد فهي ما يصليه المرء بعد قيامه من النوم في السدس الأخيرمن الليل إلى طلوع الفجر،
حث الله المؤمنين ورغبهم في قيام الليل والصلاة فيه فقال تعالى: ( ومنالليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ) الإسراء ، وقال أيضامادحاً المؤمنين: (والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً 9)الفرقان، وقال سبحانهيصف قيام الليل: (إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلاً ) المزمل.
وقت التهجد هو الثلث الأخير من الليل ، وقد حث النبي على قيام الليل ورغّبفيه، فقال عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنهدأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عنالإثم،ومطردة للداء عن الجسد} رواه أحمد والترمذي وصححهالألباني ، وقد سئلتالسيدة عائشة رضيالله عنها كيف كانت صلاة النبي بالليل؟ قالت: " كان ينام أوله ويقوم آخرهفيصلي ثم يرجع إلى فراشه فإذا أذن المؤذن وثب فإن كان به حاجة اغتسل، وإلا توضأ وخرج "رواه البخاري .

استغفار السحر:
الاستغفار : هو طلب المغفرة للذنوب والإقالة من العثرات من الله العزيزالغفار، وأفضل وقت للاستغفار هو وقت السحر قال تعالى : ( وَبِالْأَسْحَارِ هُمْيَسْتَغْفِرُونَ) الذريات :18 .
وقد حث الله المؤمنين ورغبهم في الاستغفار فقال تعالى ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 199]، وقوله: ﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات: 18]، وقوله: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواأَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُالذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 135]، وقوله: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًاأَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًارَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].
وأفضل صيغ الإستغفار سيد الإستغفار عنْ شَدَّادِبْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّصَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ :اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ ،وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ماصنَعْتُ ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ ،وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي ، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْت منْقَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ ،ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح، فهُومِنْ أَهْلِ الجنَّةِ(.

الدعــــاء :
الدعاء هو : استدعاءُ العبدِ ربَّه عزَّ وجلَّ العنايةَ، واستمدادُه منهالمعونةَ. وحقيقته: إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرُّؤ من الحول والقوّة،وهو سمةُ العبودية، واستشعارُ الذلَّة البشريَّة، وفيه معنى الثناء على الله عزَّوجلَّ، وإضافة الجود والكرم إليه.
وقد حث النبي أصحابه ورغبهم فيالدعاء في جوف الليل فروي عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا قال رسولالله (ينزل الله عز و جل إلى السماء الدنيا في كل ليلة إذا مضى ثلث الليلالأول ثم ينادي مناد هل من مستغفر فيغفر له هل من سائل فيعطى هل من داعفيستجاب له (، والدعاء سلاح المؤمن كما روى الحاكم في صحيحهمن حديث على بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم: "الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السموات والأرض" .

الذكــــر:
قال ابن عطاء الله السكندري: الذكر هو التخلص من الغفلةوالنسيان بدوام حضورالقلب مع الحق، بترديد اسم الله وصفاته بالقلب واللسان أو حكم من أحكامه أو فعل منأفعاله أو غير ذلك مما يُتقرَّبُ به إلى الله تعالى
وقد حث الله المؤمنين ورغبهم في الذكر فقال تعالى : {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراًكثيراً وسَبِّحُوهبكرةً وأصيلاً} [الأحزاب: 41 ، وقال تعالى: {واذكرْ ربك كثيراً وسبح بالعشيوالإبكار) آل عمران 41، وقال سبحانه :{الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوبالرعد: 28 ،وقال أيضاً: {واذكر اسم ربك وتبت إليه تبتيلاً}المزمل.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلىالله عليه وسلم “ :مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربَّهُ مثلالحي والميترواهالبخاري ، وعن أنس بنمالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من قومٍ اجتمعوا يذكرون الله عز وجل لا يريدونبذلك إلا وجهه؛ إلا ناداهم منادٍ من السماء أن قوموا مغفوراً لكم فقد بُدلتسيئاتكم حسنات رواهالإمام أحمد ، وعنأبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليهوسلم:يقول الرب تبارك وتعالى: مَن شغلَهُ قراءةُالقرآن وذكري عن مسألتي أعطيتُهُ أفضلَ ما أُعطي السائلين ”[أخرجه الترمذي

الأسباب الميسِّرة لقيامالليل:

الأسباب الظاهرة وهي:
الأول: ألا يكثرالأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم ويثقل عليه القيام.
الثاني: ألا يتعبنفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
الثالث: ألا يتركالقيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.
الرابع: ألا يرتكبالأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.

وأما الأسبابالباطنة فهي:
الأول: سلامة القلبعن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.
الثاني: خوف غالبيلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث: أن يعرف فضلقيام الليل.
الرابع: الحب لله،وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.
الخامس: النوم علىنية القيام للتهجد ليُكتب لك،وعلى طهارة على الجانب الأيمن والمواظبة علىأذكار النوم.
السادس: سؤال المولىعز وجل ودعاؤه أن يمُن عليك بالقيام .

دعاء قيام الليل :
اللهم لك الحمد أنت قيوم السـموات والأرض ومن فيهن،ولكالحمد أنت ملكالسموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومنفيهن، ولك الحمد أنتالحق ووعدك حق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والنبيين حق ومحمدحق والساعة حق,اللهملك أسلمت,وبك آمنت, وعليك توكلت,واليك انبت,وبك خاصمت,واليكحاكمت,فاغفر لي ما قدمتوما أخرت, وما أسررت وما أعلنت, أنت الله لا اله إلا أنت ولاحول ولا قوة إلا بك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق