الثلاثاء، 31 مايو 2016

كيف نربح رمضان . ؟ . . ١ . نحسن الاستعداد لاستقباله. بقلم محمد أبوغدير المحامي

كيف نربح رمضان . ؟ . ؟ . ؟    ١ . نحسن الاستعداد لاستقباله

السعيد من رتب أوراقه وهيأ نفسه للإستفادة من تلك الفرص قبل قدومها عليه، فلا يدعها تمر حتى يتزود منها بكل ما يحتاجه في رحلته إلى الله عز وجل، كما قال الله تعالى: ] وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197)[(البقرة)

ومن أهم المحطات التي تمر على المسلمين مرة واحدة كل عام: شهر رمضان، فها هي الأيام تمضى ويهل علينا الشهر الكريم بخيره وبركته ... فكيف نستقبله. ؟

1- نستقبله بالتوبة الى الله الرءوف الرحيم التواب ، ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة , فانفلتت منه , وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع في ظلها – قد أيس من راحلته – فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وان ربك – أخطأ من شدة الفرح .

2- استشعار الفضل العظيم والأجر الكبير المترتب على الصيام لان تجديد النية أمر مهم فبعض الناس تعود على الصيام ولم يستشعر الاجر والثواب المترتب على الصيام .

3- ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان إيمانا ً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.

4-  استشعار الفضل العظيم والأجر الكبير المترتب على القيام في هذا الشهر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عله

5- الاكثار من تلاوة القران الكريم وتدبره معانيه وتمعنه فعن عثمان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خيركم  تعلم القرأن ) و علمه عن أبي أمامة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: “اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه” رَوَاهُ مُسلِمٌ..

6-  نستقبل شهر رمضان بحسن الخلق مع الناس كلهم ، وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ان من أحبكم الي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ) رواه الترمذي



الجمعة، 27 مايو 2016

خيانة اليهود بين الأمس واليوم إعداد : محمد أبوغدير المحامي

تقديم :

الذي يمعن النظر في آيات القرآن الكريم يرى أَنَّ الله تبارك وتعالى يصف اليهود - لعنهم الله - بأقبح الصفات والأخلاق ، وأن أخص صفاتهم هي الخيانة والغدر ، لأن اليهود يرون أنفسهم أفضل الأجناس ، ويعتقدون أَنَّهم الجنس السامي والراقي ، وأنهم شعب الله المختار ، وأن الناس جميعاً لهم عبيد .
وبالأمس قتل اليهود الأنبياء وخانوا وغدروا بالرسول في المدينة ، وكانوا وراء الإلحاد ، وسوء الأخلاق ، وفساد التصور والفكر ، وتفكك الأسر وتفتيت المجتمعات ، وفسـاد الصحافة والإعلام ، ولذلك أطلق القرآن وصفه لهم بالسعى في الأرض فسادا ، مطلق الفساد دون تقييده بنوع معين ، وهم  مصدر لكل فساد في كل زمان ومكان .

واليوم أحتل اليهود الاراضي المقدسة ودنسوها ، واخترقوا  العالم الإسلامي ، وسعوا لتفتيته ،  وتخاذل الحكام العرب والمسلمين عن الدفاع عن اوطانهم العربية ومقدساتهم الإسلامية ، وسارعوا وتسابقوا نحو التطبيع الكامل مع العدو الصهيوني .

والحديث حول خيانة اليهود وغدرهم يقتضي بيان العناصر الآتية :
اولا : معنى الخيانة لغةً واصطلاحًا .
 ثانيا : ذكر صفة الخيانة في الكتاب والسنة ، وبيان خيانة اليهود في القرآن الكريم .
ثالثا : خيانة اليهود وغدرهم بالنبي بالمدينة ، وأنهم مصدر كل فساد في كل زمان ومكان .
رابعا : اختراق اليهود العالم الإسلامي والسعي لتفتيته ، وهرولة الحكام نحو التطبيع الكامل معهم . 
خامسا : وسائل الأمة للتصدي لخيانة وغدر اليهود :
وبيان ذلك في الآتية :



أولا : معنى الخيانة لغةً واصطلاحًا :


أ - معنى الخيانة لغةً:

الخيانة نقيض الأمانة، من خانه خَوْنًا وخيانة ومَخَانة، واختانه، فهو خائن وخائنة وخؤون وخَوَّان والجمع خانة وخَوَنَةً وخُوَّان، ويقال: خُنْتُ فلانًا، وخنت أمانة فلان .


٢ - معنى الخيانة اصطلاحًا :

قال الراغب: الخيانة مخالفة الحق بنقض العهد في السر ، والأظهر أنها شاملة لجميع التكاليف الشرعية .

وقال ابن عاشور: حقيقة الخيانة عمل من اؤتمن على شيء بضد ما اؤتمن لأجله، بدون علم صاحب الأمانة .



ثانيا : ذكر الخيانة في الكتاب والسنة  :


أ - ذكر الخيانة في القرآن الكريم : 

قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الأنفال : 27
قال الله تعالى : ( وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ ) الأنفال : 58 .
قال الله تعالى : ( وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ) النساء : 107 .
قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) ، الحج : 38 .


ب - ذكر الخيانة في الحديث الشريف  :

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أربع من كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهنَّ كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ) رواه البخاري ومسلم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اللهم إني أعوذ بك من الجوع، فإنَّه بئس الضجيع ، وأعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانة ) سنن ابن ماجه .
وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ بعدكم قومًا يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السِّمَن ) رواه البخاري .
وعن جابر رضي الله عنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلًا يتخوَّنهم، أو يلتمس عثراتهم ) رواه مسلم .


ج- القرآن الكريم يفضح خيانة اليهود وغدرهم  :

صفة الخيانة والغدر من أخص صفات اليهود إذ أنهم دائماً ينقضون عهد الله وميثاقه، وكذلك يلبسون الحق بالباطل ، وكانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ، قد تكرر في سورة البقرة تذكيرهم بهذا الغدر وهذه الخيانة، وتذكيرهم بنقض عهد الله من بعد ميثاقه وتكرر ذمهم على ذلك في سورة البقرة أربع مرات .

الموضع الأول : قال الله تعالى : ( وَإِذ أَخَذنَا مِيثَاقَكُم وَرَفَعنَا فَوقَكُمُ الطٌّورَ خُذُوا مَا ءَاتَينَاكُم بِقُوَّةٍ, وَاذكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ(63)ثُمَّ تَوَلَّيتُم مِن بَعدِ ذَلِكَ فَلَولاَ فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَكُنتُم مِنَ الخَاسِرِينَ ) 64 البقر .
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أَنَّ موسى عليه السلام لَمَّا رجع من عند ربه بالألواح قال لهم : إِنَّ فيها كتاب الله فقالوا : لن نأخذ بقولك حتى نرى الله جهرة ، فيقول هذا كتابي فخذوه فأخذتهم الصاعقة فماتوا ثم أحياهم ، ثم قال لهم بعد ذلك : خذوا كتاب ربكم فأبوا فرفع فوقهم الجبل جبل الطور ، وقيل لهم : خذوا الكتاب وإِلاَّ طرحناه إليكم فأخذوه ثم نبذوه وراء ظهورهم فلم يعملوا به ولذلك قال الله تعالى : { ثُمَّ تَوَلَّيتُم مِن بَعدِ ذَلِكَ } البقرة ، أي ثم أعرضتم عن الميثاق و الوفاء به.

الموصع الثاني : قال الله تعالى : {وَإِذ أَخَذنَا مِيثَاقَكُم وَرَفَعنَا فَوقَكُمُ الطٌّورَ خُذُوا مَا ءَاتَينَاكُم بِقُوَّةٍ, وَاسمَعُوا قَالُوا سَمِعنَا وَعَصَينَا ) 93 البقرة  .
قال القفال: فحرفوا التوراة وتركوا العمل بها، وقتلوا الأنبياء وكفروا بهم وعصوا أمرهم ) ، فكان لسان حالهم مؤيداً لسان قولهم سمعنا وعصينا .

وأَمَّا الموضع الثالث : فصرح الله فيه بغدر اليهود وخيانتهم ونقضهم عهد الله من بعد ميثاقه قوله تعالى: { وَإِذ أَخَذنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسرَائِيلَ لاَ تَعبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالوَالِدَينِ إِحسَانًا وَذِي القُربَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيتُم إِلاَّ قَلِيلاً مِنكُم وَأَنتُم مُعرِضُونَ ) 83 البقرة .
وهذه الآية تدل على وحدة الدين ووحدة أصوله ، وأصل الدين هو التوحيد ومعناه إفراد الله -تعالى- بالعباد بحيث لا يعبد غيره ولا يعبد معه غيره، إِنَّمَا يعبد وحده لا شريك له، ولهذا أرسل الله الرسل وأنزل الكتب .

الموضع الرابع : قول الله تعالى : { وَإِذ أَخَذنَا مِيثَاقَكُم لاَ تَسفِكُونَ دِمَاءَكُم وَلاَ تُخرِجُونَ أَنفُسَكُم مِن دِيَارِكُم ثُمَّ أَقرَرتُم وَأَنتُم تَشهَدُونَ(84)ثُمَّ أَنتُم هَؤُلاَءِ تَقتُلُونَ أَنفُسَكُم وَتُخرِجُونَ فَرِيقًا مِنكُم مِن دِيَارِهِم تَظَاهَرُونَ عَلَيهِم بِالإِثمِ وَالعُدوَانِ وَإِن يَأتُوكُم أُسَارَى تُفَادُوهُم وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيكُم إِخرَاجُهُم أَفَتُؤمِنُونَ بِبَعضِ الكِتَابِ وَتَكفُرُونَ بِبَعضٍ , فَمَا جَزَاءُ مَن يَفعَلُ ذَلِكَ مِنكُم إِلاَّ خِزيٌ فِي الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَيَومَ القِيَامَةِ يُرَدٌّونَ إِلَى أَشَدِّ العَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ, عَمَّا تَعمَلُونَ ) 85 البقرة.

ومما ينبغي على كل مسلم أن ينتبه له : أن اليهود هم أصل كل فساد وقع في الأرض، وهم الذين أوقدوا نيران جميع الحروب التي وقعت في العالم، فإنهم كما وصفهم الله : ( كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِين ) المائدة 64 .



ثالثا : خيانة اليهود وغدرهم بالنبي بالمدينة ، وأنهم مصدر كل فساد في كل زمان ومكان :

كان اليهود من أقوى سكان المدينة لأنهم يمتلكون ناصية تجارتها ، وقبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة كان لهم دور كبير في إثارة الخلافات بين القبائل الموجودة فيها ، لكي يبقوا هم الأقوى في المدينة .

وعندما هاجر صلى الله عليه وسلم إليها بدأ اليهود يشعرون بأن دورهم قد انتهى ، لذلك كان ترحيبهم بهجرة الرسول ترحيباً مفتعلا ومشوباً بالحذر ولا يتضمن تسليمهم بقيادة الرسول فضلا عن نبوته والخضوع لأحكام الإسلام .

  ويعتقد اليهود أن النبوة فيهم أبدا وليس في أية سلالة عربية ، وقد جاء ذكر ذلك في القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ سورة البقرة: الآية 89 ، لذلك كانت خيانتهم ومؤامراتهم على الرسول المستمرة في المدينة ، وذلك على التفصيل الآتي بيانه :-


أ - خيانة اليهود للرسول وخروجهم على وثيقة المدينة  :

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على علم بطبيعتهم النفسية والسلوكية الماكرة الغادرة التي كانوا يمارسونها قبل هجرته ، وأدرك الرسول واقعهم الجديد وتفاعلاته التي تضر بالبنية الداخلية للدولة الناشئة ، فعقد صلى الله عليه وسلم " وثيقة المدينة" أو المعاهدة بين المسلمين واليهود، كما أطلق عليها دستور المدينة أيضاً.

وقد ذكر ابن هشام هذه الوثيقة في سيرته فقال : كتب الرسول صلى الله عليه وسلم كتاباً بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه يهود وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم... وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصرة والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم.. وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم، وللمسلمين مواليهم وأنفسهم ، إلا من ظلم وأثم فإنه لا يُوتغ - يعني يهلك - إلا نفسه وأهل بيته، وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم. وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه، وإن النصر للمظلوم. وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين .

وقد تضمنت موافقة اليهود على الوثيقة اعترافا ضمنيا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ومن ثم رتبت عليهم واجبات هي وقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم وخضوعهم إلى أحكامه ، ومن ثم ضرورة التزامهم ببنود هذه المعاهدة ، وكفلت لهم حرية الاعتقاد وجعلتهم مع المسلمين أمة واحدة لهم ما لها وعليهم ما عليها من التعاون والتناصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، والدفاع عن المدينة عند تعرضها لأي اعتداء ، ومن هنا دخلت معظم القبائل اليهودية هذه المعاهدة تباعاً، وشاطروا المسلمين الحياة في المدينة.

ولكن أنى لمن جبلت نفسه على الخيانة والغدر أن يطيق الالتزام ويتحمل تبعات المعاهدات والمواثيق ولو لمرة واحدة في التاريخ؟! 
فلقد ارتفع غليان حقد اليهود على الجماعة المسلمة حال انتصارها في معركة بدر الكبرى رمضان عام 2هـ على كفار قريش ، فانطلق اليهود بكل ما يملكون من دس وكيد وتآمر يحاولون تفتيت الصف الإسلامي، وإلقاء الحيرة في قلوب المسلمين، ونشر الشبهات والشكوك، في عقيدتهم وفي أنفسهم على السواء .


ب - خيانة بني قينقاع للنبي صلى الله عليه وسلم عقب غزوة بدر : 

أثار انتصار المسلمين في موقعة بدر في (رمضان عام 2 هـ-623م) اليهود لاسيما يهود بني قينقاع منهم الذي أظهروا للمسلمين الحسد والحقد ، حتى بلغ بهم الأمر إلى حد المجاهرة بالعداء ! ، ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ذلك أراد أن يأتيهم بالتي هي أحسن فجمعهم في سوقهم - وكانوا صاغة - ليدعوهم إلى الإسلام من جديد ، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً يوم بدر وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع، فقال: يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً، قالوا: يا محمد، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا  ، سنن أبي داود.
وكان هذا الرد يتضمن عنجهية من يهود بني قينقاع واستعلاء واستفزازا وتهديدا للرسول صلى الله عليه وسلم وللجماعة المسلمة إلا أنه غض الطرف وتركهم وشأنهم ، ثم استبد الطغيان والسفاهة في بني قينقاع بحيث بلغ بهم الاستهتار أن اعتدوا على حرمات المسلمين .

فقد ذكر ابن هشام في سيرته أنه : كان من أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوق بني قينقاع ، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت ، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها، فضحكوا بها فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله – وكان يهودياً – وشدت اليهود على المسلم فقتلوه ، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فوقع الشر بينهم وبين نبي قينقاع فلم يجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم - بدًّا من غزو هؤلاء الخائنين ، وقد نقضوا العهد الذي بينه وبينهم بهذه الفعلة النكراء ، فحاصرهم خمس عشرة ليلة ، ثم فك الحصار عنهم وأجلاهم عن المدينة بعد أن أخذ أسلحتهم ، فارتحلوا مخذولين إلى حدود بلاد الشام   .
وهكذا كان بنو قينقاع أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه، وذلك بأن يخرجوا بأنفسهم ونسائهم وذراريهم دون أموالهم من المدينة .


ج - خيانة بني النضير ومحاولتهم قتل النبي صلى الله عليه وسلم :

إن بني النضير مثل غيرهم من اليهود لم يفرحوا بنصر المسلمين في بدر وكانوا يكتمون للمسلمين حقداً، وحسداً لتعاظم شأنهم، وكانوا يتربصون بالمسلمين،ويكيدون لهم فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعين بهم في دية القتيلين من بني عامر، اللذين قتلا عمرو بن أمية الضّمريّ، للجوار الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لهما، وكان بين بني النضير وبين بني عامر عقد وحلف، فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية ذلك القتيلين قالوا: نعم، يا أبا القاسم، نعينك ما أحببت مما استعنت بنا عليه.
ثم خلا بعضهم ببعض - وكان ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد - فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه فمن رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه ؟ 
فانتدب لذلك عمر بن جحاش بن كعب، أحدهم ، فقال: أنا لذلك فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه، فيهم أبو بكر وعمر وعلي رضوان الله عليهم . 
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء مما أراد القوم ، فقام وخرج راجعاً إلى المدينة فلما استلبث النبي أصحابه قاموا في طلبه ، فلقوا رجلاً مقبلاً من المدينة فسألوه عنه، فقال: رأيته داخلاً المدينة. فأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهوا إليه ، فأخبرهم الخبر، بما كانت اليهود أرادت من الغدر به.

وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم ، ثم سار بالناس حتى نزل بهم ، فتحصنوا منه في الحصون ، فأمر رسول الله بقطع النخيل والتحريق فيها.. وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم ألا الحَلْقة [السلاح كله] ففعل» وورد في الأثر:«قال: حاربت النضير وقريظة، فأجلى بني النضير وأقر قريظة ومن عليهم، حتى حاربت قريظة [ أي نقضت العهد وصارت محاربة ]. صحيح البخاري .
وهكذا نقض بنو النضير عهودهم التي تحتم عليهم ألا يؤووا عدواً للمسلمين ففعلوا ولم يكتفوا بهذا النقض بل حاكوا مؤامرة لاغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكانوا من قبل ذلك أرشدوا أعداء المسلمين إلى مواطن الضعف في المدينة وأفشوا بأخبار المسلمين فيها إليهم. وقد حصل ذلك في غزوة "السويق" في ذي الحجة السنة الثانية للهجرة .


د - خيانة يهود بني قريظة للنبي صلى الله عليه وسلم حال غزوة الأحزاب  :

إن أبرز خيانة واجهها الرسول صلى الله عليه وسلم والجماعة المسلمة معه كانت من بني قريظة الذي نقضوا عهودهم في وقت كان المسلمون محاطين بأعدائهم من كل الجهات وجاء اليهود ليغدروا بهم من الداخل في ظن منهم أن المسلمين في ضيق شديد وأن خيانتهم وتحالفهم مع الأحزاب ستكون الضربة القاضية للنبي صلى الله عليه وسلم ودعوته .

وقصة خيانة بني قريظة للنبي صلى الله عليه وسلم تبدأ بعد أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وادع وعاهده كعب بن أسد القُرظي على قومه وعاقده على ذلك ، وفي وقت كان الأحزاب فيه يحاصرون المسلمين في غزوة الخندق .
 حيث خرج عدوا الله حُيَيُّ بن أخطب النضري حتى أتى كعب بن أسد القُرظي صاحب عقد بني قريظة وعهدهم.
فلما سمع كعب بحُيَيِّ بن أخطب بمحاصرة الأحزاب للمدينة أغلق دونه باب حصنه ، فاستأذن على كعب بن أسد القُرظي فأبى أن يفتح له ، فناداه حيي : ويحك يا كعب! افتح لي قال: ويحك يا حيي. إنك امرؤ مشؤوم ، وإني قد عاهدت محمداً فلستُ بناقضٍ ما بيني وبينه، ولم أر منه إلا وفاءً وصدقاً.قال: ويحك! افتح لي أكلمك. قال : ما أنا بفاعل. 
قال : والله! إن أغلقت الحصن دوني إلا على جشيشتك [طعام من البحر يطحن غليظاً] أن آكل منها معك ! فحفظ الرجل ففتح له ، فقال ويحك يا كعب ! جئتك بعزّ الدهر وببحر طام ، جئتك بقريش.. وبغطفان.. قد عاهدوني وعاقدوني على أن لا يبارحوا حتى نستأصل محمداً ومن معه . 
فقال له كعب: جئتني والله بذل الدهر، وبجهام قد هراقَ ماءَه ، فهو يرعد ويبرق وليس فيه شيء ، ويحك يا حيي ، فدعني وما أنا عليه فإني لم أر من محمد إلا صدقاً ووفاء. 
فلم يزل حييّ بكعب يفتله في الذروة والفارب حتى سمع له على أن أعطاه عهداً من الله وميثاقاً، لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمداً أن أدخل معك في حصنك ما أصابك. فنقض كعب بن أسد عهده، وبرئ مما كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم » .

لا شك أن ما قام به كعب بن أسد ليس مجرد نقض للمعاهدة ، إنما هو نقض وغدر ومحاربة في آن واحد؟! 
وهل هناك أعظم من ذلك النقض في ذلك الظرف، في ساعة العسرة متعمدين، ومتحالفين مع الأحزاب الذي قدموا المدينة للإجهاز على الإسلام وأهله ، ومعدين أنفسهم لاستباحة المدينة، وقتل رجالها واسترقاق نسائها وبيع ذراريها في الأسواق .
ولكن الله سبحانه وتعالى خيب آمالهم فنصر عبده محمداً صلى الله عليه وسلم وأعز جنده المسلمين وهزم الأحزاب الكافرين. وما إن رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الخندق ووضع السلاح واغتسل حتى أتاه جبريل «فقال: أو قد وضعت السلاح يا رسول الله ؟ قال نعم ، فقال جبريل: فما وضعت الملائكة السلاح بعد، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم . إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة ، فإني عائد إليهم فمزلزل بهم .
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذناً فأذن في الناس: من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلّينَّ العصر إلا ببني قريظة... وحاصرهم رسول الله خمساً وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب.
فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر الرسول بأسراهم فكتفوا بالرباط ، وأخرج النساء والذرية من الحصون فكانوا ناحيته وجمعت أمتعتهم وسلاحهم وأموالهم ، وأوكل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الحكم على بني قريظة إلى سعد بن معاذ رضي الله عنه ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد فأتى على حمار، فلما دنا من المسجد قال للأنصار: قوموا إلى سيدكم أو خيركم. 
فحكم سعد قائلاً: «فإني أحكم فيهم أن تُقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى الذراري والنساء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد: «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة» .
وهكذا كان جزاء يهود بني قريظة من جنس عملهم، حين عرضوا بخيانتهم العظمى أرواح المسلمين للقتل، ونسائهم وذراريهم للسبي وأموالهم للسلب. وقد جعلت المعاهدة منهم أمة مع المسلمين وما قاموا به يسمى اليوم خيانة عظيمة تعاقب عليه معظم القوانين الوضعية بالإعدام. ولذلك كان عقابهم عقاباً عادلاً وكان جزاؤهم جزاء وفاقا ً.


هـ - خيانة اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر :

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لتأديب يهود خيبر لما كان منهم من تحريض للقبائل المشركة في غزوة الأحزاب على حرب المسلمين، ولما كانوا يبيتونه من عداء وغدر للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وقد حاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم في حصونهم تلك (بضعة عشرة ليلة) حتى عرضوا الصلح عليه فقبله بشرط أن يخرجوا من خيبر بأنفسهم ونسائهم وذراريهم، دون الأموال والسلاح. 
ولما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجليهم عن (خيبر) سألوه أن يعاملهم في الأموال على النصف, وقالوا: نحن أعلم بها منكم وأعمر لها فصالحهم رسول الله على ذلك بشرط أن يخرجوا منها متى شاء المسلمون، وذلك لما يعرفه من طبع اليهود، من عدم الوفاء بعهودهم وانتهازهم أية فرصة تسنح للغدر والخيانة .
ومع هذا كله لم يتوقف اليهود عن الخيانة فقدموا للرسول صلى الله عليه وسلم شاة مسمومةَ فقد ورد في الحديث الذي أخرجه البخاري: لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اجمعوا إليّ من كان ها هنا من يهود). 
فجمعوا، فقال: (إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقي عنه). فقالوا: نعم، قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : (من أبوكم). قالوا: فلان، فقال: (كذبتم، بل أبوكم فلان). قالوا صدقت، قال: (فهل أنتم صادقين عن شيء إن سألت عنه). 
فقالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا، فقال لهم: (من أهل النار؟). قالوا: نكون فيها يسيراً ثم تخلفونا فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اخسؤوا فيها، والله لا نخلفنكم فيها أبداً). ثم قال: (هل جعلتم في هذه الشاة سُماً). قالوا: نعم، قال: (ما حملكم على ذلك). قالوا: أردنا إذا كنت كاذباً نستريح. وإن كنت نبياً لن يضرك» رواه البخاري.

وهكذا كان مسلك اليهود مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا كان تعاملهم مع المعاهدة التي انضموا إليها طواعية ، وهكذا هو سلوكهم وممارستهم في كل زمان ومكان ، فعندما يظنون أنفسهم في أمان يسبون ويتطاولون ، وعندما تواتيهم الفرصة يقتلون ويفجرون ، فإذا ضاق الخناق حول رقابهم يتباكون ويتذللون ، فهم يتلوّنون لكل حالة بالشكل الذي يظنونه نافعاً لهم ، أما العهود والمواثيق والقيم الخلقية، والمعاني الإنسانية فلا حساب لها في ميزانهم.


رابعا : اليهود يخترقون العالم الإسلامي ويفتتونه ، والحكام يهرولون نحو التطبيع الكامل معهم : 


خيانة اليهود للعهدود والمواثبق طبيعة وعادة متأصلة فيهم وهي ديدنهم في كل زمان ومكان ، بل هم أساس كل فساد في كل زمان ومكان ، وأينما وجد الفساد فهو شاهد على حضورهم .

ورغم احتال اليهود للاراضي المقدسة وتدنيسها منذ منتصف القرآن الماضي ، واخترقهم العالم الإسلامي ، وسعيهم لتفتيته ،  إلا ان حكام العرب والمسلمين تخاذلوا   عن الدفاع عن اوطانهم العربية ومقدساتهم الإسلامية ، وسارعوا وتسابقوا نحو التطبيع الكامل مع العدو الصهيوني . 


أ - اليهود هم أساس كل فساد في كل زمان ومكان : 


قال الكتاب عبد العزيز كامل فى كتابه القيم ( قبل أن يهدم الأقصى ) أن اليهود هم المصدر الأصلي لفساد العالم وخرابه !!! 
فقال : وهذا الفساد والإفساد قد ترك بصماته السوداء على صفحات التاريخ توقيعا عن اليهود ، وشاهدا على حضورهم في كل مجال يمكن الإفساد فيه.

فاليهودي «أبو عفك » واليهودي «كعب بن الأشراف» واليهودي «ابن أبى الحقيق» كانوا من أوائل من ألبوا الأحقاد ، وقلبوا الأمور في الدولة الإسلامية الناشئة في المدينة ، فجمعوا بين اليهود من بني قريظة وغيرهم، وبين قريش من مكة ، وبين القبائل الأخرى في الجزيرة على محاربة المسلمين .

واليهودي «عبد الله بن سبأ» هو الذي أثار العوام، وجمع الشراذم وأطلق الشائعات في فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وما تلا ذلك من النكبات.

واليهودي «مدحت باشا» كان وراء إثارة النعرات القومية، واستخدام المخططات الماسونية في دولة الخلافة العثمانية ، مما أدى في النهاية إلي سقوط تلك الخلافة على يد اليهودى الأصل «مصطفى كمال أتاتورك. 

واليهودي «كارل ساركس» هو الذي كان وراء الموجة الإلحادية، التي أصبحت فيما بعد قوة ودولة، بل معسكرا دوليا، بنى نفسه على أنقاض بلاد المسلمين وشعوبهم.

واليهودي «فرويد» كان وراء النزعة الحيوانية التي أصبحت فيما بعد منهجا تتلوث به العقول الناشئة، فيما يصنف تعسفا على أنه علم وتقدم.

واليهودي «جان بول سارتر» كان وراء نزعة أدب الانحلال في علاقات الأفراد والجماعات.

واليهودي «جولد تسيهر» كان وراء حركة الاستشراق إلتي استشرى فسادها وعم ظلمها وإظلامها.
واليهودي «صمويل زويمر» هو الذي خطط لحركات التبشير، أو بالأحرى : التكفير في بلاد المسلمين. لا لمجرد إدخال المسلمين في النصرانية، بل لإخراجهم من الإسلام.

واليهودي «ثيودر هرتزل» هو الذي وضع البذرة الأولى في محنة العصر المسماة بأزمة الشرق الأوسط، عندما خطط ورسم معالم «الدولة اليهودية» في كتابه المسمى بهذا الاسم، تلك الدولة التي ولدت بعد مماته سفاحا، فكانت بؤرة للإفساد في الأرض.

وأخيرًا فإذا أردنا أن نصدق أن اليهود قد تخلصوا من صفة الغدر والخيانة ، أو صفة الفساد والإلحاد، فإنه ينبغي علينا التصديق أن بإمكان الجمل أن يلج في رسم الخياط!! وكلاهما مستحيل، وليس إليه سبيل!!


ب - إستراتيجية الكيان الصهيوني لاختراق العالم العربي والإسلامي :

منذ منتصف القرن التاسع عشر، والغرب يسعى في تنفيذه مخططاته لتقسيم العالم العربي والإسلامي ، وكان أساس استراتيجيه غرس الكيان الصهيوني في المنطقة لتحقيق هذا الهدف، بحيث يسهل عليهم اختراقها وتنفيذ مخططاتهم الخبيثة بقصد استنزاف ثرواتها والقضاء على مقدراتها، والاطمئنان لعدم نهوضها مرة أخرى ، وتتمثل تلك الاستراتيجية في عدة أمور، أهمها:

1 -  تعميق مشاعر الكراهية بين طوائف العالم العربي والإسلامي :

ولقد استغل الغرب الكيان الصهيوني وجود عشرات الطوائف في العالم العربي والإسلامي من مسيحيين وبهائيين إسماعيليين ونقشبنديين ودروز وعلويين وشيعة وزيديين، وحوثيين كفيلة بإشعال فتيل الثورات والاضطرابات في أي وقت ، وثمة كراهية شديدة بين تلك الجماعات الدينية والاثنية بالمنطقة تجاه بعضها البعض، ولذلك يعمل الغرب بدعم من الكيان الصهيوني على إعادة تقسيم الشرق الأوسط، انطلاقًا من تركيبته السكانية غير المتجانسة القائمة على الأديان والمذاهب والقوميات والأقليات.

2 -  تضخيم مشكلة الأقليات العرقية والدينية واستغلالها ضد أي مشروع وحدوي : 

العرب يشكلون 88 % من سكان العالم العربي ، أما الأقليات الأخرى فتتوزع على الأكراد والبربر والزنوج والتركمان، وهناك أقليات دينية مسيحية ويهودية ، والغرب الكيان الصهيوني يسعى كل منهما مجتمعين على تضخيم مشكلة الأقليات العرقية والدينية واستغلالها وحضّ هذه الأقليات على التمرد والانفصال ، حتى لا يقوم أي مشروع وحدوي ،.

3 -  إتباع سياسة شد الأطراف ثم بترها : 

وهذه السياسة تعني مد جسور العلاقة مع الأقليات الموجودة في العديد من الدول العربية ، وخاصة في دول الخليج العربي، ثم جذبها خارج النطاق الوطني، ثم تشجيعها على الانفصال ، كما سبق وحدث في السودان ، وكما يحدث حاليًا مع الأكراد في العراق وسوريا وتركيا، في محاولة لإنشاء دولة كردية في المنطقة، حتى تبقى الأزمات مشتعلة ، وتبقى للقوى الغربية والكيان الصهيوني الكلمة العليا في كل التطورات التي تشهدها المنطقة.
ففي إطار تلك الإستراتيجية قامت عناصر الموساد بفتح خطوط اتصال مع الأكراد في العراق، والموارنة في لبنان، والجنوبيون في السودان .

4 - التغلغل داخل الدول العربية والإسلامية وإقامة علاقات إستراتيجية : 

وذلك بقصد تقديم كافة أنواع الدعم للعناصر والحركات التي تساعد في إثارة القلاقل والاضطرابات الداخلية داخل البلاد ، مثلما حدث مع الحوثيين في اليمن، حيث تم تزويدهم بالسلاح والعتاد العسكري ، حتى يتم تمزيق الدولة اليمنية وتهديد الجنوب السعودي، ومثلما نشاهد اليوم في العراق، حيث تم تمويل وإعداد أحد أخطر الحركات المتطرفة في العالم لتهديد الشمال السعودي، وإبقاء المملكة تحت ضغط شديد من كافة الجبهات، بحيث تظل معتمدة على الغرب في توفير احتياجاته العسكرية، وبذلك يسهل عليهم استنزافه ونهب ثرواته، ليس هذا فحسب، بل وتهديد أمن واستقرار شعوب المنطقة.

5 -  تدريب رجال الأمن في بعض الدول :

وإقامة أنظمة أمنية في بعضها الآخر، بالإضافة إلى إقامة العديد من القواعد العسكرية في دول الخليج العربي، بزعم توفير الحماية لتلك الدول، بينما الواقع أن تلك القواعد تحافظ على مصالح أمريكا والكيان الصهيوني في المنطقة، وتضمن تدفق النفط بأرخص الأسعار، مثلما هو حادث الآن.

6 -  السيطرة على الاقتصاد في الوطن العربي : 

وذلك من خلال افتتاح الشركات وبدء أنشطة متعددة - سواء بشكل مباشر أو غير مباشر- وقد كشف قادة أكراد عن غزو صهيوني لمناطق الشمال، امتد لمناطق أخرى في العراق بشكل مستتر، ورصدت قوى سنية عراقية هذا الوجود الصهيوني في العراق ومنطقة الخليج، وما يشير إلى أن الأصابع الصهيونية تتحرك بهمة ونشاط لتنفيذ الشق الثاني من خطط تفتيت العالم العربي.

ج - مشروع الكيان الصهيوني لتفتيت العالم العربي والإسلامي:


وضع لويس برنارد لويس مشروع هذا العصر لتفتيت العالم العربي والإسلامي من باكستان إلى المغرب ، ولويس هذا هو مستشرق بريطاني الأصل يهودي الديانة صهيوني الانتماء أمريكي الجنسية ، وقد نشر هذا المشروع في مجلة وزارة الدفاع الأمريكية ، وقد تمَّ تقنينه واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية لسنوات مقبلة ، وتفاصيل المشروع الصهيوأمريكي لتفتيت العالم الإسلامي كالآتي :

1 - تقسيم مصر إلى أربع دويلات هي: 

دولة النوبة المتكاملة مع الأراضي الشمالية السودانية ، الدولة النصرانية وعاصمتها الإسكندرية ، سيناء وشرق الدلتا وتبقى تحت النفوذ اليهودي ، مصر الإسلامية وعاصمتها القاهرة وهي  الجزء المتبقي من مصر. 

2 -  تقسيم السودان إلى أربعة دويلات هي : 

دويلة النوبة المتكاملة مع دويلة النوبة في الأراضي المصرية التي عاصمتها أسوان ، دويلة الشمال السوداني الإسلامي ، دويلة الجنوب السوداني المسيحي  ، دارفور.

3 -   دول الشمال الإفريقي :  

تفكيك ليبيا والجزائر والمغرب بهدف إقامة: دولة البربر تقع على امتداد دويلة النوبة بمصر والسودان ، دويلة البوليساريو ، الباقي دويلات المغرب والجزائر وتونس وليبيا.

4 -  شبه الجزيرة العربية والخليج :  

إلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات العربية من الخارطة ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة والخليج ثلاث دويلات فقط هي : دويلة الإحساء الشيعية وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين ، دويلة نجد السنية ، دويلة الحجاز السنية.

٥ - تقسيم العراق عرقيا ودينيا ومذهبيا إلى ثلاث  دويلات هي : 
دويلة شيعية في الجنوب حول البصرة ، دويلة سنية في وسط العراق حول بغداد، دويلة كردية في الشمال والشمال الشرقي حول الموصل (كردستان) تقوم على أجزاء من الأراضي العراقية والإيرانية والسورية والتركية والسوفيتية (سابقًا). 

٦ - تقسيم سوريا عرقيًّا أو دينيًّا أو مذهبيًّا إلى أربع دويلات هي : 

دولة علوية شيعية (على امتداد الشاطئ) ، دولة سنية في منطقة حلب ، دولة سنية حول دمشق ، دولة الدروز في الجولان ولبنان ( الأراضي الجنوبية السورية وشرق الأردن والأراضي اللبنانية).

٧ - تقسيم لبنان إلى ثمانية كانتونات عرقية ومذهبية ودينية هي : 

دويلة سنية في الشمال (عاصمتها طرابلس) ، دويلة مارونية شمالاً (عاصمتها جونيه) ، دويلة سهل البقاع العلوية (عاصمتها بعلبك) خاضعة للنفوذ السوري شرق لبنان ،  بيروت الدولية (المدوّلة) ،  كانتون فلسطيني حول صيدا وحتى نهر الليطاني تسيطر عليه منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) ، كانتون كتائبي في الجنوب والتي تشمل مسيحيين ونصف مليون من الشيعة ، دويلة درزية (في أجزاء من الأراضي اللبنانية والسورية والفلسطينية المحتلة) ،  كانتون مسيحي تحت النفوذ الإسرائيلي.

٨ - إيران وباكستان وأفغانستان تقسيمها إلى عشرة كيانات عرقية ضعيفة هي : كردستان ، أذربيجان. تركستان ، عربستان ، إيرانستان (ما بقي من إيران بعد التقسيم) ، بوخونستان ، بلونستان ، أفغانستان (ما بقي منها بعد التقسيم) ،  باكستان (ما بقي منها بعد التقسيم). كشمير

ج - الحكام العربي يسيرون باتجاه التطبيع الكامل مع إسرائيل:

في ظل مخططات الصهاينة اليهود لاختراق العالم العربي والإسلامي ، ومشروعاته لتفتيت العالم العربي والإسلامي ، لم يتخاذل الحكام العرب والمسلمين عن الدفاع عن اوطانهم العربية ومقدساتهم الإسلامية فقط ، وإنما سارعوا وتسابقوا نحو التطبيع الكامل مع العدو الصهيوني .

فعلى قناة الجزيرة وتحت عنوان ( العلاقات العربية الإسرائيلية بين الممانعة والتطبيع  ) قال الدكتور علي عقلة عرسان : أن  العالم العربي يسير باتجاه التطبيع الكامل بدليل أن الرئيس بشار الأسد قالها بوضوح في 5 أغسطس 2013 : نحن نريد ونسعى لعلاقات طبيعية عادية مع إسرائيل .

وجاء في تقرير نشرته صحيفة معاريف في ٢٨/٤/٢٠١٦ ، إن مسئولين إسرائيليين يتجولون في العالم العربي بوتيرة غير مسبوقة ، مشيرة إلى لقاءات سرية بين ثلاثة مسؤولين إسرائيليين وثلاثة مسئولين سعوديين، جرى الكشف عنها في الفترة الأخيرة، وعقدت خلال العامين الماضيين في روما والتشيك والهند.
وفي لقاءٍ خاصا، بين كل من المدير السابق للمخابرات السعودية الأمير تركي الفيصل، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، اللواء يعقوب عميدرور ، عقد معهد واشنطن لسياس للأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط ، في 2016 - 05 - 6 ، أكّد تركي الفيصل على أهمية التعاون بين اسرائيل والدول العربية لمواجهة التحدّيات , وقال في هذا الصدد “كما إن التعاون بين الدول العربية وإسرائيل لمواجهة التحديات مهما كان مصدرها سواء كانت إيران أو أي مصدر آخر ستكون مدعمة بصورة أقوى في ظرف يكون فيه سلام بين الدول العربية وإسرائيل، ولا أستطيع أن أرى أي صعوبات بالأخذ بذلك ، وتابع قائلا : أقول دائما للمشاهدين اليهود أنه بالعقول العربية والمال اليهودي يمكننا المضي قدما بصورة جيدة ، وفكروا ما يمكن تحقيقه في المواضيع العلمية والتكنولوجيا والمسائل الإنسانية والعديد من الأمور الأخرى التي بحاجة إلى النظر إليها”.

وعلى صفحة الجزيرة نت الالكترونية جاء أنه ، في ١٧/5/2016 م كان خطاب عبد الفتاح السيسي - زعيم الانقلاب في مصر  في مدينة أسيوط المصرية- دعى بصراحة ووضوح الى التقارب  مع إسرائيل مغيبا لخطاب القضية الفلسطينية وثوابتها التي كانت حاضرة في خطابات كافة الرؤساء المصريين سابقا.
وكان السيسي قد أكد في خطابه على ضمانات لأمن إسرائيل تتطابق مع رؤية إسرائيلية للحل الذي تشترط الحصول على ضمانة الأمن الشامل قبيل الموافقة على مسار تفاوض جدي مع الفلسطينيين .



خامسا : وسائل الأمة للتصدي لخيانة وغدر اليهود :


صحوة الشعوب المسلمة وعودة حكامها الى الحق ليعرفوا حقيقة اليهود وخطورة مخططاتهم ، فضلا عن استعدادهم للدفاع عن اوطانهم واسترداد مقدساتهم المسلوبة ، يحتاج ذلك إلى جهاد أجيال وليس عمل جيل واحد ، فيجب ان تتربى الأطفال على الجهاد في سبيل الله ، وبذل النفس والمال والحياة لأجل الدين والوطن ، وفضح مخططات العدو واعتداءاته على الأوطان ، مع معاداتهم وتحريم مودتهم ، الأمل في نصر الله تعالى .

1 - تربية الأطفال على حب الله وحب رسوله وحب الجهاد :

تغرس كل أسرة مسلمة في قلبها وقلب أبنائها وأن ترضعهم في المهد حب الله وحب رسوله وحب الجهاد في سبيل الله، وأن حب فلسطين والمسجد الأقصى من الإيمان.. وأن تحصنهم بالمصل الواقي ضد دعوى المساواة بين الجهاد والإرهاب، وأن الجهاد تضحية في سبيل رد المغتصب والدفاع عن العرض وطرد المحتل ، ولتكون كلمة الله هي العليا، وأن الإرهاب هو الاحتلال لبلاد الغير، والنهب لخيراته ، وإفزاع أهله الآمنين، وإراقة دماء الأبرياء من أبناء الوطن ونساءه وأطفاله..

2 - بذل النفس والمال والوقت والحياة للحفاظ على الدين والوطن :

إن سبيلنا الوحيد لصد الهجمة الشرسة عن أرضنا، واسترداد عزنا ومجدنا، لا يكون إلا ببذل النفس والمال والوقت والحياة، وكل شيء في سبيل غايتنا النبيلة ألا وهي المحافظة على الدين والوطن، واسترداد المغتصب.. وهي غاية تحفظها كل الأديان السماوية، وترعاها وتقرها كل القوانين والهيئات والمواثيق الدولية.. بما في ذلك هيئات وليعلم المسلمون أن القوة التي يستدعيها الجهاد تنبع من حسن إخلاصهم، وقوة إيمانهم، ومتانة أخلاقهم، وقوة اتحادهم كالبنيان المرصوص: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) (الصف: 4) .
وروي عَنْ أَبِي مُوسَى رضى الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  قَالَ «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. البخاري. وبعد قوة الإيمان والاتحاد إعداد ما نستطيع من قوة، وإن لم تكن كقوتهم: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) (الأنفال:60).

 3 - فضح المشروع الصهيوني وتعريته :

وذلك بفضح اليهود وطبيعتهم ، وهذا واجب علماء الأمة وقادة الرأي فيها، أن يعرِّفوا الشعوب بعدوها مستندين على القرآن الكريم والسنة المطهرة وما فيهما من وصف مفصل لليهود، ثم على كتب التاريخ وكتابات المعاصرين عنهم – المسلمين وغير المسلمين – المكتوبة باللغة العربية أو غيرها من اللغات مثل كتاب أحلام الصهوينية وأضاليلها للمفكر الفرنسي المسلم " رجاء جارودي " ومن الواقع المعاصر، فبين أيدينا تجارب كثيرة في الحرب والسلم ،وسلسلة من الهدنات والاتفاقات كلها تبين أنّ اليهود لا يعرفون غير منطق القوة وأنهم لا إيمان لهم ولا عهد ولا ذمة، وأنّ أبرز صفاتهم هي العنصرية فهم يرون أنفسهم شعب الله المختار، كما أن تطلعاتهم التوسعية لإسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات لا تخفى على أحد، بل هم يريدون السيطرة على العالم كله.

4 - فضح الاعتداءات الإسرائيلية على فلسطين : 

في جميع المؤسسات الدولية، والعمل على المحافظة على الآثار العربية والإسلامية في المدينة المقدسة، حيث تسببت إجراءات الاحتلال في تدمير كل شيء من تيتيم للأطفال، وتَرَمُّلٍ للنساء، وتدمير للمصانع والمؤسسات، وتجريف للمزروعات، وكذلك ما تتعرض له الأراضي الفلسطينية عامة والمقدسات بصفة خاصة من محاولات لهدمها، وتدنيسها، وتقسيمها، وإقامة الجدار العازل، ومصادرة الأراضي، وطرد أهلها، لذلك يجب التصدي لهذه الاعتداءات بالعمل على إعادة المؤسسات التي هُجِّرت قسراً من القدس إلى مكانها السابق حفاظاً على الهوية العربية الإسلامية للمدينة المقدسة.

5 - وجوب بغض اليهود ومعاداتهم وتحريم مودتهم وموالاتهم :

قرر القرآن الكريم في آيات صريحة وجوب بغض اليهود وجوب معاداتهم حتى يؤمنوا بالله وحده ، قال تعالى :  ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) سورة المائدة الآية 51.
وقال عز وجل في شأن اليهود : ( تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا  ) سورة المائدة الآية 80-82.

كما حرم الله  مودة اليهود وموالاتهم وذلك يعني بغضهم والحذر من مكائدهم وما ذاك إلا لكفرهم بالله وعدائهم لدينه ومعاداتهم لأوليائه وكيدهم للإسلام وأهله ، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بما يعملون محيط ) سورة آل عمران الآيتان 118-120.

ومواقف اليهود من الإسلام ورسول الإسلام وأهل الإسلام كلها تشهد لما دلت عليه الآيات الكريمات من شدة عداوتهم للمسلمين، والواقع من اليهود في عصرنا هذا وفي عصر النبوة وفيما بينهما من أكبر الشواهد على ذلك، وهكذا ما وقع من النصارى وغيرهم من سائر الكفرة من الكيد للإسلام ومحاربة أهله، وبذل الجهود المتواصلة في التشكيك فيه والتنفير منه والتلبيس على متبعيه وإنفاق الأموال الضخمة على المبشرين بالنصرانية والدعاة إليها، كل ذلك يدل على ما دلت عليه الآيات الكريمات من وجوب بغض الكفار جميعا والحذر منهم ومن مكائدهم ومن اتخاذهم بطانة. 

6 - الأمل في نصر الله وعدم اليأس : 

وعلينا أن نوقن أن النصر من عند الله، وأنه كائن لا محالة، والشاك في ذلك عليه أن يصحح إيمانه لقوله تعالى (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) ( يوسف: ٨٧ ) )قَالَ تعالى ( وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) ( (الحجر: ٥٦)وقوله تعالى (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة: ٢١( وعلى المسلمين أن يتدارسوا المبشرات ليواجهوا المثبطين ، وعلينا أن نذكر الناس بأن الخلافة الإسلامية ستقوم، وسيجلى اليهود عن ديار المسلمين، ولا ينجيهم حجر ولا شجر.. وأحاديث ملاحم آخر الزمان محفوظة ومعلومة، وما علينا إلا الإيمان بها والسعي لأن نكون من جنود الحق في وقتها.

الاثنين، 16 مايو 2016

الإسراء والمعراج : صبر على الالم وثبات على الحق وثقة في النصر ... بقلم محمد أبوغدير المحامي

الإسراء والمعراج : صبر على الالم وثبات على الحق وثقة في النصر
 ... بقلم محمد أبوغدير المحامي

رفع النبي الكريم اكف الضراعة الى الله وأقبل بوجهه إليه بعيون دامعة وقلب مطمئن قال :

 "اللهم إليك أشكو ضَعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين. أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن رحمتك ـ أو عافيتك ـ أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تُنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك. لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"

وكان ذلك بعد أن توجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لعله يجد فيها من يقبل دعوته ويحميها ، إذ لم يجد في مكة آذان صاغية ولا قلوب واعية تسمع وتعي وتحمل دعوة الحق ، ففُوجِيء فيها بالجحود والصدود  ، وسلطوا عليه سفهاءهم فأسمعوه ما يؤذيه و قذفوه بالحجارة حتى أدموا قدميه الشريفتين،
فاستند صلى الله عليه وسلم إلى بستان هناك يلتمس الحماية ويناجي ربه بذاك الدعاء الخالد ، فكانت رحلة الإسراء والمعراج معجزة الله تأييدا وتصديقا  ، وتزكية وتربية ، وقيادة وريادة ، وأملا بعد ألم

فكانت رحلة الإسراء والمعراج معجزة الله تأييدا وتصديقا للنبي الكريم  : فهي معجزة لأن السفر من مكة الى بيت المقدس الذي يستغرق أربعين يوما يقطعه صلى الله عليه وسلم بصحبة جبريل الأمين ثم صعد الى السماوات العلى في ليلة أو جزء منها .
وكانت تسلية وتعزية وتأييدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة ؛ ومن جهة اخرى كانت دليلا على صحة نبوته وتصديق رسالته صلى الله عليه وسلم  ،
وقد حدثت الإسراء والمعراج بعد محن وشدائد مرّ بها نبينا صلى الله عليه وسلم، فبعد وفاة عمه وزوجه، ومقاطعة اقتصادية واجتماعية في شِعب أبي طالب ، وبعد أن مضي إثنتي عشرة سنة من البعثة ، فيشاء  الله بعباده أن يمن علر رسوله برحلة تاريخية لم ينل شرفها قبله نبي مرسل ولا ملك مقرب.

وكانت رحلة الإسراء والمعراج تزكية وتربية : ففيها فرضت الصلاة ، وهي الفريضة الوحيدة التي فرضت في السماء السابعة وبدون واسطة ، والصلاة هي من أعظم ما تزكو به النفوس .
فقد قرن الله تعالى بينها وبين التزكية في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى*وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14- 15].
وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم تطهير الصلاة للنفوس بتطهير الماء للأبدان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «أرأيتم لو أنَّ نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كلَّ يوم خمس مرَّاتٍ، هل يبقى من دَرَنِهِ شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فَذَلِكَ مَثل الصَّلَوَات الخمس يمحو الله بهنَّ الخطايا» رواه البخاري .
وعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخمس كَمَثَلِ نَهرٍ جَارٍ غَمْرٍ  عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْس مَرَّات» رواه مسلم.

وكانت رحلة الإسراء والمعراج قيادة وريادة : فلقد ثبت في الروايات المتعددة أن رسول الله صلى بالأنبياء إمامًا في بيت المقدس في ليلة الإسراء والمعراج، وفي هذا دلالات منها أن الإسلام هو كلمة الله الأخيرة إلى خلقه، ودليل على عالمية الإسلام، وعموم رسالة محمد ، وأنه حامل لواء الهداية للخلق جميعًا، تحمَّلها سيدنا رسول الله بأمانة وقوة، وقام بحقها على خير وجه، ثم ورَّثها لأمته من بعده، وبذلك أصبحت خير أمة أخرجت للناس، ومسئولة عن إقامة حُجَّة الله على خلقه جميعًا، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143].

 وكانت رحلة الإسراء والمعراج أمل بعد ألم : فلقد سبق الإسراء والمعراج آلام تعذيب المؤمنين في مكة والمقاطعة في شعب ابي طالب ثم أذي الرسول في الطائف ، ثم الرسول بالدعاء وطلب النصر عند حائط ثقيف ، ولقد لحق بالإسراء  الهجرة الى المدينة وإقامة الدولة المسلمة بها بعد الجهاد الصبر والثبات ، ومن ثم يعود الأمل إلى القلوب من جديد بعد  التماس الأسباب الآتية :
1-الإيمان اليقيني بقدرة الله، وانتظار فرجه ،وذلك مع التماس كافة أسباب النصر والتمكين .
2-الأقلاع عن المعاصي والتوبة من الذنوب ، والدعاء واللجوء إليه واليقين بالاستجابة .
3-التحلى بالصبر والثبان ، والهُرُوع إلى الصلاة والسكن إلى المولى.
4-التركيز على إيجابيات المحن والدروس والعبر المستفادة منها دون التركيز على سلبياتها .
5-صُحبة أهل الهمة العالية الأمل والتفاؤل ، لا أهل الكسل واليأس والتشاؤم.
6- دراسة سِيَر المجاهدين الصابرين ووسائلهم إلى النصر والتمكين .

السبت، 14 مايو 2016

الإنفاق في سبيل الله إعداد : محمد أبوغدير المحامي

الإنفاق في سبيل الله
تعريفه ، وذكره  في الكتاب والسنة ، وانواعه ، وبواعث ودوافعه ، وآدابه ، وثمراته ،وامثلة رائعة للمنفقين


نعم الله سبحانه وتعالى كثيرة لا تعد ولا تحصى ( وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها ). (أية 34 سورة إبراهيم) . ومن أعظم النعم : نعمة المال والرزق ، هذه النعمة التي تقوم عليها وتؤدي من خلالها كثير من النعم ، ولا يستغني عنها مخلوق حي حتى الطيور تبحث عن أرزاقها في غدوها ورواحها .

وهذا المال مال الله تعالى يودعه عباده ، ليبتليهم أيشكرونه  فينفقونه في سبيل الله أم يكفرونه فيمسكونه ، وفي هذه السطور  نعرف الإنفاق لغة واصطلاحا ، وما ذكر بشأنه في الكتاب والسنة ، وانواعه ، وبواعث الإنفاق في سبيل الله ودوافعه ، وآدابه ، وثمراته ، ثم امثلة رائعة للمنفقين .



أولا : تعريفه الإنفاق :


١ . الإنفاق‌ في اللغة  :

إنفاق: مصدر أنفق، يقال: أنفق الرجل، إذا افتقر وذهب ماله، ومنه: قوله تعالى: «إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ»،
وهو من نفق بمعنى نفد، يقال: نفق الزاد ينفق نفقاً، أي نفد.

وإنفاق المال صرفه، ومنه: قوله سبحانه وتعالى: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ» ، أي أنفقوا في سبيل الله وأطعموا وتصدّقوا، والنفقة: ما انفق، والجمع نفاق.


٢ . تعريف الإنفـــــاق اصطلاحًا :

الإنفاق : إخراج المال الطيب في الطاعات والمباحات تقربا إلى الله تعالى


تانيا : الإنفاق في القرآن الكريم والسنة :


١ . الإنفاق في القرآن الكريم :

ورد ذكر الإنفاق‌ في الكثير من آيات القرآن الكريم منها :

يقول الله تبارك وتعالى : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع علِيم ).
سورة البقرة : الآية ٢٦١

وقال تعالى : ( والذين يكنزون الذهب و الفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشّرهم بعذاب أليم * يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهروهم هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ).
سورة التوبة الآية ٣٤ ـ ٣٥

يقول الله تبارك وتعالى  : {لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ومَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [سورة آل عمران: 92]؟

وقال تعالى: {ومَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ} [سورة البقرة: من الآية 272]، وقال تعالى: {ومَـا تُـنـفِـقـُـوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إلَيْكُمْ وأَنتُمْ لا تُظْلَمُونَ} [سورة الأنفال: من الآية 60].


٢ . الإنفاق في السنة الشريفة :

ورد ذكر الإنفاق‌ في الكثير من السنة الشريفة منها :

- وعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي معاينة الصورة قال: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه اللَّه مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه اللَّه حكمة فهو يقضي بها ويعلمها) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

- وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ : (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفا) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

- وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما أن رجلاً سأل رَسُول اللَّهِ : أي الإسلام خير قال: (تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

- وعن أبي أمامة صدي بن عجلان رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ معاينة الصورة: (يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول؛ واليد العليا خير من اليد السفلى) رَوَاهُ مُسلِمٌ.


ثالثا : أنواع الإنفاق في سبيل الله :

١ . إنفاق الفريضة هو :

ما يجب إنفاقه من المال ، وما للحاكم أن يأخذه ليصرفه في مصارفه، رضي ذلك المستخلف على المال أم كرهه .

٢ .  إنفاق التطوع فهو :

ما ترك للمستخلف أن ينفقه دون أن يجبره على إنفاقه أحد.


رابعا  بواعث الإنفاق في سبيل الله ودوافعه :

١ . الإنفاق دليل على قوى  العقيدة والإيمان  :

 ولقد عبر القرآن عن ذلك فقال الله تبارك وتعالى { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فأن الله به عليم } آل عمران 92 ] وليس هناك أدنى شك في أن أفضل مجالات الإنفاق هو الإنفاق في سبيل الله .

٢ . الإنفاق امتثال لأمر الله المالك الأصلي للمال :

إن الأموال التي بأيدينا هي أموال الله، ونحن خلفاؤه فيها، وهو يأمرنا بالإنفاق {وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: 7] {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33].

٣ .  الإنفاق فرصة لنيل ثواب الجهاد وشرفه  :

ذلك قول الله تبارك وتعالى { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ...} النساء 95 ]
وقال صلى الله عليه وسلم :((من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا ))أخرجه الشيخان .

٥ . الجهاد بالمال يربي أجيالاً على الحب والتعاون والاتحاد :

وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في سبيلِ اللَّه ، وَدِينَارٌ أَنْفَقتَهُ في رقَبَةٍ ، ودِينَارٌ تصدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفقْتَهُ علَى أَهْلِكَ ، أَعْظمُهَا أَجْراً الَّذي أَنْفَقْتَهُ علَى أَهْلِكَ » رواه مسلم .
أخرج البيهقي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أفضل الصدقة أن تشبع كبدًا جائعًا))؛ رواه الشيخان .


خامسا : آداب الإنفاق :

لكي يؤدي الإنفاق تلك الثمار العظيمة والفوائد الجليلة لابد وأن يكون المنفق مستحضراً آداباً مهمة فيه ، وهي :

1 – الإخلاص :
الإخلاص يعني تجريد العبودية لله تعالى لا يشوبها شائبة رياء أو سمعة أو غيرهما، فإذا أنفق على نفسه وأسرته ينفق شاكراً لله تعالى على ما أعطاه من هذه المال ، حامداً له على هذه النعمة ، وإذا أنفق على الفقراء والمساكين ، أو مشاريع الخير وأعمال البر يريد الأجر والثواب من هذه الإنفاق ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) (أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب بدء الوحي ، باب كيف كان بدء الوحي 1/9 برقم 1 ، ومسلم ، كتاب الإمارة ، باب قوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنية ) 3/1515 برقم 1907 )
فمن انفق يبتغي الأجر فله ذلك ، ومن أنفق رياء أو سمعة أخذ حظه من ثناء الناس في الدنيا ، وليس له حظ في الآخرة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أول الناس يقضي عليه يوم القيامة ثلاثة .. " ومنهم : " رجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله ، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك ، قال : كذبت ولكنك فعلت ليقال جواد ، فقد قيل ، فسحب على وجهه ، ثم ألقي في النار) ( رواه مسلم ، كتب الإمارة ، باب : من قاتل للرياء والسمعة استحق النار 3/1514 ، رقم 1905 ).

2 – عدم المن والأذى :
المن هو : التحدث بما أعطي حتى يبلغ ذلك المعطي فيؤذيه ، والأذى هو : السب والتطاول والتشكي .
وعدم المن والأذى هو الأدب الثاني الذي يتفق مع ما فطر الله تعالى النفس الإنسانية عليه من الكرامة والعزة ، فتلك النفس تأبى أن يكون هذا العطاء مقروناً بمن أو أذى، إذا أن هذا المن يخدش كرامة النفوس الكريمة ويجرح مشاعرها ، ويستذلها بمنته ، ويشعرها بالصغار والهوان .
من هنا جعل الله سبحانه الصدقات المقرونة بالمن والأذى باطلة غير مقبولة، يقول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ما له رياء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين ). (سورة البقرة آية 264 )
ولخسة نفس المنان بعطيته ، ولؤم طبعه ورغبته في الاستعلاء الكاذب ، وتطلعه إلى إذلال الناس ، جعله الرسول صلى الله عليه وسلم من الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، وهم كما في الحديث : (المسبل ، والمنان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ) (رواه مسلم ، كتاب الإيمان ، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية 1/102 ، برقم 106 ).

3 – الإنفاق من المال الطيب :
لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً ، فقد أمر سبحانه بالإنفاق من الطيب المحبوب للنفس ، فأحب لأخيك ما تحب لنفسك ، يقول تعالى آمراً بالإنفاق من الطيبات ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقوا ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه وأعلموا أن الله غني حميد ) . ( سورة البقرة آية 267).
والبر والأجر إنما ينال بالإنفاق من المال الطيب المحبوب ، يقول الله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) (سورة آل عمران آية 92 ) .

4 – الاعتدال في الإنفاق :
المال أمانة عند صاحبه ، فهو مال الله تعالى ، رزقه هذا الإنسان ، فليتعامل به وفق منهج الله تعالى ، فلا يتعالى فيه فيبذر ويسرف ويتجاوز القصد والاعتدال ، ولا يقتر فيشح ويبخل ويمسك ،
قال تعالى مادحاً المؤمنين الذين يسلكون هذا المنهج : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) (سورة الفرقان آية 67 )


سادسا  : ثمرات الإنفاق في سبيل الله :

1- دخول الجنة :
يقول تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ).( سورة آل عمران آية 133 ، 134 ) .

2- الوقاية من النار ، وتكفير السيئات :
 روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) (أخرجه البخاري ، ومسلم
ويقول صلى الله عليه وسلم : ( الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ). (أخرجه الترمذي والنسائي

3- تكثير الحسنات ، ومضاعفة الأجور  :
 يقول تعالى ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) (سورة البقرة آية 361 ) .
ويقول سبحانه (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسناً وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم) . (سورة المزمل آية 20 )

4- في الإنفاق طهرة للمنفق ، وتزكية لقلبه ، وتنمية للمال وسلامة له من الآفات :
 يقول سبحانه وتعالى ( خذ من أموالهم صدقة تظهرهم وتزكيهم بها ) (سورة التوبة آية 103 )



سابعا :  امثلة رائعة للمنفقين في سبيل الله:

١ . أبو بكر الصديق - رضي الله عنه :
وأخرج ابن عساكر من طرق عن عائشة - رضي الله عنها - وعروة بن الزبير أن أبا بكر - رضي الله عنه - أسلم يوم أسلم وله أربعون ألف دينار، وفي لفظ: أربعون ألف درهم، فأنفقها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

وأخرج الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما لأحد عندنا يدٌ إلا وقد كافأناه، إلا أبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر)).


٢ . عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ينفق نصف ماله :

أخرج أبو داود والترمذي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتصدَّق، فوافق ذلك مالاً عندي، قلت: اليوم أسبق أبا بكر - إن سبقتُه يومًا - فجئتُ بنصف مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أبقيتَ لأهلك؟))، قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكلِّ ما عنده، فقال: يا أبا بكر، ما أبقيتَ لأهلِك؟ قال: أبقيتُ لهم اللهَ ورسوله، فقلتُ: لا أسبقه في شيء أبدًا.

٣ . عثمان بن عفان رضي الله عنه :

أخرج الترمذي عن عبدالرحمن بن خباب قال: شهدتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يحثُّ على جيش العسرة، فقال عثمان بن عفان: يا رسول الله، عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حضَّ على الجيش، فقال عثمان: يا رسول الله، عليَّ مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حضَّ على الجيش، فقال عثمان: يا رسول الله، عليَّ ثلاثمائة بعيرٍ بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: ((ما على عثمانَ ما عمل بعد هذه شيء)).

وأخرج الترمذي عن أنس، والحاكم عن عبدالرحمن بن سمرة، قال: جاء عثمان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بألفِ دينار حين جهَّز العسرة، فنثرها في حجره، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقلِّبها ويقول: ((ما ضرَّ عثمان ما عَمِل بعد اليوم)) مرتين.

وأخرج الحاكم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "اشترى عثمان الجنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّتين؛ حيث حفر بئر رومة، وحيث جهَّز جيش العسرة".

٤ . أبو طلحة رضي الله عنه :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالًا من نخل ، وكان أحبَّ أمواله إليه بَيْرَحَاء، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيِّب،
قال أنس : فلما أنزلت هذه الآية: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ آل عمران : 92 ، قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، إنَّ الله -تبارك وتعالى- يقول : لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ، وإنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بَيْرَحَاء، وإنَّها صدقة لله ، أرجو برَّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخ ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح ، وقد سمعت ما قلت ، وإنِّي أرى أن تجعلها في الأقربين. فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله. فقسَّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمِّه)) تابعه رَوْحٌ. وقال يحيى بن يحيى وإسماعيل، عن مالك: ((رايح)

الخميس، 12 مايو 2016

الإبتسامة طريق الاخوة إعداد محمد أبوغدير المحامي

الإبتسامة طريق الاخوة :

الابتسامة روح الإنسان تعطيه نشاطا وحيوية ، إن رسمها لنفسه ازداد بها قوة ، وإن أرسلها لقريب أشعره بالراحة ، وإن وجهها لمن لايعرفه صنعت معه صداقةً .
لذلك فالإبتسامة طريق الأخوة التي تؤلف بين القلوب وويزيل ما بها من بغضاء وتمنحها المحبة والسعادة .

وفيكم هذه السطور القصيرة نتكلمعن الأخوة من حيث مفهومها وفضلها ، ثم الإبتسامة من حيث تعريفها واهميتها في تحقيق حانب من الأخوة في الله .

اولا : الأخوة في الله :

أ . مفهوم الأخوة :

الأخوة في الله :: هي منحة قدسية , وإشراقة ربانية, ونعمة إلهية .. يقذفها الله في قلوب المخلصين من عباده, والأصفياء من أوليائه والأتقياء من خلقه ..

وقال تعالى في سورة الأنفال : ( لو أنفقت مافي الأرض جميعا مآألفت بين قلوبهم ولـكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم ) (63)
وقال في سورة آل عمران : ( واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعدآء فألف الله بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ).

ب . الأخوة  في الله عقد واجب الوفاء :

والأخوة في الله عقد واجب الوفاء. ولقد تحدث شيخ الإسلام ابن تيمية عن عقد الأخوة هذا فقال: إن الحقوق التي ينشئها إذا كانت من جنس ما أقره النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه والتي تجب للمؤمن على المؤمن فإنما هي حقوق واجبة بمقتضى الإيمان. والتزامها بمنزلة التزام الصلاة والزكاة والصيام والحج، والمعاهدة عليها كالمعاهدة على ما أوجب الله ورسوله  .

ج . فضل التآخي بالله والتحابب فيه :

   وردت نصوص كثيرة في بيان فضل الأخوة في الله ، والتلاقي عليه ، والتحابب فيه ، ورتبت عليها الأجر الجزيل ، والثواب العظيم في الدنيا والآخرة ... وهذه طائفة منها :

1- الأخوة في الله نعمة الله وفضله :

يقول الله سبحانه وتعالى : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ  ) [ آل عمران : 103]

فجعل المولى عز وجل الأخوة منحة إلهية ، ونفحة ربانية يهبها الله للمخلصين الصادقين ،  يمحى بها الأحقاد الجاهلية ويزيل بها العداوة والبغضاء فتتوحد القلوب ، وتتآلف  النفوس على المنهج الواحد ، والعقيدة والواحدة .

2- الأخوة في الله طريق لمحبة الله تعالى :

·  جاء عن النبي صلى اله عليه وسلم (أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ) .

3- المتآخون في الله في ظل الله تعالى  :

عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ  - وذكر منهم -  وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ) .

4- منازل المتآخين في الله غبطة الأنبياء والشهداء :

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (  إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ قَالَ هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ).

5- الأخوة في الله طريق لحلاوة الإيمان واستكماله :

· يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (َ مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ وَأَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَنْكَحَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ ).


 ثانيا : البسمة طريق الأخوة :

أ. تعريف الإبتسامة :

الإبتسامة في اللغة : التبسم مبادئ الضحك ، والضحك انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور، فإن كان بصوت  يسمع من بعيد فهو القهقهة وإلا فهو الضحك، وإن كان بلا صوت فهو التبسم، وتسمى الأسنان في مقدم الفم الضواحك وهي الثنايا والأنياب وما يليها وتسمى النواجذ.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة" .

قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - ( أنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ) رواه مسلم

وقال – صلّى الله عليه وسلّم-: ( لا تحقّرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ) رواه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان.
وعن جرير بن عبد الله - رضى الله عنه- قال : ( ما حجبني النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، ولا رآني إلا تبسّم في وجهي ) رواه البخاري

ب . أهميّة البشاشة في طريق الدعوة:

من واجبات الأخ العامل قال الإمام البنا :
 أن تكون وقورا تؤثر الجد دائما , ولا يمنعك الوقار من المزاح الصادق و الضحك في تبسم .

الإبتسامة نافذة القلوب :

ويقول الإمام ابن عيينه : ( البشاشة مصيدة المودّة ، والبرّ شيء هيّن : وجه طليق وكلام لين ) .

البسمة في وجه الأخوة من وسائل كسب القلوب ، لأن الوجه عبارة عن المرآة التي تعكس ما هو موجود في داخل أعماق الإنسان ، فإذا كان الوجه طليقاً بشوشاً كان موحياً بالبشر والمحبة في نفس المقابل ، أما عن كان عبوساً مظلماً فلا شكَ أنه يوحي في قلب المقابل بالضيق والاشمئزاز وعدم الانشراح ، فعلى الأخوة أن يطلقوا وجوههم فيما بينهم وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ) .

الإبتسامة طريق الثقة والقبول :

يقول ابن القيم في أهميّة البشاشة :
( إنّ الناس ينفرون من الكثيف ولو بلغ في الدين ما بلغ ، ولله ما يجلب اللطف والظرف من القلوب فليس الثقلاء بخواص الأولياء ، وما ثقل أحد على قلوب الصادقين المخلصين إلا من آفة هناك ، وإلا فهذه الطريق تكسو العبد حلاوة ولطافة وظرفا ، فترى الصادق فيها من أحبّ الناس وألطفهم وقد زالت عنه ثقالة النفس وكدورة الطبع )

الإبتسامة تذلل الصعاب :

النفسُ الباسمةُ ترى الصعابَ فيلذُّها التغلُّبُ عليها ، تنظرُها فتبسَّم ، وتعالجها فتبسمْ ، وتتغلبْ عليها فتبسمْ ،
والنفسُ العابسةُ لا ترى صعاباً فتخلفها ، وإذا رأتْها أكبرتْها واستصغرتْ همَّتها وتعلَّلتْ بلو ، وإذا ، وإنْ .
وما الدهرُ الذي يلعنُه إلا مزاجُه وتربيتُه ، إنه يؤدُّ النجاح في الحياةِ ولا يريدُ أن يدفع ثمَنَهُ ، إنه يرى في كلِّ طريق أسداً رابطاً ، إنه ينتظرُ حتى تمطرَ السماءُ ذهباً أو تنشقَّ الأرضُ عن كَنْزٍ .