الإنفاق في سبيل الله
تعريفه ، وذكره في الكتاب والسنة ، وانواعه ، وبواعث ودوافعه ، وآدابه ، وثمراته ،وامثلة رائعة للمنفقين
نعم الله سبحانه وتعالى كثيرة لا تعد ولا تحصى ( وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها ). (أية 34 سورة إبراهيم) . ومن أعظم النعم : نعمة المال والرزق ، هذه النعمة التي تقوم عليها وتؤدي من خلالها كثير من النعم ، ولا يستغني عنها مخلوق حي حتى الطيور تبحث عن أرزاقها في غدوها ورواحها .
وهذا المال مال الله تعالى يودعه عباده ، ليبتليهم أيشكرونه فينفقونه في سبيل الله أم يكفرونه فيمسكونه ، وفي هذه السطور نعرف الإنفاق لغة واصطلاحا ، وما ذكر بشأنه في الكتاب والسنة ، وانواعه ، وبواعث الإنفاق في سبيل الله ودوافعه ، وآدابه ، وثمراته ، ثم امثلة رائعة للمنفقين .
أولا : تعريفه الإنفاق :
١ . الإنفاق في اللغة :
إنفاق: مصدر أنفق، يقال: أنفق الرجل، إذا افتقر وذهب ماله، ومنه: قوله تعالى: «إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ»،
وهو من نفق بمعنى نفد، يقال: نفق الزاد ينفق نفقاً، أي نفد.
وإنفاق المال صرفه، ومنه: قوله سبحانه وتعالى: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ» ، أي أنفقوا في سبيل الله وأطعموا وتصدّقوا، والنفقة: ما انفق، والجمع نفاق.
٢ . تعريف الإنفـــــاق اصطلاحًا :
الإنفاق : إخراج المال الطيب في الطاعات والمباحات تقربا إلى الله تعالى
تانيا : الإنفاق في القرآن الكريم والسنة :
١ . الإنفاق في القرآن الكريم :
ورد ذكر الإنفاق في الكثير من آيات القرآن الكريم منها :
يقول الله تبارك وتعالى : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع علِيم ).
سورة البقرة : الآية ٢٦١
وقال تعالى : ( والذين يكنزون الذهب و الفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشّرهم بعذاب أليم * يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهروهم هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ).
سورة التوبة الآية ٣٤ ـ ٣٥
يقول الله تبارك وتعالى : {لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ومَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [سورة آل عمران: 92]؟
وقال تعالى: {ومَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ} [سورة البقرة: من الآية 272]، وقال تعالى: {ومَـا تُـنـفِـقـُـوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إلَيْكُمْ وأَنتُمْ لا تُظْلَمُونَ} [سورة الأنفال: من الآية 60].
٢ . الإنفاق في السنة الشريفة :
ورد ذكر الإنفاق في الكثير من السنة الشريفة منها :
- وعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي معاينة الصورة قال: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه اللَّه مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه اللَّه حكمة فهو يقضي بها ويعلمها) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
- وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ : (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفا) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
- وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما أن رجلاً سأل رَسُول اللَّهِ : أي الإسلام خير قال: (تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
- وعن أبي أمامة صدي بن عجلان رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ معاينة الصورة: (يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول؛ واليد العليا خير من اليد السفلى) رَوَاهُ مُسلِمٌ.
ثالثا : أنواع الإنفاق في سبيل الله :
١ . إنفاق الفريضة هو :
ما يجب إنفاقه من المال ، وما للحاكم أن يأخذه ليصرفه في مصارفه، رضي ذلك المستخلف على المال أم كرهه .
٢ . إنفاق التطوع فهو :
ما ترك للمستخلف أن ينفقه دون أن يجبره على إنفاقه أحد.
رابعا بواعث الإنفاق في سبيل الله ودوافعه :
١ . الإنفاق دليل على قوى العقيدة والإيمان :
ولقد عبر القرآن عن ذلك فقال الله تبارك وتعالى { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فأن الله به عليم } آل عمران 92 ] وليس هناك أدنى شك في أن أفضل مجالات الإنفاق هو الإنفاق في سبيل الله .
٢ . الإنفاق امتثال لأمر الله المالك الأصلي للمال :
إن الأموال التي بأيدينا هي أموال الله، ونحن خلفاؤه فيها، وهو يأمرنا بالإنفاق {وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: 7] {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33].
٣ . الإنفاق فرصة لنيل ثواب الجهاد وشرفه :
ذلك قول الله تبارك وتعالى { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ...} النساء 95 ]
وقال صلى الله عليه وسلم :((من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا ))أخرجه الشيخان .
٥ . الجهاد بالمال يربي أجيالاً على الحب والتعاون والاتحاد :
وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في سبيلِ اللَّه ، وَدِينَارٌ أَنْفَقتَهُ في رقَبَةٍ ، ودِينَارٌ تصدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفقْتَهُ علَى أَهْلِكَ ، أَعْظمُهَا أَجْراً الَّذي أَنْفَقْتَهُ علَى أَهْلِكَ » رواه مسلم .
أخرج البيهقي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أفضل الصدقة أن تشبع كبدًا جائعًا))؛ رواه الشيخان .
خامسا : آداب الإنفاق :
لكي يؤدي الإنفاق تلك الثمار العظيمة والفوائد الجليلة لابد وأن يكون المنفق مستحضراً آداباً مهمة فيه ، وهي :
1 – الإخلاص :
الإخلاص يعني تجريد العبودية لله تعالى لا يشوبها شائبة رياء أو سمعة أو غيرهما، فإذا أنفق على نفسه وأسرته ينفق شاكراً لله تعالى على ما أعطاه من هذه المال ، حامداً له على هذه النعمة ، وإذا أنفق على الفقراء والمساكين ، أو مشاريع الخير وأعمال البر يريد الأجر والثواب من هذه الإنفاق ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) (أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب بدء الوحي ، باب كيف كان بدء الوحي 1/9 برقم 1 ، ومسلم ، كتاب الإمارة ، باب قوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنية ) 3/1515 برقم 1907 )
فمن انفق يبتغي الأجر فله ذلك ، ومن أنفق رياء أو سمعة أخذ حظه من ثناء الناس في الدنيا ، وليس له حظ في الآخرة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أول الناس يقضي عليه يوم القيامة ثلاثة .. " ومنهم : " رجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله ، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك ، قال : كذبت ولكنك فعلت ليقال جواد ، فقد قيل ، فسحب على وجهه ، ثم ألقي في النار) ( رواه مسلم ، كتب الإمارة ، باب : من قاتل للرياء والسمعة استحق النار 3/1514 ، رقم 1905 ).
2 – عدم المن والأذى :
المن هو : التحدث بما أعطي حتى يبلغ ذلك المعطي فيؤذيه ، والأذى هو : السب والتطاول والتشكي .
وعدم المن والأذى هو الأدب الثاني الذي يتفق مع ما فطر الله تعالى النفس الإنسانية عليه من الكرامة والعزة ، فتلك النفس تأبى أن يكون هذا العطاء مقروناً بمن أو أذى، إذا أن هذا المن يخدش كرامة النفوس الكريمة ويجرح مشاعرها ، ويستذلها بمنته ، ويشعرها بالصغار والهوان .
من هنا جعل الله سبحانه الصدقات المقرونة بالمن والأذى باطلة غير مقبولة، يقول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ما له رياء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين ). (سورة البقرة آية 264 )
ولخسة نفس المنان بعطيته ، ولؤم طبعه ورغبته في الاستعلاء الكاذب ، وتطلعه إلى إذلال الناس ، جعله الرسول صلى الله عليه وسلم من الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، وهم كما في الحديث : (المسبل ، والمنان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ) (رواه مسلم ، كتاب الإيمان ، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية 1/102 ، برقم 106 ).
3 – الإنفاق من المال الطيب :
لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً ، فقد أمر سبحانه بالإنفاق من الطيب المحبوب للنفس ، فأحب لأخيك ما تحب لنفسك ، يقول تعالى آمراً بالإنفاق من الطيبات ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقوا ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه وأعلموا أن الله غني حميد ) . ( سورة البقرة آية 267).
والبر والأجر إنما ينال بالإنفاق من المال الطيب المحبوب ، يقول الله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) (سورة آل عمران آية 92 ) .
4 – الاعتدال في الإنفاق :
المال أمانة عند صاحبه ، فهو مال الله تعالى ، رزقه هذا الإنسان ، فليتعامل به وفق منهج الله تعالى ، فلا يتعالى فيه فيبذر ويسرف ويتجاوز القصد والاعتدال ، ولا يقتر فيشح ويبخل ويمسك ،
قال تعالى مادحاً المؤمنين الذين يسلكون هذا المنهج : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) (سورة الفرقان آية 67 )
سادسا : ثمرات الإنفاق في سبيل الله :
1- دخول الجنة :
يقول تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ).( سورة آل عمران آية 133 ، 134 ) .
2- الوقاية من النار ، وتكفير السيئات :
روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) (أخرجه البخاري ، ومسلم
ويقول صلى الله عليه وسلم : ( الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ). (أخرجه الترمذي والنسائي
3- تكثير الحسنات ، ومضاعفة الأجور :
يقول تعالى ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) (سورة البقرة آية 361 ) .
ويقول سبحانه (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسناً وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم) . (سورة المزمل آية 20 )
4- في الإنفاق طهرة للمنفق ، وتزكية لقلبه ، وتنمية للمال وسلامة له من الآفات :
يقول سبحانه وتعالى ( خذ من أموالهم صدقة تظهرهم وتزكيهم بها ) (سورة التوبة آية 103 )
سابعا : امثلة رائعة للمنفقين في سبيل الله:
١ . أبو بكر الصديق - رضي الله عنه :
وأخرج ابن عساكر من طرق عن عائشة - رضي الله عنها - وعروة بن الزبير أن أبا بكر - رضي الله عنه - أسلم يوم أسلم وله أربعون ألف دينار، وفي لفظ: أربعون ألف درهم، فأنفقها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما لأحد عندنا يدٌ إلا وقد كافأناه، إلا أبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر)).
٢ . عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ينفق نصف ماله :
أخرج أبو داود والترمذي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتصدَّق، فوافق ذلك مالاً عندي، قلت: اليوم أسبق أبا بكر - إن سبقتُه يومًا - فجئتُ بنصف مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أبقيتَ لأهلك؟))، قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكلِّ ما عنده، فقال: يا أبا بكر، ما أبقيتَ لأهلِك؟ قال: أبقيتُ لهم اللهَ ورسوله، فقلتُ: لا أسبقه في شيء أبدًا.
٣ . عثمان بن عفان رضي الله عنه :
أخرج الترمذي عن عبدالرحمن بن خباب قال: شهدتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يحثُّ على جيش العسرة، فقال عثمان بن عفان: يا رسول الله، عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حضَّ على الجيش، فقال عثمان: يا رسول الله، عليَّ مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حضَّ على الجيش، فقال عثمان: يا رسول الله، عليَّ ثلاثمائة بعيرٍ بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: ((ما على عثمانَ ما عمل بعد هذه شيء)).
وأخرج الترمذي عن أنس، والحاكم عن عبدالرحمن بن سمرة، قال: جاء عثمان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بألفِ دينار حين جهَّز العسرة، فنثرها في حجره، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقلِّبها ويقول: ((ما ضرَّ عثمان ما عَمِل بعد اليوم)) مرتين.
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "اشترى عثمان الجنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّتين؛ حيث حفر بئر رومة، وحيث جهَّز جيش العسرة".
٤ . أبو طلحة رضي الله عنه :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالًا من نخل ، وكان أحبَّ أمواله إليه بَيْرَحَاء، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيِّب،
قال أنس : فلما أنزلت هذه الآية: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ آل عمران : 92 ، قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، إنَّ الله -تبارك وتعالى- يقول : لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ، وإنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بَيْرَحَاء، وإنَّها صدقة لله ، أرجو برَّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخ ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح ، وقد سمعت ما قلت ، وإنِّي أرى أن تجعلها في الأقربين. فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله. فقسَّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمِّه)) تابعه رَوْحٌ. وقال يحيى بن يحيى وإسماعيل، عن مالك: ((رايح)
تعريفه ، وذكره في الكتاب والسنة ، وانواعه ، وبواعث ودوافعه ، وآدابه ، وثمراته ،وامثلة رائعة للمنفقين
نعم الله سبحانه وتعالى كثيرة لا تعد ولا تحصى ( وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها ). (أية 34 سورة إبراهيم) . ومن أعظم النعم : نعمة المال والرزق ، هذه النعمة التي تقوم عليها وتؤدي من خلالها كثير من النعم ، ولا يستغني عنها مخلوق حي حتى الطيور تبحث عن أرزاقها في غدوها ورواحها .
وهذا المال مال الله تعالى يودعه عباده ، ليبتليهم أيشكرونه فينفقونه في سبيل الله أم يكفرونه فيمسكونه ، وفي هذه السطور نعرف الإنفاق لغة واصطلاحا ، وما ذكر بشأنه في الكتاب والسنة ، وانواعه ، وبواعث الإنفاق في سبيل الله ودوافعه ، وآدابه ، وثمراته ، ثم امثلة رائعة للمنفقين .
أولا : تعريفه الإنفاق :
١ . الإنفاق في اللغة :
إنفاق: مصدر أنفق، يقال: أنفق الرجل، إذا افتقر وذهب ماله، ومنه: قوله تعالى: «إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ»،
وهو من نفق بمعنى نفد، يقال: نفق الزاد ينفق نفقاً، أي نفد.
وإنفاق المال صرفه، ومنه: قوله سبحانه وتعالى: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ» ، أي أنفقوا في سبيل الله وأطعموا وتصدّقوا، والنفقة: ما انفق، والجمع نفاق.
٢ . تعريف الإنفـــــاق اصطلاحًا :
الإنفاق : إخراج المال الطيب في الطاعات والمباحات تقربا إلى الله تعالى
تانيا : الإنفاق في القرآن الكريم والسنة :
١ . الإنفاق في القرآن الكريم :
ورد ذكر الإنفاق في الكثير من آيات القرآن الكريم منها :
يقول الله تبارك وتعالى : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع علِيم ).
سورة البقرة : الآية ٢٦١
وقال تعالى : ( والذين يكنزون الذهب و الفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشّرهم بعذاب أليم * يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهروهم هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ).
سورة التوبة الآية ٣٤ ـ ٣٥
يقول الله تبارك وتعالى : {لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ومَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [سورة آل عمران: 92]؟
وقال تعالى: {ومَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ} [سورة البقرة: من الآية 272]، وقال تعالى: {ومَـا تُـنـفِـقـُـوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إلَيْكُمْ وأَنتُمْ لا تُظْلَمُونَ} [سورة الأنفال: من الآية 60].
٢ . الإنفاق في السنة الشريفة :
ورد ذكر الإنفاق في الكثير من السنة الشريفة منها :
- وعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي معاينة الصورة قال: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه اللَّه مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه اللَّه حكمة فهو يقضي بها ويعلمها) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
- وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ : (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفا) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
- وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما أن رجلاً سأل رَسُول اللَّهِ : أي الإسلام خير قال: (تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
- وعن أبي أمامة صدي بن عجلان رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ معاينة الصورة: (يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول؛ واليد العليا خير من اليد السفلى) رَوَاهُ مُسلِمٌ.
ثالثا : أنواع الإنفاق في سبيل الله :
١ . إنفاق الفريضة هو :
ما يجب إنفاقه من المال ، وما للحاكم أن يأخذه ليصرفه في مصارفه، رضي ذلك المستخلف على المال أم كرهه .
٢ . إنفاق التطوع فهو :
ما ترك للمستخلف أن ينفقه دون أن يجبره على إنفاقه أحد.
رابعا بواعث الإنفاق في سبيل الله ودوافعه :
١ . الإنفاق دليل على قوى العقيدة والإيمان :
ولقد عبر القرآن عن ذلك فقال الله تبارك وتعالى { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فأن الله به عليم } آل عمران 92 ] وليس هناك أدنى شك في أن أفضل مجالات الإنفاق هو الإنفاق في سبيل الله .
٢ . الإنفاق امتثال لأمر الله المالك الأصلي للمال :
إن الأموال التي بأيدينا هي أموال الله، ونحن خلفاؤه فيها، وهو يأمرنا بالإنفاق {وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: 7] {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33].
٣ . الإنفاق فرصة لنيل ثواب الجهاد وشرفه :
ذلك قول الله تبارك وتعالى { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ...} النساء 95 ]
وقال صلى الله عليه وسلم :((من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا ))أخرجه الشيخان .
٥ . الجهاد بالمال يربي أجيالاً على الحب والتعاون والاتحاد :
وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في سبيلِ اللَّه ، وَدِينَارٌ أَنْفَقتَهُ في رقَبَةٍ ، ودِينَارٌ تصدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفقْتَهُ علَى أَهْلِكَ ، أَعْظمُهَا أَجْراً الَّذي أَنْفَقْتَهُ علَى أَهْلِكَ » رواه مسلم .
أخرج البيهقي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أفضل الصدقة أن تشبع كبدًا جائعًا))؛ رواه الشيخان .
خامسا : آداب الإنفاق :
لكي يؤدي الإنفاق تلك الثمار العظيمة والفوائد الجليلة لابد وأن يكون المنفق مستحضراً آداباً مهمة فيه ، وهي :
1 – الإخلاص :
الإخلاص يعني تجريد العبودية لله تعالى لا يشوبها شائبة رياء أو سمعة أو غيرهما، فإذا أنفق على نفسه وأسرته ينفق شاكراً لله تعالى على ما أعطاه من هذه المال ، حامداً له على هذه النعمة ، وإذا أنفق على الفقراء والمساكين ، أو مشاريع الخير وأعمال البر يريد الأجر والثواب من هذه الإنفاق ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) (أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب بدء الوحي ، باب كيف كان بدء الوحي 1/9 برقم 1 ، ومسلم ، كتاب الإمارة ، باب قوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنية ) 3/1515 برقم 1907 )
فمن انفق يبتغي الأجر فله ذلك ، ومن أنفق رياء أو سمعة أخذ حظه من ثناء الناس في الدنيا ، وليس له حظ في الآخرة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أول الناس يقضي عليه يوم القيامة ثلاثة .. " ومنهم : " رجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله ، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك ، قال : كذبت ولكنك فعلت ليقال جواد ، فقد قيل ، فسحب على وجهه ، ثم ألقي في النار) ( رواه مسلم ، كتب الإمارة ، باب : من قاتل للرياء والسمعة استحق النار 3/1514 ، رقم 1905 ).
2 – عدم المن والأذى :
المن هو : التحدث بما أعطي حتى يبلغ ذلك المعطي فيؤذيه ، والأذى هو : السب والتطاول والتشكي .
وعدم المن والأذى هو الأدب الثاني الذي يتفق مع ما فطر الله تعالى النفس الإنسانية عليه من الكرامة والعزة ، فتلك النفس تأبى أن يكون هذا العطاء مقروناً بمن أو أذى، إذا أن هذا المن يخدش كرامة النفوس الكريمة ويجرح مشاعرها ، ويستذلها بمنته ، ويشعرها بالصغار والهوان .
من هنا جعل الله سبحانه الصدقات المقرونة بالمن والأذى باطلة غير مقبولة، يقول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ما له رياء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين ). (سورة البقرة آية 264 )
ولخسة نفس المنان بعطيته ، ولؤم طبعه ورغبته في الاستعلاء الكاذب ، وتطلعه إلى إذلال الناس ، جعله الرسول صلى الله عليه وسلم من الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، وهم كما في الحديث : (المسبل ، والمنان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ) (رواه مسلم ، كتاب الإيمان ، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية 1/102 ، برقم 106 ).
3 – الإنفاق من المال الطيب :
لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً ، فقد أمر سبحانه بالإنفاق من الطيب المحبوب للنفس ، فأحب لأخيك ما تحب لنفسك ، يقول تعالى آمراً بالإنفاق من الطيبات ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقوا ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه وأعلموا أن الله غني حميد ) . ( سورة البقرة آية 267).
والبر والأجر إنما ينال بالإنفاق من المال الطيب المحبوب ، يقول الله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) (سورة آل عمران آية 92 ) .
4 – الاعتدال في الإنفاق :
المال أمانة عند صاحبه ، فهو مال الله تعالى ، رزقه هذا الإنسان ، فليتعامل به وفق منهج الله تعالى ، فلا يتعالى فيه فيبذر ويسرف ويتجاوز القصد والاعتدال ، ولا يقتر فيشح ويبخل ويمسك ،
قال تعالى مادحاً المؤمنين الذين يسلكون هذا المنهج : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) (سورة الفرقان آية 67 )
سادسا : ثمرات الإنفاق في سبيل الله :
1- دخول الجنة :
يقول تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ).( سورة آل عمران آية 133 ، 134 ) .
2- الوقاية من النار ، وتكفير السيئات :
روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) (أخرجه البخاري ، ومسلم
ويقول صلى الله عليه وسلم : ( الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ). (أخرجه الترمذي والنسائي
3- تكثير الحسنات ، ومضاعفة الأجور :
يقول تعالى ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) (سورة البقرة آية 361 ) .
ويقول سبحانه (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسناً وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم) . (سورة المزمل آية 20 )
4- في الإنفاق طهرة للمنفق ، وتزكية لقلبه ، وتنمية للمال وسلامة له من الآفات :
يقول سبحانه وتعالى ( خذ من أموالهم صدقة تظهرهم وتزكيهم بها ) (سورة التوبة آية 103 )
سابعا : امثلة رائعة للمنفقين في سبيل الله:
١ . أبو بكر الصديق - رضي الله عنه :
وأخرج ابن عساكر من طرق عن عائشة - رضي الله عنها - وعروة بن الزبير أن أبا بكر - رضي الله عنه - أسلم يوم أسلم وله أربعون ألف دينار، وفي لفظ: أربعون ألف درهم، فأنفقها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما لأحد عندنا يدٌ إلا وقد كافأناه، إلا أبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر)).
٢ . عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ينفق نصف ماله :
أخرج أبو داود والترمذي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتصدَّق، فوافق ذلك مالاً عندي، قلت: اليوم أسبق أبا بكر - إن سبقتُه يومًا - فجئتُ بنصف مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أبقيتَ لأهلك؟))، قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكلِّ ما عنده، فقال: يا أبا بكر، ما أبقيتَ لأهلِك؟ قال: أبقيتُ لهم اللهَ ورسوله، فقلتُ: لا أسبقه في شيء أبدًا.
٣ . عثمان بن عفان رضي الله عنه :
أخرج الترمذي عن عبدالرحمن بن خباب قال: شهدتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يحثُّ على جيش العسرة، فقال عثمان بن عفان: يا رسول الله، عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حضَّ على الجيش، فقال عثمان: يا رسول الله، عليَّ مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حضَّ على الجيش، فقال عثمان: يا رسول الله، عليَّ ثلاثمائة بعيرٍ بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: ((ما على عثمانَ ما عمل بعد هذه شيء)).
وأخرج الترمذي عن أنس، والحاكم عن عبدالرحمن بن سمرة، قال: جاء عثمان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بألفِ دينار حين جهَّز العسرة، فنثرها في حجره، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقلِّبها ويقول: ((ما ضرَّ عثمان ما عَمِل بعد اليوم)) مرتين.
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "اشترى عثمان الجنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّتين؛ حيث حفر بئر رومة، وحيث جهَّز جيش العسرة".
٤ . أبو طلحة رضي الله عنه :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالًا من نخل ، وكان أحبَّ أمواله إليه بَيْرَحَاء، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيِّب،
قال أنس : فلما أنزلت هذه الآية: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ آل عمران : 92 ، قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، إنَّ الله -تبارك وتعالى- يقول : لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ، وإنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بَيْرَحَاء، وإنَّها صدقة لله ، أرجو برَّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخ ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح ، وقد سمعت ما قلت ، وإنِّي أرى أن تجعلها في الأقربين. فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله. فقسَّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمِّه)) تابعه رَوْحٌ. وقال يحيى بن يحيى وإسماعيل، عن مالك: ((رايح)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق