الإسراء والمعراج : صبر على الالم وثبات على الحق وثقة في النصر
... بقلم محمد أبوغدير المحامي
رفع النبي الكريم اكف الضراعة الى الله وأقبل بوجهه إليه بعيون دامعة وقلب مطمئن قال :
"اللهم إليك أشكو ضَعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين. أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن رحمتك ـ أو عافيتك ـ أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تُنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك. لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"
وكان ذلك بعد أن توجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لعله يجد فيها من يقبل دعوته ويحميها ، إذ لم يجد في مكة آذان صاغية ولا قلوب واعية تسمع وتعي وتحمل دعوة الحق ، ففُوجِيء فيها بالجحود والصدود ، وسلطوا عليه سفهاءهم فأسمعوه ما يؤذيه و قذفوه بالحجارة حتى أدموا قدميه الشريفتين،
فاستند صلى الله عليه وسلم إلى بستان هناك يلتمس الحماية ويناجي ربه بذاك الدعاء الخالد ، فكانت رحلة الإسراء والمعراج معجزة الله تأييدا وتصديقا ، وتزكية وتربية ، وقيادة وريادة ، وأملا بعد ألم
فكانت رحلة الإسراء والمعراج معجزة الله تأييدا وتصديقا للنبي الكريم : فهي معجزة لأن السفر من مكة الى بيت المقدس الذي يستغرق أربعين يوما يقطعه صلى الله عليه وسلم بصحبة جبريل الأمين ثم صعد الى السماوات العلى في ليلة أو جزء منها .
وكانت تسلية وتعزية وتأييدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة ؛ ومن جهة اخرى كانت دليلا على صحة نبوته وتصديق رسالته صلى الله عليه وسلم ،
وقد حدثت الإسراء والمعراج بعد محن وشدائد مرّ بها نبينا صلى الله عليه وسلم، فبعد وفاة عمه وزوجه، ومقاطعة اقتصادية واجتماعية في شِعب أبي طالب ، وبعد أن مضي إثنتي عشرة سنة من البعثة ، فيشاء الله بعباده أن يمن علر رسوله برحلة تاريخية لم ينل شرفها قبله نبي مرسل ولا ملك مقرب.
وكانت رحلة الإسراء والمعراج تزكية وتربية : ففيها فرضت الصلاة ، وهي الفريضة الوحيدة التي فرضت في السماء السابعة وبدون واسطة ، والصلاة هي من أعظم ما تزكو به النفوس .
فقد قرن الله تعالى بينها وبين التزكية في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى*وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14- 15].
وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم تطهير الصلاة للنفوس بتطهير الماء للأبدان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «أرأيتم لو أنَّ نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كلَّ يوم خمس مرَّاتٍ، هل يبقى من دَرَنِهِ شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فَذَلِكَ مَثل الصَّلَوَات الخمس يمحو الله بهنَّ الخطايا» رواه البخاري .
وعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخمس كَمَثَلِ نَهرٍ جَارٍ غَمْرٍ عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْس مَرَّات» رواه مسلم.
وكانت رحلة الإسراء والمعراج قيادة وريادة : فلقد ثبت في الروايات المتعددة أن رسول الله صلى بالأنبياء إمامًا في بيت المقدس في ليلة الإسراء والمعراج، وفي هذا دلالات منها أن الإسلام هو كلمة الله الأخيرة إلى خلقه، ودليل على عالمية الإسلام، وعموم رسالة محمد ، وأنه حامل لواء الهداية للخلق جميعًا، تحمَّلها سيدنا رسول الله بأمانة وقوة، وقام بحقها على خير وجه، ثم ورَّثها لأمته من بعده، وبذلك أصبحت خير أمة أخرجت للناس، ومسئولة عن إقامة حُجَّة الله على خلقه جميعًا، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143].
وكانت رحلة الإسراء والمعراج أمل بعد ألم : فلقد سبق الإسراء والمعراج آلام تعذيب المؤمنين في مكة والمقاطعة في شعب ابي طالب ثم أذي الرسول في الطائف ، ثم الرسول بالدعاء وطلب النصر عند حائط ثقيف ، ولقد لحق بالإسراء الهجرة الى المدينة وإقامة الدولة المسلمة بها بعد الجهاد الصبر والثبات ، ومن ثم يعود الأمل إلى القلوب من جديد بعد التماس الأسباب الآتية :
1-الإيمان اليقيني بقدرة الله، وانتظار فرجه ،وذلك مع التماس كافة أسباب النصر والتمكين .
2-الأقلاع عن المعاصي والتوبة من الذنوب ، والدعاء واللجوء إليه واليقين بالاستجابة .
3-التحلى بالصبر والثبان ، والهُرُوع إلى الصلاة والسكن إلى المولى.
4-التركيز على إيجابيات المحن والدروس والعبر المستفادة منها دون التركيز على سلبياتها .
5-صُحبة أهل الهمة العالية الأمل والتفاؤل ، لا أهل الكسل واليأس والتشاؤم.
6- دراسة سِيَر المجاهدين الصابرين ووسائلهم إلى النصر والتمكين .
... بقلم محمد أبوغدير المحامي
رفع النبي الكريم اكف الضراعة الى الله وأقبل بوجهه إليه بعيون دامعة وقلب مطمئن قال :
"اللهم إليك أشكو ضَعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين. أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن رحمتك ـ أو عافيتك ـ أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تُنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك. لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"
وكان ذلك بعد أن توجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لعله يجد فيها من يقبل دعوته ويحميها ، إذ لم يجد في مكة آذان صاغية ولا قلوب واعية تسمع وتعي وتحمل دعوة الحق ، ففُوجِيء فيها بالجحود والصدود ، وسلطوا عليه سفهاءهم فأسمعوه ما يؤذيه و قذفوه بالحجارة حتى أدموا قدميه الشريفتين،
فاستند صلى الله عليه وسلم إلى بستان هناك يلتمس الحماية ويناجي ربه بذاك الدعاء الخالد ، فكانت رحلة الإسراء والمعراج معجزة الله تأييدا وتصديقا ، وتزكية وتربية ، وقيادة وريادة ، وأملا بعد ألم
فكانت رحلة الإسراء والمعراج معجزة الله تأييدا وتصديقا للنبي الكريم : فهي معجزة لأن السفر من مكة الى بيت المقدس الذي يستغرق أربعين يوما يقطعه صلى الله عليه وسلم بصحبة جبريل الأمين ثم صعد الى السماوات العلى في ليلة أو جزء منها .
وكانت تسلية وتعزية وتأييدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة ؛ ومن جهة اخرى كانت دليلا على صحة نبوته وتصديق رسالته صلى الله عليه وسلم ،
وقد حدثت الإسراء والمعراج بعد محن وشدائد مرّ بها نبينا صلى الله عليه وسلم، فبعد وفاة عمه وزوجه، ومقاطعة اقتصادية واجتماعية في شِعب أبي طالب ، وبعد أن مضي إثنتي عشرة سنة من البعثة ، فيشاء الله بعباده أن يمن علر رسوله برحلة تاريخية لم ينل شرفها قبله نبي مرسل ولا ملك مقرب.
وكانت رحلة الإسراء والمعراج تزكية وتربية : ففيها فرضت الصلاة ، وهي الفريضة الوحيدة التي فرضت في السماء السابعة وبدون واسطة ، والصلاة هي من أعظم ما تزكو به النفوس .
فقد قرن الله تعالى بينها وبين التزكية في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى*وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14- 15].
وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم تطهير الصلاة للنفوس بتطهير الماء للأبدان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «أرأيتم لو أنَّ نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كلَّ يوم خمس مرَّاتٍ، هل يبقى من دَرَنِهِ شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فَذَلِكَ مَثل الصَّلَوَات الخمس يمحو الله بهنَّ الخطايا» رواه البخاري .
وعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخمس كَمَثَلِ نَهرٍ جَارٍ غَمْرٍ عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْس مَرَّات» رواه مسلم.
وكانت رحلة الإسراء والمعراج قيادة وريادة : فلقد ثبت في الروايات المتعددة أن رسول الله صلى بالأنبياء إمامًا في بيت المقدس في ليلة الإسراء والمعراج، وفي هذا دلالات منها أن الإسلام هو كلمة الله الأخيرة إلى خلقه، ودليل على عالمية الإسلام، وعموم رسالة محمد ، وأنه حامل لواء الهداية للخلق جميعًا، تحمَّلها سيدنا رسول الله بأمانة وقوة، وقام بحقها على خير وجه، ثم ورَّثها لأمته من بعده، وبذلك أصبحت خير أمة أخرجت للناس، ومسئولة عن إقامة حُجَّة الله على خلقه جميعًا، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143].
وكانت رحلة الإسراء والمعراج أمل بعد ألم : فلقد سبق الإسراء والمعراج آلام تعذيب المؤمنين في مكة والمقاطعة في شعب ابي طالب ثم أذي الرسول في الطائف ، ثم الرسول بالدعاء وطلب النصر عند حائط ثقيف ، ولقد لحق بالإسراء الهجرة الى المدينة وإقامة الدولة المسلمة بها بعد الجهاد الصبر والثبات ، ومن ثم يعود الأمل إلى القلوب من جديد بعد التماس الأسباب الآتية :
1-الإيمان اليقيني بقدرة الله، وانتظار فرجه ،وذلك مع التماس كافة أسباب النصر والتمكين .
2-الأقلاع عن المعاصي والتوبة من الذنوب ، والدعاء واللجوء إليه واليقين بالاستجابة .
3-التحلى بالصبر والثبان ، والهُرُوع إلى الصلاة والسكن إلى المولى.
4-التركيز على إيجابيات المحن والدروس والعبر المستفادة منها دون التركيز على سلبياتها .
5-صُحبة أهل الهمة العالية الأمل والتفاؤل ، لا أهل الكسل واليأس والتشاؤم.
6- دراسة سِيَر المجاهدين الصابرين ووسائلهم إلى النصر والتمكين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق