شهر رمضان منحة ربانية ليغفر الله ذنوب عباده الصائمين نهاره والقائمين ليله والذاكرين الله تعالى على كل أحوالهم ، ومن ثمار المغفرة والإستغفار صلاح العبد وسعادته واستقامة أحواله ، وحصول الرضا والطمأنينة وراحة البال ، كما ان قيام اللّيل هو شرف المؤمن ويعطيه جلالًا ونورًا ، ويجنّبه الإعراض والغفلة .
فإذا ادرك المسلم ثمرات هذا الشهر رق قلبه وأشرقت روحه وحصلت إبتسامته التي تنثر عبير المودة وتنشر نسائم المحبة ، وكانت بلسما للألم ودواءا للحزن ، على كل من حوله .
وحينما تبتسم قلوب الصالحين يدركون بأن السعادة حقا تغمرهم، فالراحة و الهناء حين تطمئن القلوب و ليست عندما تسكن الجوارح .
وهيا بنا نهيئ أنفسنا أن تكون البسمة حالنا الناشيء قلب موصول بالله تعالى وروح َمشرقة ووجه منطلق، وفي هذه السطور القصيرة نتكلم عن فقه الإبتسامة من حيث مفهومها، وتمييزها عن الضحك، وكيف حث الرسول صلى الله عليه وسلم عليها ، وفوائدها ، وكونها طاعة وعبادة ، وون الرسول هو قدوتنا فيها، وبعض ما قال العلماء والمفكرين عنها، وبيان ذلك في التي .
أولا : مفهوم الإبتسامة :
الإبتسامة من التبسم وهو مبادئ الضحك ، والضحك انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور ، فإن كان بصوت يسمع من بعيد فهو القهقهة ، وإلا فهو الضحك، وإن كان بلا صوت فهو التبسم .
والإبتسامة نعمة عظيمة من نعم الله تعالى ، فهي سحر حلال تنبثق من القلب فتعطي الإنسان نشاطا وحيوية ، إن رسمها لنفسه ازداد بها قوة ، وإن أرسلها لقريب أشعره بالراحة ، وإن وجهها لمن لايعرفه صنعت معه صداقةً ، لذلك قال ابن عيينة رحمه الله: ( البشاشة مصيدة القلوب ).
ثانياً : الفرق بين الابتسامة والضحك :
1 - في الابتسامة يراعي الآداب فلا تبرز فيها سوى نواجذ الأسنان ، بينما الضحك قد يتجاوز إلى ظهور لسان المزمار
2 - والابتسامة دليل التواضع، بينما الضحك قد تصاحبه القهقهة فيكون دليل الكبر.
3 - الابتسامة حالة دائمة لأنها قناعة قلبية ورضا داخلي لذلك يبقى مفعول الابتسامة طويلاً ، بينما الضحك لا يلبث أن يتلاشى لأنه قد يأتي نتيجة لحالة مفاجئة طارئة.
ثالثا : الرسول صلى الله عليه وسلم يحث على الإبتسامة
الرسول الكريم عليه السلام يدعو المسلمين على طلاقة الوجه والتبسم في وجه بعضهم البعض:
1 • (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق). مسلم 2626.
2 • (تبسمك في وجه أخيك صدقة). رواه الترمذي.
3 • (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق). رواه أبو يعلى والبيهقي في شعب الإيمان.
رابعاً : فوائد الابتسامة :
1. أنها باب من أبواب الصدقة والمعروف :
قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم : ( وتبسمك في وجه أخيك لك صدقة ) رواه الترمذي .
وقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم : ( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ) رواه الحاكم والبيهقي .
2. أنها سبب في كسب مودة الناس ومحبتهم :
قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم : ( لن تسعوا الناس بأموالكم ، فليسعهم منكم بسط الوجه ) رواه الحاكم .
3. فيها ترويح للنفس ودواء للهموم وذهاب للغموم :
قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم : ( وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة ) رواه الطبراني في الكبير .
4. تجدد في النفس النشاط :
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه " إن هذه القلوب تمل كما تملّ الأبدان ، فابتغوا لها طرف الحكمة " .
5. أنها مظهر من مظاهر حسن الخلق :
قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - ( أنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ) رواه مسلم .
6. وفيها تأس بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم :
قال عبدالله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه : " ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه الترمذي .
وعن جرير بن عبد الله - رضى الله عنه- قال : ( ما حجبني النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، ولا رآني إلا تبسّم في وجهي ) رواه البخاري
ثالثا : الإبتسامة طاعة وعبادة :
1 . نبتسم لأنفسنا لنسعدها وندخل السرور إليها ، نبتسم عندما نحقق إنجازاً ولو صغيراً فإن ذلك يدفع إلى مزيد من العطاء والإنجاز ، نبتسم عند الإخفاق لأن ذلك خطوة على طريق النجاح .
2 . ونبتسم لأقرب الناس إلينا من الوالدين والزوجة والأولاد فهم أولى الناس بالابتسامة ، فكم تبددت جبال المشاكل فور تلقيها حرارة الابتسامة ، وسارعت بالانصهار والذوبان .
3 . ونبتسم لرفقاء العمل وجيران المنزل وتلاميذ الفصل ، لتفرج بها عنهم هموم قلوبهم و نداوي بها مكلومهم وننشط خاملهم و تفرح محزونهم .
رابعاً : الرسول قدوتنا في الإبتسامة :
1 . كان حال الرسول دائما التبسم :
وقال عبدالله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه : " ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه الترمذي .
يقول جابر بن سمرة رضي الله عنه في وصف النبي صلى الله عليه وسلم ( .... كان لا يضحك إلا تبسما ... ) رواه الحاكم .
2 . لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم وهو ينظر إلى مستقبل هذه الأمة :
عن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها قالت: "نام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً قريباً مني ثم استيقظ يتبسم فقلت: ما أضحكك، قال : ( أناسٌ من أمتي عرضوا عليّ يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة، قالت: فادعوا الله أن يجعلني منهم فدعا لها ) رواه البخاري .
ولقد ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا وهو مبتسم :
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: ( أن المسلمين بينما هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين وأبو بكر يصلي بهم، فإذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة ثم تبسم يضح )
خامساً : بعض أقوال العلماء والمفكرين عن التبسم :
• قال أبو حاتم بن حبان - رحمه الله -:
"البشاشة إدام العلماء، وسجية الحكماء؛ لأن البـِشر يطفئ نار المعاندة ويحرق هيجان المباغضة، وفيه تحصين من الباغي ومنجاة من الساعي، ومن بشَّ للناس وجها لم يكن عندهم بدون - بأقل - الباذل لهم ما يملك".
• وعن عروة بن الزبير قال:
"أخبرت أنه مكتوب في الحكمة: يا بني ليكن وجهك بسطا، ولتكن كلمتك طيبة؛ تكن أحب إلى الناس من أن تعطيهم العطاء".
• وعن سعيد بن الخمس قال:
"قيل له ما أبشـَّك؟ قال: إنه يا قوم على برخيص". يعني: إن البشاشة رخيصة لا تكلفه مالا ولا جهدا، وإنها غالية وقيمة؛ لأنها تجذب القلوب وتقتلع أسباب البغضاء.
• فولتير :
الابتسامة تذيب الجليد وتنشر الارتياح وتبلسم الجراح: انها مفتاح العلاقات الإنسانية الصافية
• شكسبير :
أن تشق طريقا بالابتسامة خير من أن تشقه بالسيف
•حكمة تايلندية :
الابتسامة طريقك الأقصر الى قلوب الاخرين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق