مقدمة :
الإنسان ضعيف مهما كانت قوته فقير مهما كانت قدرته ، لذلك يتعبد إلى الله تعالى بأن يعلن افتقاره إليه تعالى ويرجو رحمة ويخاف عذابه ، فيطمئن قلبه بذكره ويجتهد في إستغفاره .
ومن لزم الدعاء لن يدركه الشقاء ، وتفتح له أبواب الرحمة ، ويرفع عنه البلاء قبل نزوله وبعد نزوله ، وفي الدعاء سلامة من الكبر ، وهو سبب لدفع غضب الله تعالى .
ومن كان حريصا على أن يستجيب الله لدعائه فليتحلى بالإخلاص في القول والعمل ويلزم التوبة من المعاصي ويحرص على اللقمة الحلال ويتزرع بالصبر والأناة ، ويحسن الظن بالله تعالى ويكون حاضر القلب، متدبرا لمعاني ما يقول ، ولا يعتدي في الدعاء ولا يشغله عن أمر واجب أو فريضة حاضرة .
ويستحب للداع أن يسبق دعاءه بحمد الله تعالى والثناء عليه، وأن يكون حال دعائه على وضوء مستقبلا القبلة، وليستشعر التذلل والافتقار والانكسار ، وأن يتخير أحسن ألفاظ الدعاء ومعانيه الجامعة ، وأن يترصد لدعائه الأوقات المباركة ويغتنم الأحوال الفاضلة .
والعبد المؤمن المستجيب لأمر الله والمنكسر بين يديه يدعوه وهو موقن بالاجابة ، قال الله تعالى : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون } البقرة : 186.
فهيا بنا في هذه السطور نعيش فقه الدعاء من حيث تعريفه وأنواعه ، ونقف عند معانيه الواردة في القرآن الكريم، ولنتدبر جوامع الدعاء في الكتاب والسنة ، ولنستعذب فضائله وثمراتُه ، ونقف عند آدابه ومستحباته وشروط قبوله ، وبيان ذلك في الآتي :
أولاً : تعريف الدعاء في اللغة والاصطلاح وأنواعه :
أ - الدعاء لغة :
.
قال ابن منظور في لسان العرب مادة (د ع و) : دعا الرجلَ دعوًا ودعاءً: ناداه. والاسم: الدعوة.
ودعوت فلانًا: أي صِحت به واستدعيته -.
ب - الدعاء شرعًا :
قال الخطابي: معنى الدعاء : استدعاءُ العبدِ ربَّه عزَّ وجلَّ العناية ، واستمدادُه منه المعونةَ.
وحقيقة الدعاء : إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرُّؤ من الحول والقوّة ، وهو سمةُ العبودية، واستشعارُ الذلَّة البشريَّة ، وفيه معنى الثناء على الله عزَّ وجلَّ، وإضافة الجود والكرم إليه.
ج : الدعاء نوعان هما :
1. دعاء المسألة :
هو طلب ما ينفع الداعي ، وطلب كشف ما يضره ودفعه .
2. دعاء العبادة :
وهو التقرب إلى الله بجميع أنواع العبادة، الظاهرة والباطنة، من الأقوال والأعمال، والنيات والتروك، التي تملأ القلوب بعظمة الله وجلاله.
ثانياً : معاني الدعاء في القرآن الكريم :
ورد الدعاء في القرآن الكريم على وجوه عديدة في المعنى بيانها في الآتي :
1- الدعاء بمعنى العبادة :
كما في قوله تعالى : { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } الكهف:28 .
2- الدعاء بمعنى الطلب :
كما في قوله تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } البقرة : 186.
3- الدعاء بمعنى الاستغاثة :
كما في قوله تعالى: { وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّن مِّثْلِهِ وَٱدْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } البقرة :23 .
4 - الدعاء بمعنى النداء :
كما في قوله تعالى: { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } الإسراء : 52 .
5 - الدعاء بمعنى توحيد الله وتمجيده والثناء عليه :
كما في قوله تعالى: { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ }الإسراء : 110 .
6 - الدعاء بمعنى الحثّ على الشيء :
كما في قوله تعالى: { قَالَ رَبّ ٱلسّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى إِلَيْهِ } يوسف:33 .
7 - الدعاء بمعنى رفعة القدر :
كما في قوله تعالى: { لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِى ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِى ٱلآخِرَةِ } غافر:43.
8 - الدعاء بمعنى القول :
كما في قوله تعالى: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءهُم بَأْسُنَا إِلا أَن قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ} الأعراف:5 .
9 - الدعاء بمعنى سؤال الاستفهام :
كما في قوله تعالى:{ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيّنَ لَّنَا مَا هِىَ } البقرة:68.
10- الدعاء بمعنى التسمية :
كما في قوله تعالى: {قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ} الإسراء:110 .
والمعنى: أيا ما تسمّوا في ثنائكم ودعائكم وسؤالكم"
ثالثا : جامع الدعاء من الكتاب والسنة :
أ - من القرآن الكريم :
1 . ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ الفاتحة: 6 ، 7 .
2 . ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ البقرة: 201 .
3 . ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا * رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا * رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ البقرة: 286 .
4 . ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ آل عمران: 8 .
5 . ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ آل عمران: 147 .
6 . ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ آل عمران: 193، 194 .
7 . ﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾ الأعراف: 89 .
8 . ﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ يونس: 85، 86 .
9 . ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ إبراهيم: 41 .
10 . ﴿ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ الإسراء: 24 .
ب - الدعاء من السنة المطهرة :
1 . ( اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صليتَ على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما باركتَ على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد)؛ رواه البخاري .
3 . ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت؛ فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني؛ إنك أنت الغفور الرحيم)؛ رواه البخاري .
4 . ( اللهم أحيِني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي)؛ رواه البخاري .
5 . ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتَني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )؛ رواه البخاري .
6 . ( اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن يساري نورًا، وفوقي نورًا، وتحتي نورًا، وأمامي نورًا، وخلفي نورًا، واجعل لي نورًا )؛ رواه البخاري
7 . ( اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحزَن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضَلَع الدَّين، وغلَبة الرجال )؛ رواه البخاري .
8 . ( اللهم باعِدْ بيني وبين خطاياي كما باعدتَ بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض مِن الدَّنس، اللهم اغسِلْني من خطاياي بالثلج والماء والبَرَد ) رواه مسلم .
9 . ( اللهم أصلِحْ لي دِيني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خيرٍ، واجعل الموتَ راحةً لي من كل شر ) رواه مسلم .
10 . ( اللهم اغفِرْ لي ما قدمتُ وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر، وأنت على كل شيءٍ قدير ) رواه مسلم .
11 . ( اللهم أعوذ برضاك مِن سخَطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيت على نفسك )؛ رواه مسلم .
رأبعا : فضائلُ الدعاءِ وثمراتُه :
ذكرت آيات كريمة وأحاديث نبوية فضائل الدعاء وثمراته منها :
1- أن الله تعالى أثنى على أنبيائه به :
فقال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِى ٱلْخَيْرٰتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خـٰشِعِينَ} الأنبياء:90 ، فأثنى سبحانه عليهم بهذه الأوصاف الثلاثة: المسارعة في الخيرات، ودعاؤه رغبة ورهبة، والخشوع له، وبيَّن أنها هي السبب في تمكينهم ونصرتهم وإظهارهم على أعدائهم، ولو كان شيء أبلغ في الثناء عليهم من هذه الأوصاف لذكره سبحانه وتعالى .
2 - أنَّه سنَّة الأنبياء والمرسلين، ودأب الأولياء والصالحين، ووظيفة المؤمنين المتواضع :
قال تعالى: {أُولَـئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَـٰفُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57 .
3 - وهو صفة من صفات عباد الرحمن :
قال تعالى: {وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } إلى قوله: { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوٰجِنَا وَذُرّيَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } الفرقان:65-77 .
4 - أنه شأن من شؤون الملائكة الكرام :
قال تعالى: {ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَىْء رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّـٰتِ عَدْنٍ ٱلَّتِى وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ ءابَائِهِمْ وَأَزْوٰجِهِمْ وَذُرّيَّـٰتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ * وَقِهِمُ ٱلسَّيّئَـٰتِ وَمَن تَقِ ٱلسَّيّئَـٰتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ} [غافر:7-9]..
5 - أنه من أفضل العبادات :
عن النعمان بن بشير قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة))، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ...} - أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه
قال المباركفوري: "أي هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة؛ لدلالته على الإقبال على الله, والإعراض عما سواه، بحيث لا يرجو ولا يخاف إلا إياه".
6 - أنه أكرم شيء على الله تعالى :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء)) - أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه
قال الشوكاني: "قيل: وجه ذلك أنه يدل على قدرة الله تعالى وعجز الداعي، والأولى أن يقال: إن الدعاء لما كان هو العبادة, وكان مخ العبادة كما تقدم، كان أكرم على الله من هذه الحيثية؛ لأن العبادة هي التي خلق الله سبحانه الخلق لها، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]" - تحفة الذاكرين (ص30).
7 - أنَّ الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجالسَ ويلازمَ أهلَ الدعاء، وأن لا يعدُوَهم إلى غيرهم بالنظر فضلا عمَّا هو فوقه، قال الله تعالى: {وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28].
8 - أنَّ الله تعالى نهى عن الإساءة إلى أهل الدعاء، تشريفا وتكريما لهم :
فقال: { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شَىْء وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مّن شَىْء فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } الأنعام : 52 .
9 - أن الله تعالى قريب من أهل الدعاء :
قال تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } البقرة:186 ، وقد جاء في سبب نزولها أن الصحابة رضي الله عنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، ربنا قريب فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله عز وجل هذه الآية - انظر: تفسير الطبري (2/158).
10 - أنَّ من لزم الدعاء فلن يدركه الشقاء.
قال الله تعالى عن زكريَّا: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيّاً} [مريم: 4]، وقال عن خليله إبراهيم: {عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبّى شَقِيّا} [مريم: 48].
11 - أنَّه من صفات أهل الجنة في الجنة*:
قال تعالى: {دَعْوٰهُمْ فِيهَا سُبْحَـٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمفِوَءاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ} [يونس: 10].
12 - أنه مفتاح أبواب الرحمة، وسبب لرفع البلاء قبل نزوله وبعد نزوله :
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من فُتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة، وما سئل الله شيئا يُعطى أحب إليه من أن يسأل العافية، إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء ) - أخرجه الترمذي وضعفه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع
13 - أنه يرد القضاء :
فعن ثوبان مولى رسول الله أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((ولا يرد القدر إلا الدعاء)) - أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه في المقدمة وحسنه الألباني.
قال الشوكاني: "فيه دليل على أنه سبحانه يدفع بالدعاء ما قد قضاه على العبد، وقد وردت بهذا أحاديث كثيرة" - تحفة الذاكرين
14- والدعاء سلامة من الكبر :
قال تعالى : (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين).
15 - والدعاء سبب لدفع غضب الله :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من لم يسألِ اللهَ يَغْضَبْ عليه). أخرجه أحمدُ، والترمذيُّ، وابن ماجة.
خامسا : آداب الدعاء ومستحباته :
للدعاء آداب ومستحبات ينبغي مراعاتها ، منها :
1. تبدأ أولا بحمده والثناء عليه تبارك وتعالى :
عن فضالة بن عبيد ( رضي الله عنه ) : قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد إذ دخل رجل فصلى : فقال : اللهم أغفر لي وارحمني . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عجلت أيها المصلي اذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله ، وصل علي ثم ادعه ) ، قال : ثم صلى اخر بعد ذلك فحمد الله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم .فقال له النبي صلى الله : ( أيها المصلي ادع تجب ) رواه أبو داوود والترمذي .
2. الوضوء :
كما في حديث ابي موسى الاشعري ( رضي الله عنه : ) لما استغفر النبي صلى الله عليه وسلم لعبيد أبي عامر ، دعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال : ( اللهم أغفر لعبيد ابي عامر .. ) رواه البخاري ومسلم . والحديث طويل )
3 - استقبال القبلة :
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة فدعا على نفر من قريش)) - أخرجه البخاري.
4 - اختيار أحسن الألفاظ وأجمعها للمعاني :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وينبغي للخلق أن يدعوا بالأدعية المشروعة التي جاء بها الكتاب والسنة، فإنَّ ذلك لا ريب في فضله وحسنه .
5- التذلل والافتقار :
فقد أرشدك النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : ( دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت : لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين . فانه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط الا استجاب الله له )
رواه الترمذي والحاكم
6- أن يترصد لدعائه الأوقات المباركة :
كعشية عرفة من السنة، ورمضان من الأشهر، وخاصة العشر الأواخر منه، وبالأخص ليلة القدر، ويوم الجمعة من الأسبوع، ووقت السحر من ساعات الليل، وبين الأذان والإقامة.
7- أن يغتنم الحالات الفاضلة:
كالسجود، ودبر الصلوات، والصيام، وعند اللقاء، وعند نزول الغيث.
قال ابن القيم: "((دبر الصلاة)) يحتمل قبل السلام وبعده،
8- أن يستغلَّ حالات الضرورة والانكسار :
وساعات الضيق والشدة كالسفر، والمرض، وكونه مظلوما ، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده)) - أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد
9- رفع اليدين وبسط الكفَّين :
فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: ((دعا النبي صلى الله عليه وسلم ثم رفع يديه، ورأيت بياض إبطيه)) - أخرجه البخاري ومسلم ،
10 - أن يواكب دعائه عمل صالح :
ومن الادب الحسن والذي يرجي به لصاحبه ان يستجاب دعاؤه أن يقدم بين يدي دعائه عملا صالحا كصلاة او صيام او صدقة.
11- ان يخفض الداعي صوته اذا دعاء :
فقد مدح الله تعالى نبيه زكريا ـ عليه الصلاة والسلام ـ بخفض الصوت في الدعاء ، فقال تعالى : ( ذكر رحمة ربك عبده زكريا اذ نادى ربه نداء خفيا ) مريم : 3.2) .
12 - الجزم في الدعاء والعزم في المسألة :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه ) - رواه البخاري ومسلم.
سادسا : شروط قبول الدعاء :
لا يقبل الله الدعاء ولا يستجيب للداع إلا إذا توفرت جملة من الشروط، بيانها في الآتي :
1- الإخلاص في الدعاء :
الدعاء من أشرف الطاعات وأفضلِ القربات ، ولا يقبله الله إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم، قال الله تعالى : {فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ} غافر: 14،
قال ابن رجب: "واعلم أن سؤال الله عز وجل دون خلقه هو المتعين, لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، ولا يصلح الذل والافتقار إلا لله وحده لأنه حقيقة العبادة".
2- الصبر وعدم الاستعجال :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي ) - رواه البخاري ومسلم
وقال ابن القيم: "ومن الآفات التي تمنع أثر الدعاء أن يتعجل العبد ويستبطئ الإجابة فيستحسر ويدع الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذراً أو غرس غرساً فجعل يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله"،
3- التوبة من المعاصي :
هذا الشرط ركيزة ضرورية في بناء الدعاء المستجاب ، وبدونه يصح الدعاء ضعيفا واهيا.
قال عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) : بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء والسبيح .
قال بعض السلف : لا تستبطئ الاجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي .
4- أكل الحلال وتجنب الحرام :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أيها الناس إن الله طيب لا يقبل الا طيبا وان الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم )) المؤمنون : 51 ) .
5- حسن الظن بالله تعالى :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه ) - أخرجه الترمذي والحاكم.
5- حضور القلب، وتدبر معاني ما يقول :
لقوله صلى الله عليه وسلم فيما تقدم: ((واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه)).
6 - عدم الاعتداء في الدعاء :
والاعتداء هو كل سؤال يناقض حكمة الله، أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أو يتضمن خلاف ما أخبر به،
قال الله تعالى: {ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ} الأعراف: 55 ،
فمن ذلك : أن يسأل الله تعالى ما لا يليق به من منازل الأنبياء ، أو يتنطع في السؤال بذكر تفاصيل يغني عنها العموم ، أو يسأل ما لا يجوز له سؤاله من الإعانة على المحرمات.
7- أن لا يشغله الدعاء عن أمر واجب أو فريضة حاضرة :
كإكرام ضيف، أو إغاثة ملهوف، أو نصرة مظلوم، أو صلاة، أو غير ذلك..
8- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
فعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، فتدعونه فلا يستجاب لكم ) - رواه الترمذي.
سابعا : أوقات وأحوال إستجابة الدعاء :
أ - أوقات استجابة الدعاء :
1. ليلة القدر :
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة لما قالت له : أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال : قولي " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".
2. الدعاء في جوف الليل :
هو وقت السحر ووقت النزول الإلهي فإنه سبحانه يتفضل على عباده فينزل ليقضي حاجاتهم ويفرج كرباتهم فيقول : " من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له" رواه البخاري.
3. دبر الصلوات المكتوبات :
في حديث أبي أمامة " قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال جوف الليل الآخر ، ودبر الصلوات المكتوبات" رواه الترمذي .
4. بين الأذان والإقامة :
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة ) رواه أبو داود .
5. عند النداء للصلوات المكتوبة وعند التحام الصفوف في المعركة :
كما في حديث سهل بن سعد مرفوعاً : " ثنتان لا تردان ، أو قلما تردان الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضاً " رواه أبو داود .
6. عند نزول الغيث :
كما في حديث سهل بن سعد مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ثنتان ما تردان : ( الدعاء عند النداء وتحت المطر ) رواه أبو داود .
7. في ساعة من الليل :
كما قال عليه الصلاة والسلام :" إن في الليل ساعة لا يوافقها مسلم يسأل خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة" رواه مسلم .
8. ساعة يوم الجمعة :
فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال : ( فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه ) وأشار بيده يقللها . رواه البخاري ومسلم .
10 . الدعاء بعد زوال الشمس قبل الظهر :
فعن عبد الله بن السائب – رضي الله عنه أن رسول الله كان يصلي أربعاً بعد أن تزول الشمس قبل الظهر وقال : " إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح " رواه الترمذي .
11 . الدعاء عند الاستيقاظ من الليل وقول الدعاء الوارد في ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم : " مَنْ تَعَارَّ ( أي : استيقظ )مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ " رواه البخاري .
ب - أحوال استجابة الدعاء :
1. عند شرب زمزم :
فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ماء زمزم لما شرب له " رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع " .
2. في السجود :
قال صلى الله عليه وسلم : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " رواه مسلم .
3. عند سماع صياح الديكة :
لحديث : " إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله ، فإنها رأت ملكاً " رواه البخاري ومسلم .
4. عند الدعاء بـ" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " :
قد صح عنه صلى الله عليه وسلم : أنه قال : " دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له " رواه الترمذي .
5. إذا وقعت عليه مصيبة فدعا بـ "إنا لله إنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها :
" عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها " رواه مسلم .
6. دعاء الناس بعد قبض روح الميت :
ففي الحديث أن النبي صلى الله دخل على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال : " إن الروح إذا قبض تبعه البصر ، فضج ناس من أهله فقال : لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون " رواه مسلم .
7. الدعاء عند المريض :
روى مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت : قال صلى الله عليه وسلم : " إذا حضرتم المريض فقولوا خيراً فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون .. قالت : فلما مات أبو سلمة أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إن أبا سلمة قد مات، فقال لي : قولي : اللهم اغفر لي وله وأعقبني منه عقبى حسنة " قالت : فقلت فأعقبني الله من هو خير لي منه ، محمداً صلى الله عليه وسلم ".
8 . دعوة المظلوم
في الحديث : " واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " رواه البخاري ومسلم .
9 . دعاء الوالد لولده – أي : لنفعه - ودعاء الصائم في يوم صيامه ودعوة المسافر :
فقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ثلاث دعوات لا ترد : دعوة الوالد لولده ، ودعوة الصائم ودعوة المسافر " رواه البيهقي .
10 . دعوة الوالد على ولده – أي : لضرره :
ففي الحديث الصحيح : " ثلاث دعوات مستجابات : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده " رواه الترمذي .
11. دعاء الولد الصالح لوالديه :
أخرج مسلم : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به )
الإنسان ضعيف مهما كانت قوته فقير مهما كانت قدرته ، لذلك يتعبد إلى الله تعالى بأن يعلن افتقاره إليه تعالى ويرجو رحمة ويخاف عذابه ، فيطمئن قلبه بذكره ويجتهد في إستغفاره .
ومن لزم الدعاء لن يدركه الشقاء ، وتفتح له أبواب الرحمة ، ويرفع عنه البلاء قبل نزوله وبعد نزوله ، وفي الدعاء سلامة من الكبر ، وهو سبب لدفع غضب الله تعالى .
ومن كان حريصا على أن يستجيب الله لدعائه فليتحلى بالإخلاص في القول والعمل ويلزم التوبة من المعاصي ويحرص على اللقمة الحلال ويتزرع بالصبر والأناة ، ويحسن الظن بالله تعالى ويكون حاضر القلب، متدبرا لمعاني ما يقول ، ولا يعتدي في الدعاء ولا يشغله عن أمر واجب أو فريضة حاضرة .
ويستحب للداع أن يسبق دعاءه بحمد الله تعالى والثناء عليه، وأن يكون حال دعائه على وضوء مستقبلا القبلة، وليستشعر التذلل والافتقار والانكسار ، وأن يتخير أحسن ألفاظ الدعاء ومعانيه الجامعة ، وأن يترصد لدعائه الأوقات المباركة ويغتنم الأحوال الفاضلة .
والعبد المؤمن المستجيب لأمر الله والمنكسر بين يديه يدعوه وهو موقن بالاجابة ، قال الله تعالى : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون } البقرة : 186.
فهيا بنا في هذه السطور نعيش فقه الدعاء من حيث تعريفه وأنواعه ، ونقف عند معانيه الواردة في القرآن الكريم، ولنتدبر جوامع الدعاء في الكتاب والسنة ، ولنستعذب فضائله وثمراتُه ، ونقف عند آدابه ومستحباته وشروط قبوله ، وبيان ذلك في الآتي :
أولاً : تعريف الدعاء في اللغة والاصطلاح وأنواعه :
أ - الدعاء لغة :
.
قال ابن منظور في لسان العرب مادة (د ع و) : دعا الرجلَ دعوًا ودعاءً: ناداه. والاسم: الدعوة.
ودعوت فلانًا: أي صِحت به واستدعيته -.
ب - الدعاء شرعًا :
قال الخطابي: معنى الدعاء : استدعاءُ العبدِ ربَّه عزَّ وجلَّ العناية ، واستمدادُه منه المعونةَ.
وحقيقة الدعاء : إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرُّؤ من الحول والقوّة ، وهو سمةُ العبودية، واستشعارُ الذلَّة البشريَّة ، وفيه معنى الثناء على الله عزَّ وجلَّ، وإضافة الجود والكرم إليه.
ج : الدعاء نوعان هما :
1. دعاء المسألة :
هو طلب ما ينفع الداعي ، وطلب كشف ما يضره ودفعه .
2. دعاء العبادة :
وهو التقرب إلى الله بجميع أنواع العبادة، الظاهرة والباطنة، من الأقوال والأعمال، والنيات والتروك، التي تملأ القلوب بعظمة الله وجلاله.
ثانياً : معاني الدعاء في القرآن الكريم :
ورد الدعاء في القرآن الكريم على وجوه عديدة في المعنى بيانها في الآتي :
1- الدعاء بمعنى العبادة :
كما في قوله تعالى : { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } الكهف:28 .
2- الدعاء بمعنى الطلب :
كما في قوله تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } البقرة : 186.
3- الدعاء بمعنى الاستغاثة :
كما في قوله تعالى: { وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّن مِّثْلِهِ وَٱدْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } البقرة :23 .
4 - الدعاء بمعنى النداء :
كما في قوله تعالى: { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } الإسراء : 52 .
5 - الدعاء بمعنى توحيد الله وتمجيده والثناء عليه :
كما في قوله تعالى: { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ }الإسراء : 110 .
6 - الدعاء بمعنى الحثّ على الشيء :
كما في قوله تعالى: { قَالَ رَبّ ٱلسّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى إِلَيْهِ } يوسف:33 .
7 - الدعاء بمعنى رفعة القدر :
كما في قوله تعالى: { لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِى ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِى ٱلآخِرَةِ } غافر:43.
8 - الدعاء بمعنى القول :
كما في قوله تعالى: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءهُم بَأْسُنَا إِلا أَن قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ} الأعراف:5 .
9 - الدعاء بمعنى سؤال الاستفهام :
كما في قوله تعالى:{ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيّنَ لَّنَا مَا هِىَ } البقرة:68.
10- الدعاء بمعنى التسمية :
كما في قوله تعالى: {قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ} الإسراء:110 .
والمعنى: أيا ما تسمّوا في ثنائكم ودعائكم وسؤالكم"
ثالثا : جامع الدعاء من الكتاب والسنة :
أ - من القرآن الكريم :
1 . ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ الفاتحة: 6 ، 7 .
2 . ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ البقرة: 201 .
3 . ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا * رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا * رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ البقرة: 286 .
4 . ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ آل عمران: 8 .
5 . ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ آل عمران: 147 .
6 . ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ آل عمران: 193، 194 .
7 . ﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾ الأعراف: 89 .
8 . ﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ يونس: 85، 86 .
9 . ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ إبراهيم: 41 .
10 . ﴿ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ الإسراء: 24 .
ب - الدعاء من السنة المطهرة :
1 . ( اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صليتَ على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما باركتَ على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد)؛ رواه البخاري .
3 . ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت؛ فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني؛ إنك أنت الغفور الرحيم)؛ رواه البخاري .
4 . ( اللهم أحيِني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي)؛ رواه البخاري .
5 . ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتَني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )؛ رواه البخاري .
6 . ( اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن يساري نورًا، وفوقي نورًا، وتحتي نورًا، وأمامي نورًا، وخلفي نورًا، واجعل لي نورًا )؛ رواه البخاري
7 . ( اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحزَن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضَلَع الدَّين، وغلَبة الرجال )؛ رواه البخاري .
8 . ( اللهم باعِدْ بيني وبين خطاياي كما باعدتَ بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض مِن الدَّنس، اللهم اغسِلْني من خطاياي بالثلج والماء والبَرَد ) رواه مسلم .
9 . ( اللهم أصلِحْ لي دِيني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خيرٍ، واجعل الموتَ راحةً لي من كل شر ) رواه مسلم .
10 . ( اللهم اغفِرْ لي ما قدمتُ وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر، وأنت على كل شيءٍ قدير ) رواه مسلم .
11 . ( اللهم أعوذ برضاك مِن سخَطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيت على نفسك )؛ رواه مسلم .
رأبعا : فضائلُ الدعاءِ وثمراتُه :
ذكرت آيات كريمة وأحاديث نبوية فضائل الدعاء وثمراته منها :
1- أن الله تعالى أثنى على أنبيائه به :
فقال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِى ٱلْخَيْرٰتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خـٰشِعِينَ} الأنبياء:90 ، فأثنى سبحانه عليهم بهذه الأوصاف الثلاثة: المسارعة في الخيرات، ودعاؤه رغبة ورهبة، والخشوع له، وبيَّن أنها هي السبب في تمكينهم ونصرتهم وإظهارهم على أعدائهم، ولو كان شيء أبلغ في الثناء عليهم من هذه الأوصاف لذكره سبحانه وتعالى .
2 - أنَّه سنَّة الأنبياء والمرسلين، ودأب الأولياء والصالحين، ووظيفة المؤمنين المتواضع :
قال تعالى: {أُولَـئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَـٰفُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57 .
3 - وهو صفة من صفات عباد الرحمن :
قال تعالى: {وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } إلى قوله: { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوٰجِنَا وَذُرّيَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } الفرقان:65-77 .
4 - أنه شأن من شؤون الملائكة الكرام :
قال تعالى: {ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَىْء رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّـٰتِ عَدْنٍ ٱلَّتِى وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ ءابَائِهِمْ وَأَزْوٰجِهِمْ وَذُرّيَّـٰتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ * وَقِهِمُ ٱلسَّيّئَـٰتِ وَمَن تَقِ ٱلسَّيّئَـٰتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ} [غافر:7-9]..
5 - أنه من أفضل العبادات :
عن النعمان بن بشير قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة))، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ...} - أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه
قال المباركفوري: "أي هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة؛ لدلالته على الإقبال على الله, والإعراض عما سواه، بحيث لا يرجو ولا يخاف إلا إياه".
6 - أنه أكرم شيء على الله تعالى :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء)) - أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه
قال الشوكاني: "قيل: وجه ذلك أنه يدل على قدرة الله تعالى وعجز الداعي، والأولى أن يقال: إن الدعاء لما كان هو العبادة, وكان مخ العبادة كما تقدم، كان أكرم على الله من هذه الحيثية؛ لأن العبادة هي التي خلق الله سبحانه الخلق لها، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]" - تحفة الذاكرين (ص30).
7 - أنَّ الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجالسَ ويلازمَ أهلَ الدعاء، وأن لا يعدُوَهم إلى غيرهم بالنظر فضلا عمَّا هو فوقه، قال الله تعالى: {وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28].
8 - أنَّ الله تعالى نهى عن الإساءة إلى أهل الدعاء، تشريفا وتكريما لهم :
فقال: { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شَىْء وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مّن شَىْء فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } الأنعام : 52 .
9 - أن الله تعالى قريب من أهل الدعاء :
قال تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } البقرة:186 ، وقد جاء في سبب نزولها أن الصحابة رضي الله عنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، ربنا قريب فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله عز وجل هذه الآية - انظر: تفسير الطبري (2/158).
10 - أنَّ من لزم الدعاء فلن يدركه الشقاء.
قال الله تعالى عن زكريَّا: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيّاً} [مريم: 4]، وقال عن خليله إبراهيم: {عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبّى شَقِيّا} [مريم: 48].
11 - أنَّه من صفات أهل الجنة في الجنة*:
قال تعالى: {دَعْوٰهُمْ فِيهَا سُبْحَـٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمفِوَءاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ} [يونس: 10].
12 - أنه مفتاح أبواب الرحمة، وسبب لرفع البلاء قبل نزوله وبعد نزوله :
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من فُتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة، وما سئل الله شيئا يُعطى أحب إليه من أن يسأل العافية، إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء ) - أخرجه الترمذي وضعفه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع
13 - أنه يرد القضاء :
فعن ثوبان مولى رسول الله أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((ولا يرد القدر إلا الدعاء)) - أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه في المقدمة وحسنه الألباني.
قال الشوكاني: "فيه دليل على أنه سبحانه يدفع بالدعاء ما قد قضاه على العبد، وقد وردت بهذا أحاديث كثيرة" - تحفة الذاكرين
14- والدعاء سلامة من الكبر :
قال تعالى : (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين).
15 - والدعاء سبب لدفع غضب الله :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من لم يسألِ اللهَ يَغْضَبْ عليه). أخرجه أحمدُ، والترمذيُّ، وابن ماجة.
خامسا : آداب الدعاء ومستحباته :
للدعاء آداب ومستحبات ينبغي مراعاتها ، منها :
1. تبدأ أولا بحمده والثناء عليه تبارك وتعالى :
عن فضالة بن عبيد ( رضي الله عنه ) : قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد إذ دخل رجل فصلى : فقال : اللهم أغفر لي وارحمني . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عجلت أيها المصلي اذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله ، وصل علي ثم ادعه ) ، قال : ثم صلى اخر بعد ذلك فحمد الله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم .فقال له النبي صلى الله : ( أيها المصلي ادع تجب ) رواه أبو داوود والترمذي .
2. الوضوء :
كما في حديث ابي موسى الاشعري ( رضي الله عنه : ) لما استغفر النبي صلى الله عليه وسلم لعبيد أبي عامر ، دعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال : ( اللهم أغفر لعبيد ابي عامر .. ) رواه البخاري ومسلم . والحديث طويل )
3 - استقبال القبلة :
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة فدعا على نفر من قريش)) - أخرجه البخاري.
4 - اختيار أحسن الألفاظ وأجمعها للمعاني :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وينبغي للخلق أن يدعوا بالأدعية المشروعة التي جاء بها الكتاب والسنة، فإنَّ ذلك لا ريب في فضله وحسنه .
5- التذلل والافتقار :
فقد أرشدك النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : ( دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت : لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين . فانه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط الا استجاب الله له )
رواه الترمذي والحاكم
6- أن يترصد لدعائه الأوقات المباركة :
كعشية عرفة من السنة، ورمضان من الأشهر، وخاصة العشر الأواخر منه، وبالأخص ليلة القدر، ويوم الجمعة من الأسبوع، ووقت السحر من ساعات الليل، وبين الأذان والإقامة.
7- أن يغتنم الحالات الفاضلة:
كالسجود، ودبر الصلوات، والصيام، وعند اللقاء، وعند نزول الغيث.
قال ابن القيم: "((دبر الصلاة)) يحتمل قبل السلام وبعده،
8- أن يستغلَّ حالات الضرورة والانكسار :
وساعات الضيق والشدة كالسفر، والمرض، وكونه مظلوما ، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده)) - أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد
9- رفع اليدين وبسط الكفَّين :
فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: ((دعا النبي صلى الله عليه وسلم ثم رفع يديه، ورأيت بياض إبطيه)) - أخرجه البخاري ومسلم ،
10 - أن يواكب دعائه عمل صالح :
ومن الادب الحسن والذي يرجي به لصاحبه ان يستجاب دعاؤه أن يقدم بين يدي دعائه عملا صالحا كصلاة او صيام او صدقة.
11- ان يخفض الداعي صوته اذا دعاء :
فقد مدح الله تعالى نبيه زكريا ـ عليه الصلاة والسلام ـ بخفض الصوت في الدعاء ، فقال تعالى : ( ذكر رحمة ربك عبده زكريا اذ نادى ربه نداء خفيا ) مريم : 3.2) .
12 - الجزم في الدعاء والعزم في المسألة :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه ) - رواه البخاري ومسلم.
سادسا : شروط قبول الدعاء :
لا يقبل الله الدعاء ولا يستجيب للداع إلا إذا توفرت جملة من الشروط، بيانها في الآتي :
1- الإخلاص في الدعاء :
الدعاء من أشرف الطاعات وأفضلِ القربات ، ولا يقبله الله إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم، قال الله تعالى : {فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ} غافر: 14،
قال ابن رجب: "واعلم أن سؤال الله عز وجل دون خلقه هو المتعين, لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، ولا يصلح الذل والافتقار إلا لله وحده لأنه حقيقة العبادة".
2- الصبر وعدم الاستعجال :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي ) - رواه البخاري ومسلم
وقال ابن القيم: "ومن الآفات التي تمنع أثر الدعاء أن يتعجل العبد ويستبطئ الإجابة فيستحسر ويدع الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذراً أو غرس غرساً فجعل يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله"،
3- التوبة من المعاصي :
هذا الشرط ركيزة ضرورية في بناء الدعاء المستجاب ، وبدونه يصح الدعاء ضعيفا واهيا.
قال عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) : بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء والسبيح .
قال بعض السلف : لا تستبطئ الاجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي .
4- أكل الحلال وتجنب الحرام :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أيها الناس إن الله طيب لا يقبل الا طيبا وان الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم )) المؤمنون : 51 ) .
5- حسن الظن بالله تعالى :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه ) - أخرجه الترمذي والحاكم.
5- حضور القلب، وتدبر معاني ما يقول :
لقوله صلى الله عليه وسلم فيما تقدم: ((واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه)).
6 - عدم الاعتداء في الدعاء :
والاعتداء هو كل سؤال يناقض حكمة الله، أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أو يتضمن خلاف ما أخبر به،
قال الله تعالى: {ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ} الأعراف: 55 ،
فمن ذلك : أن يسأل الله تعالى ما لا يليق به من منازل الأنبياء ، أو يتنطع في السؤال بذكر تفاصيل يغني عنها العموم ، أو يسأل ما لا يجوز له سؤاله من الإعانة على المحرمات.
7- أن لا يشغله الدعاء عن أمر واجب أو فريضة حاضرة :
كإكرام ضيف، أو إغاثة ملهوف، أو نصرة مظلوم، أو صلاة، أو غير ذلك..
8- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
فعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، فتدعونه فلا يستجاب لكم ) - رواه الترمذي.
سابعا : أوقات وأحوال إستجابة الدعاء :
أ - أوقات استجابة الدعاء :
1. ليلة القدر :
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة لما قالت له : أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال : قولي " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".
2. الدعاء في جوف الليل :
هو وقت السحر ووقت النزول الإلهي فإنه سبحانه يتفضل على عباده فينزل ليقضي حاجاتهم ويفرج كرباتهم فيقول : " من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له" رواه البخاري.
3. دبر الصلوات المكتوبات :
في حديث أبي أمامة " قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال جوف الليل الآخر ، ودبر الصلوات المكتوبات" رواه الترمذي .
4. بين الأذان والإقامة :
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة ) رواه أبو داود .
5. عند النداء للصلوات المكتوبة وعند التحام الصفوف في المعركة :
كما في حديث سهل بن سعد مرفوعاً : " ثنتان لا تردان ، أو قلما تردان الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضاً " رواه أبو داود .
6. عند نزول الغيث :
كما في حديث سهل بن سعد مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ثنتان ما تردان : ( الدعاء عند النداء وتحت المطر ) رواه أبو داود .
7. في ساعة من الليل :
كما قال عليه الصلاة والسلام :" إن في الليل ساعة لا يوافقها مسلم يسأل خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة" رواه مسلم .
8. ساعة يوم الجمعة :
فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال : ( فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه ) وأشار بيده يقللها . رواه البخاري ومسلم .
10 . الدعاء بعد زوال الشمس قبل الظهر :
فعن عبد الله بن السائب – رضي الله عنه أن رسول الله كان يصلي أربعاً بعد أن تزول الشمس قبل الظهر وقال : " إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح " رواه الترمذي .
11 . الدعاء عند الاستيقاظ من الليل وقول الدعاء الوارد في ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم : " مَنْ تَعَارَّ ( أي : استيقظ )مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ " رواه البخاري .
ب - أحوال استجابة الدعاء :
1. عند شرب زمزم :
فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ماء زمزم لما شرب له " رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع " .
2. في السجود :
قال صلى الله عليه وسلم : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " رواه مسلم .
3. عند سماع صياح الديكة :
لحديث : " إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله ، فإنها رأت ملكاً " رواه البخاري ومسلم .
4. عند الدعاء بـ" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " :
قد صح عنه صلى الله عليه وسلم : أنه قال : " دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له " رواه الترمذي .
5. إذا وقعت عليه مصيبة فدعا بـ "إنا لله إنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها :
" عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها " رواه مسلم .
6. دعاء الناس بعد قبض روح الميت :
ففي الحديث أن النبي صلى الله دخل على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال : " إن الروح إذا قبض تبعه البصر ، فضج ناس من أهله فقال : لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون " رواه مسلم .
7. الدعاء عند المريض :
روى مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت : قال صلى الله عليه وسلم : " إذا حضرتم المريض فقولوا خيراً فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون .. قالت : فلما مات أبو سلمة أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إن أبا سلمة قد مات، فقال لي : قولي : اللهم اغفر لي وله وأعقبني منه عقبى حسنة " قالت : فقلت فأعقبني الله من هو خير لي منه ، محمداً صلى الله عليه وسلم ".
8 . دعوة المظلوم
في الحديث : " واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " رواه البخاري ومسلم .
9 . دعاء الوالد لولده – أي : لنفعه - ودعاء الصائم في يوم صيامه ودعوة المسافر :
فقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ثلاث دعوات لا ترد : دعوة الوالد لولده ، ودعوة الصائم ودعوة المسافر " رواه البيهقي .
10 . دعوة الوالد على ولده – أي : لضرره :
ففي الحديث الصحيح : " ثلاث دعوات مستجابات : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده " رواه الترمذي .
11. دعاء الولد الصالح لوالديه :
أخرج مسلم : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق