رمضان شهر القرب من الله والتزود من الخيرات والطاعات ، فتتعلق فيه القلوب بالمساجد ويسعى الصائمون للبكور في الصلاة وقراءة القرآن ومجالس العلم والذكر طوال الشهر الكريم ، رغبة منهم في التزود منه للوصول إلى الدرجات العلا في الجنة .
إلا أنه بعد رمضان ينقلب حال كثير من المسلمين عما كانوا عليه من الصيام والقيام والذكر وتلاوة القرآن إلى هجر ذلك كله أو بعضه والعودة إلى الغفلة واللهو ، فما أسباب هذا التغير بعد رمضان ، وما هو العلاج ؟!
ولعل السبب الأول : هو أن ممارسة الشعائر السالف بيانها كانت عند هؤلاء تدور في إطار العادة الموروثة المرتبطة بشهر رمضان فإذا انقضى رمضان تهجر المساجد فلا صلاة ولا قيام ولا مجالس علم أو ذكر .
والعلاج هو الفهم الصحيح أن الشعائر التي تمارس في رمضان عبادة لله تعالى ، وهذه العبودية دائمة غير مقيدة بزمان ولا مكان، وان عمله لله لا ينقضي حتى تنتهي حياة .
والسبب الثاني : هو انتهاء الأجواء الإيمانية الخاصة بهذا الشهر المبارك كتصفيد الشياطين ، وفتح أبواب الجنان ، وغلق أبواب النيران التي تساعد المسلم على التقرب إلى ربه، والبعد عن المعاصي والسيئات .
والعلاج هو استشعار الأجواء الإيمانية حال ممارستنا الشعائر أيمانا وإحتسابا ، وكذلك بالوقوف على فضلها وثمراتها .
وفي هذه السطور بيان للمذكور .
أولا : الصلاة عبادة لا عادة :
سأل أعرابي أعجمي هل أنت مسلم ؟
قال: نعم ولله الحمد
ثم سله مرة أخرى . . وهل تصلي؟
فغضب الرجل وثارت ثائرته ، و ردّ قائلاً :
كيف تسألني هذا ؟
وهل يعقل أن أكون مسلماً ولستُ بمصلي !!!
فالصلاة عماد الدين ، ومن أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين ، والصلاة في جماعة بالمساجد لها فضل عظيم وثمراته طيبة ، وقد أجمع الفقهاء على أن صلاة الجماعة في المسجد من أجل الطاعات وأوكدها وأفضلها ، ومن ثم فهي ليست عادة وانما قمة العبادة ، حيث رغب الإسلام فصل البكور في المسجد لانتظار للصلاة ، بل ان صلاة الفجر في جماعة المسجد في أوَّل وقتها اعتبرها بعض العلماء قضية محورية في حياة الأمَّة المسلمة ،وهكذا ترتقي مشاعر المسلمين بتنفيذ شعائر الله بتنفيذ أوامره وفرائضه وما تعبدنا الله تعالى به .
وبيان ذلك يقتضي الحديث عن تعريف الصلاة ، ومكانتها ، وحكم أداءها في المسجد ، وفضلها ، وصلاة الفجر ومكانة ، ووسائل المحافَظة عليها :
أ - تعريف الصلاة :
* الصلاة لغة: الدعاء.
* تعريف الصلاة شرعاً : عبادة ذات أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم.
والعبادة كما عرفها ابن القيم هي : المحبة مع الخضوع ، وهي التي خلق الله الخلق لأجلها ، وإنها غاية الحب بغاية الذل ولا يصلح ذلك إلا له وحده دون شريك .
وقد اشتملت الصلاة على جل أنواع العبادة من الاعتقاد بالقلب والخشوع والخضوع ، وعلى أقوال اللسان من الشهادتين وتلاوة القرآن والتسبيح والتحميد وغيرها ، وعلى عمل الجوارح من الركوع والسجود والقيام والاعتدال وغيرها ، وعلى الطهارة الحسية من الأحداث والأنجاس والمعنوية من الإشراك والفحشاء وغير ذلك ، مما لم يجتمع في غيرها من العبادات .
ب - مكانة الصلاة في الإسلام :
للصلاة مكانة عظيمة في الإسلام : فهي أعظم فرائض الإسلام قدراً وفضلا ، وهي الفارق بين الكفر والإيمان ، وتجتمع عليها كل فرائض الإسلام واركانها الأخرى .
1 . الصلاة أعظم فرائض الإسلام قدراً وفضلا :
فهي الركن الأول من أركان الإسلام الخمسة بعد الشهادتين ، وهي أول ما ينبغي أن يتعلمه الطفل المسلم في صغره قبل أن يبلغ الحلم ، يقول صلى الله عليه وسلم " مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر سنين " أخرجه أبو داود وهو حسن لغيره .
ومن فرط أهميتها لم يفتأ صلى الله عليه وسلم يوصي بها طول حياته ، ولم ينس ذلك أبداً ، حتى وهو يجود بآخر أنفاسه الطاهرة ، فكان يردد " الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم " .
2 . الصلاة هي الفارق بين الكفر والإيمان :
وقد ثبت ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر " أخرجه الترمذي والنسائي وان ماجه وأحمد وهو حسن.
وعلة الصلاة إقامتها ، سواء عرفنا أسرارها أو لم نعرفها وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أي الأعمال أفضل – فقال : " الصلاة لوقتها " فلا تهاون في حقها ، ولا عذر في تركها ، تخفًف عن المسافر ولا تسقط عن المريض ، يؤديها الإنسان في كل أحواله ، قائما أو قاعداً أو على جنبه ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن عجز فبحركة أعضائه ، فإن لم يستطع فبقلبه، لا عذر لها أبداً ، إلا أن يفقد الإنسان وعيه أو يلقى ربه .
3 . الصلاة تجتمع فيها كل فرائض الإسلام:
يقول فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي من خواطره الإيمانية ، إن الصلاة تجتمع عليها كل فرائض الإسلام في رمزية واضحة ظاهرة، وهذا ما لا يجتمع لغيرها من الفرائض ، ويبدأ المصلي بالشهادتين وهو يستعد للدخول في الصلاة بألفاظ الإقامة فإذا اتجه إلى الكعبة فهذه رمزية لحج بيت الله الحرام ، فإذا كبر تكبيرة الإحرام ،فقد صام عن الكلام والطعام وكل ما أحله الله ،إنه الصوم في صدق معناه ، أما رمزية الزكاة ، فتتجلى واضحة فيما تستغرقه الصلاة من وقت ، فالوقت الذي ينفقه المصلي حتى يفرغ من صلاته ، هو أعظم زكاة ، فنحن لا نجني ثمرة العمل إلا من خلال الوقت، وعلى قدر ما نبذل من جهد ووقت يكون العطاء ، نحن نزكي ونتصدق ونفعل الخير كله من فضل هذا العطاء ، وبهذا تتحقق رمزية الزكاة في الصلاة ، ثم هي بعد ذلك كله صلاة ، فريضة موقوتة ، يقول الحق تعالى (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا ) ( النساء : 103) .
ج - فضل صلاة الجماعة في المسجد:
ولصلاة الجماعة في المسجد فضل عظيم وثمراته طيبة ، فمن يخطو إلى المساجد ليقيم الصلاة ترفع درجاته ، ويزداد أجره بسبب كثرة عدد المصلين في المسجد ، ويعده الله بالنور التام يوم القيامة .
١ . رفع الدرجات بسبب الخطى إلى المساجد :
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل في جماعة، تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمساً وعشرين درجة، وذلك أن أحدهم إذا توضأ ، فأحسن الوضوء ، ثم أتى المسجد، لا ينهزه ( أي لا تُنهِضه وتُقيمه ) إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة ، فلم يخط خطوة، إلا رفع له بها درجة ، وحط عنه بها خطيئة، حتى يدخل المسجد ، فإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه ، والملائكة يصلون على أحدكم مادام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون : اللهم ارحمه ، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه ، ما لم يحدث » رواه مسلم .
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « أعظم الناس أجرا في الصلاة ، أبعدهم فأبعدهم ممشى ، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام ، أعظم أجرا من الذي يصلي ثم ينام » رواه البخاري .
٢ . زيادة الأجر بسبب كثرة عدد المصلين في المسجد :
عن أبي بن كعب-رضي الله عنه- قال: «صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما الصبح، فقال: أشاهد فلان؟ قالوا: لا. قال: أشاهد فلان؟ قالوا: لا. قال: إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبوا على الركب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته، لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل، أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين، أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله عز وجل».سنن أبي داود .
٣ . النور التام يوم القيامة :
عن بريدة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد، بالنور التام يوم القيامة» سنن أبي داود.
٤ . كتابة الملائكة لمن يدخل المسجد يوم الجمعة، قبل خروج الإمام :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « إذا كان يوم الجمعة، وقفت الملائكة على باب المسجد ، يكتبون الأول فالأول، ومثل المهجر( المهجر : الذي يمشي في الهاجرة ، وهي شدة الحر، والمعنى: التبكير إلى الصلوات ) كمثل الذي يهدي بدنة، ثم كالذي يهدي بقرة ، ثم كبشا ثم دجاجة، ثم بيضة، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم ويستمعون الذكر » رواه البخاري .
د - حكم أداء صلاة الجماعة في المسجد :
وإن كان قد ثبت اختلف العلماء في حكم أداء صلاة الجماعة في المسجد ، إلا أنهم إتفقوا على أنها من أوكد العبادات وأجل الطاعات .
اختلف العلماء في حكم أداء الصلوات الخمس جماعة في المسجد، على ثلاثة أقوال:
القول الأول: سنة مؤكدة ، وبه قال المالكية، والشافعية، وبعض الحنفية كما جاء بالشرح الكبير ، بداية المجتهد .
القول الثاني: واجبة على الكفاية ، وهذا هو القول الثاني للشافعية ، قال النووي : "صلاة الجماعة هي في الفرائض غير الجمعة سنة مؤكدة ، وقيل : فرض كفاية للرجال، فتجب بحيث يظهر الشعار في القرية ، فإن امتنعوا كلهم قوتلوا " ، كما جاء في منهاج الطالبين.
القول الثالث : واجبة على الأعيان، وبه قال عامة الحنفية، والحنابلة، والظاهرية، إلا أن الحنابلة لم يشترطوا الجماعة لصحة الصلاة، واستثنوا من الوجوب العيني من كان تخلفه لعذر شرعي، وهذا هو المنصوص عن أحمد ، كما جاء في كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه .
* وجوب الصلاة في جماعة وأدلتها :
يقول الشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين :
اختلف العلماء رحمهم الله في حكم أداء صلاة الجماعة في المسجد ، بعد اتفاقهم على أنها من أوكد العبادات وأجل الطاعات اختلفوا هل هي شرط لصحة الصلاة؟ أو أن الصلاة تصح بدونها مع الإثم ؟ مع خلافات أخرى.
والصحيح: أنها واجب للصلاة ، وليست شرط في صحتها، لكن من تركها فهو آثم إلا أن يكون له عذر شرعي، ودليل كونها ليست شرطاً لصحة الصلاة أن الرسول عليه الصلاة والسلام فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، وتفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ يدل على أن في صلاة الفذ فضلاً، وذلك لا يكون إلا إذا كانت صحيحة.
وعلى كل حال فيجب على المسلم العاقل الذكر البالغ أن يشهد صلاة الجماعة سواء كان ذلك في السفر أم في الحضر.
ودلل على ذلك باتفاق العلماء على أن صلاة الجماعة من أجل الطاعات، وأوكدها ، وأفضلها، وقد ذكرها الله تعالى في كتابه، وأمر بها حتى في صلاة الخوف فقال الله تعالى: { وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ . . . } النساء: 102 .
وفي سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم من الأحاديث العدد الكثير الدال على وجوب صلاة الجماعة، مثل قوله صلي الله عليه وسلم: "لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار"،
وكقوله صلي الله عليه وسلم: "من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر"،
وكقوله صلي الله عليه وسلم للرجل الأعمى الذي طلب منه أن يرخص له "أتسمع النداء؟" قال: نعم، قال: "فأجب".
والنظر الصحيح يقتضي وجوبها، فإن الأمة الإسلامية أمة واحدة، ولا يتحقق كمالها إلا بكونها تجتمع على عبادتها وأجل العبادات وأفضلها و أو كدها الصلاة .
هـ - فصل البكور في المسجد لانتظار للصلاة :
القلب المؤمن متعلق بالمساجد يهرع إليها قبل سماع النداء فيفوز بالصف الأول ويحوز رضا الملائكة وينال دعاءها له بالرحمة والمغفرة ، وبكوره في الجمعة قربات إلى الله تعالى .
* البكور في الصلاة عموما :
١ . روى الإمام مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا )
٢ . روى الإمام البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال : ( الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث اللهم اغفر له اللهم ارحمه ، ولا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه ، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة "
* البكور إلى صلاة الجمعة :
ما روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله { قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر" .
و - مكانة صلاة الفجر ، ووسائل المحافَظة عليها:
وتتميز صلاة الفجر عن غيرها من الصلاوات الأخرى بأثر خاص في حياة الأمة ، ومن ثم يجب على المسلم التماس وسائل المحافَظة عليها للإنتفاع بثمارها
* صلاة الفجر في حياة الأمة :
صلاة الفجر في جماعة المسجد لرِجال المسلمين في أوَّل وقتها قضية محورية في حياة الأمَّة المسلمة ، وفي بنائها ، فهي تُعيد تنظيمَ اليوم بكامله إلى الطريقة التي أرادها الله - عزَّ وجلَّ - وإلى الطريقة التي خَلَق الله الكون ليسيرَ عليها.
وصلاة الفجر تربط الأمَّة بربِّها من أوَّل اليوم، فتبدأ الأمَّة الإسلامية يومَها بطاعة وذِكر، وصلاة ودعاء ، وتجعَل الأمة - كل الأمة - في ذِمَّة الله طول اليوم، وفي حِفظ الله طول اليوم، وفي ضمان ورِعاية وحماية الله طولَ اليوم.
* وسائل المحافَظة على صلاة الفجر:
1. أخْلِص لله - عزَّ وجلَّ - وأعطِ له قدرَه.
2 . اعقدِ العزم وحاسبْ نفسك يوميًّا.
3 . تُبْ من الذنوب واعقد النية على ألاَّ تعود إليها .
4 . أكثِرْ من الدعاء أن يرزقَك الله تعالى صلاةَ الفجر.
5. إحرصْ على الصُّحْبة الصالحة.
6. درِّب نفسك على النوم بطريقة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم : النوم مبكرً , على وضوء ، على الجانب الأيمن ، أذكار النوم.
7. لا تأكل كثيرًا قبلَ النوم وتجنَّبِ الشاي والقهوة في الليل .
8 . اكتُب تذكرة عن صلاة الفجْر وعلِّقها في حجرتك.
9 . استعِن بالأجراس الثلاثة : المنبه ، التليفون ، الباب.
10 . ادعُ غيرَك إلى صلاة الفجْر، وابدأ بأهلك.
ثانيا : المساجد منارات العلم والذكر :
المساجد هى مدرسة للتقرب الى الله بالعبادة والطاعة وزيادة الايمان والارتقاء بمشاعر المسلم ، حيث يتلقى فيها علومه وآدابه من خلال مجالس العلم المنعقدة بها ، وهي بيوت الله في الأرض ورياض الجنة فيها ، من مشى اليها غفر ذنبه وأجر ، ومن مكث فيها رضي الله عنه ،
وذلك يقتضي بيان
فضل المساجد ، وفضل المشي إليها والمكث فيها ، وفضل الجلوس في أوقات مخصوصة ، وفضل مجالس العلم والذكر فيها :
أ - المساجد بيوت الله ورياض الجنة :
١. لهذا بادر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببناء المسجد فور وصوله إلى المدينة المنورة، وهو أول عمل قام به صلى الله عليه وآله وسلم، ثم بعد ذلك اتجه إلى المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.
٢ . والمساجد بيوت الله التي أمر أن ترفع ويذكر فيها اسمه،لقوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}[النور: 36]،
٣ . وهي نجوم الأرض ورياض الجنة، ومكان إقامة الصلوات، وسميت مساجد لأنها أماكن السجود لله عز وجل، وقد أمر الله تبارك وتعالى عباده بتعظيم المساجد، وعمارتها لقوله تعالى:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ}التوبة: 18
ب - فضل المشي إلى المساجد والمكث فيها :
١ . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً وَالْأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً)) رواه مسلم
٢ . وقال عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنْ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ)". رواه البخاري ، ومسلم .
3. حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله، وفيه : ( وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ ).
4. عن أبي هريرة –رضي الله عنه، عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: ( ما توطن رجل المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله تعالى إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم ). رواه ابن ماجة .
5. وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: ( لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة )
ج : فضل الجلوس في المسجد في أوقات مخصوصة :
* فضل الجلوس في المسجد بعد صلاة الفجر حتى الشروق :
1. أن أجر المكث بعد صلاة الفجر تعدل أجر حجة وعمرة ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من صلى الغداة في جماعه ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجه وعمره تامة، تامة، تامة ) رواه الترمذي.
2. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل...الحديث ) رواه أبو داود
* فضل الجلوس في المسجد بعد صلاة العصر الى المغرب :
1. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة ) رواه أبو داود .
2. عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لأن أقعد أذكر الله وأكبره وأحمده وأسبحه وأهلله حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق رقبتين أو أكثر من ولد إسماعيل، ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل ) رواه أحمد.
هـ - فضل مجالس الذكر وحِلق العلم في المسجد :
* فضل مجالس الذكر :
١ . مجالس الذكر هي رياض الجنة في الدنيا :
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ) : إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا ( قَالُوا : وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ ؟ قَالَ : ( حِلَقُ الذِّكْر ) رواه أحمد
ويروى أيضاً من حديث ابن عمر وأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم ، وهو حسن بمجموع طرقه[3] . فمن شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا ، فليستوطن مجالس الذكر فإنها رياض الجنة .
٢ . ومجالس الذكر هي مجالس الملائكة :
فإنه ليس من مجالس الدنيا مجلسٌ إلا مجلسٌ يُذكر اللهُ تعالى فيه ، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا : هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ ، قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ : مَا يَقُولُ عِبَادِي ؟ قَالُوا يَقُولُونَ : يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ ، قَالَ فَيَقُولُ : هَلْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ فَيَقُولُونَ : لَا وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ ، قَالَ : فَيَقُولُ وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا، قَالَ يَقُولُ : فَمَا يَسْأَلُونِي ؟ قَالَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ ، قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ يَقُولُونَ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا ، قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً ، قَالَ فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟ قَالَ يَقُولُونَ : مِنْ النَّارِ ، قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ يَقُولُونَ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا ، قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً ، قَالَ فَيَقُولُ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ ، قَالَ يَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ : فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ ، قَالَ هُمْ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ ) رواه البخاري
٣ . مجالس الذكر من الحسرة والندامة يوم القيامة :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تِرَةٌ ، وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تِرَةٌ)) [5] أي نقص وتبعة وحسرة .
* فضل حِلق العلم في المسجد :
١ . فضل العلم :
طلب العلم من أجلِّ العبادات وأفضل القربات، وهو حياة القلوب ونور الأبصار، به يطاع الله عز وجل ويعبد، وبه يحمد الرب ويوحد، وبه توصل الأرحام، ويعرف الحلال من الحرام، فتعلمه حسنة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله قربة، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الغربة، والدليل في الظلمة، والسنان على الأعداء..
وأهل العلم في المنارات العالية، قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (11) سورة المجادلة.
٢ . حلق العلم من أعظم السبل المؤدية إلى الجنة :
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده). رواه مسلم .
٣ . حلق العلم وسيلة لتعلم القرآن:
قال صلى الله عليه وسلم: (أيكم يحب أن يغدو كل يومٍ إلى بطحان أو إلى العقيق، فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثمٍ ولا قطيعة رحم!)، فقلنا: يا رسول الله نحب ذلك، قال: (فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد، فيتعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله خيرٌ له من ناقتين، وثلاث خيرٌ له من ثلاث، وأربع خيرٌ له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل). رواه مسلم
٤ . وفي فضل حلق الذكر والمذاكرة :
رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهم ربهم -وهو أعلم منهم-: ما يقول عبادي؟، قالوا: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك ... قال: فيقول فأشهدكم أني قد غفرت لهم. قال يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم). رواه البخاري
٥ . في حلق العلم يوزع ميراث النبي :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه خرج إلى السوق بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فرأى حال الناس فيه وهم يبتاعون ويشترون فنادى في سوق المدينة بأن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم في المسجد وأنتم هاهنا! فلما ذهبوا ولم يجدوا شيئًا رجعوا وأخبروه فقال لهم: وما رأيتم في المسجد؟ قالوا: رأينا قومًا يصلون، وقومًا يقرؤون القرآن، وقوما يتذاكرون الحلال والحرام، فقال لهم أبو هريرة: ويحكم فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم.
#كيف_نربح_رمضان_? أعداد : محمد #أبوغدير_المحامي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق