قال الله تعالى : (( أهدنا
الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) سورة
الفاتحة :6 – 7
هذا دعاء عظيم وكريم يردده
المسلم في صلاته سبع عشرة مرة في كل يوم وليلة على الأقل ، وقد يتضاعف هذا العدد
إذا هو صلى السنن والنوافل ، ويتوجه المسلم إلى الله بهذا الدعاء ( اهدنا الصراط
المستقيم ).
ولا تقوم صلاة بغير هذا الدعاء
لأنه جزء ﻻ يتجزء من سورة الفاتحة لما ورد في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم من حديث عبادة بن الصامت:" لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " .
ومعناه : وفقنا وأرشدنا - يا
الله - إلى معرفة الطريق المستقيم الموصل الي الحق ، واروقنا الاستقامة عليه ،
فالمعرفة والاستقامة كلتاهما ثمرة لهداية الله ورعايته ورحمته .
والتوجه إلى الله في هذا الأمر هو ثمرة الاعتقاد بأنه وحده المعين ، والهداية إلى الطريق المستقيم هي ضمان السعادة في الدنيا والآخرة عن يقين .
وسمات الصراط المستقيم أنه:
( صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) ، فهو طريق الذين قسم الله تعالى لهم نعمته . لا طريق الذين غضب عليهم لمعرفتهم الحق ثم حيداهم عنه ، أو الذين ضلوا عن الحق فلم يهتدوا أصلا إليه ، إنه صراط السعداء المهتدين الواصلين .
وهذا الدعاء مستجاب من الله
تعالى ، لما رواه مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يقول
الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ... ، ومنها إذا قال : اهدنا
الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين . قال:
هذا لعبدي ولعبدي ما سأل " .
إلا أن الله تعالى يستجيب لبعض
المسلمين هذا الدعاء وقد لا يستجيب للبعض الآخر رغم تلاوة الجميع له مرات عديدة في
كل صلاتهم ، لماذا ؟؟؟ .
لأن الإستجابة مرهونة بالفقه
والعمل بمقتضى الآية الكريمة التي سبقتها : ( إياك نعبد وإياك نستعين ).
فماذا تعني هذه الآية الكريمة وما ارتباطها باللاحقة عليها ؟؟؟
والمعنى: نخصك يا الله
بالعبادة، ونخصك بالاستعانة، فلا نعبد إلا إياك، ولا نستعين إلا بك؛ إذ لا تصح
العبادة إلا لله، ولا يجوز الاستعانة إلا به.
قرنت العبادة بالاستعانة ليدل
على أن العبد لا يستطيع أن يقوم بأي عبادة إلا بإعانة الله وتوفيقه، فهو إقرار
بالعجز عن حمل هذه العبادة.
فالاستعانة بالله علاج غرور العبد وكبريائه، و"يجمع بين ما يتقرب به العباد إلى ربهم، وبين ما يطلبونه ويحتاجون إليه من جهته"
ومقتضى
الإقرار قولا وعملا بأن الله وحده هو الذي يعبد وهو الذي يستعان - كما يقول صاحب
الظلال - أن يتخلص الضمير البشري من استذلال النظم والأوضاع والأشخاص .
وقد قيل لإبراهيم
بن أدهم : ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا ؟! فقال :
1ـ لأنكم عرفتم الله
فلم تطيعوه .
2ـ وعرفتم الرسول صلى الله عليه وسلم فلم تتبعوا سنته !
3ـ وعرفتم القرآن فلم تعملوا به !
4ـ وأكلتم نعم الله فلم تؤدوا شكرها !
5ـ وعرفتم الجنة فلم تطلبوها !
6ـ وعرفتم النار فلم تهربوا منها !
7ـ وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه!
8 ـ وعرفتم الموت فلم تستعدوا له !
9ـ ودفنتم الأموات فلم تعتبروا !
10ـ وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس !!
2ـ وعرفتم الرسول صلى الله عليه وسلم فلم تتبعوا سنته !
3ـ وعرفتم القرآن فلم تعملوا به !
4ـ وأكلتم نعم الله فلم تؤدوا شكرها !
5ـ وعرفتم الجنة فلم تطلبوها !
6ـ وعرفتم النار فلم تهربوا منها !
7ـ وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه!
8 ـ وعرفتم الموت فلم تستعدوا له !
9ـ ودفنتم الأموات فلم تعتبروا !
10ـ وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس !!
وبالنظر
إلى هذه الكلمات التي قالها العارف بالله إبراهيم بن أدهم ، فإن الناس بالنظر إلى
هذه الآية : (( أهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم
ولا الضالين )) ، ثلاث فئات هم :
الأول : فئة مهتدية ؛ تؤمن
بالله وتتبع منهجه وتتربى عليه ، صالحة في نفسها مصلحة لغيرها داعية إلى ربها ،
تؤذى من الظالمين فتصبر وتثبت على الحق وترجوا النصر ، وهذه يباركها الله تعالى
ويعينها على الخير والحق والصلاح ، فيدعون ... فيتقبل دعاءها في صلاتها ويهديها
الصراط المستقيم .
والثاني : فئة غافلة ؛ لا تمارس
الفساد بنفسها وقد لا تنكره على غيرها ، منشغلة ببؤس الحياة أو زخرفها ، تقبل على
الله بجوارحها وقلوبها لاهية ، تدخل في الصلاة بلا خشوع وتقرأ القرأن أو تسمعه بلا
تدبر أو تفكر ، فيمر عليهم هذا الدعاء الكريم في صلاتهم دون وعي أو أدراك ، فيدعود
... وقد يستجاب لهم .
والثالثة : فئة ضالة ؛ لا تتصل
بالله ولا تتبع منهجه ، وإن صلت وصامت فرياء وسمعة ، فاسدة في ذاتها مفسدة لغيرها
، تصد الناس عن سبيل الله ، يشاركون المغضوب عليهم والضالين ظلمهم وطغيانهم أو
يؤيدونهم في ذلك ، وهذه يمقتها الله تعالى ولا يرض لها الصلاح والفلاح ، وقد يدعون
... فأنى يستجاب لهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق