الأحد، 6 سبتمبر 2015

خلق الإنصاف .... تعريفه ، مشروعيته في الكتاب والسنة ، مجلاته ، آداب أهله

مقدمة
من أجلِّ نعم الله علينا أن زيّن هذه الأمة بالأخلاق الحميدة والصفات المجيدة التي تممها وأكملها خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) رواه البيهقي في السنن الكبرى ، ومن بين هذه الأخلاق السامية الرفيعة خلق ( الإنصاف ) وهو خلق رفيع ومبدأ مهم قلما تجده واضح المعالم واسع الأرجاء عند غير المسلمين كما هو عند المسلمين .



أولا : تعريف الإنصاف لغة واصطلاحا

أ -  تعريف الإنصاف لغة :

1 - الإنصاف : أنصف ينصف ، و أنصفه من نفسه، وانتصفت أنا منه، و تناصف القوم، أي أنصف بعضهم بعضاً، وأنصفت إنصافاً، أي عاملت بالعدل و القسط، والعدل من أسماء الله الحسنى، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ﴾[ سورة يونس : 4]

2 - وقيل أيضا عن الإنصاف : مصدر أنصف ينصف، وهو مأخوذ من مادة: (ن، ص، ف)، «وهى تدل على معنين: أحدهما: شطر الشيء، والآخر على جنس من الخدمة والاستعمال»  مقاييس اللغة (431/5

ب -  تعريف الإنصاف اصطلاحا :

1 - وفي اصطلح الفقهاء يعرف الإنصاف بأنه : أن تعطي غيرك من الحق من نفسك مثل الذي تحب أن تأخذه منه لو كنت مكانه، ويكون ذلك بالأقوال والأفعال ، في الرضا والغضب، مع من تحب ومع من تكره ، وهو لا يكون إلا بين اثنين ، أو أمرين ، أو أمر ذي طرفين .
2 - وقيل أنه : بمعنى العدل، وكأن المنصف قد رضي لنفسه بالنصف ولغيره بالنصف، كما ان العدل ان يجعل لنفسه عدل ما لغيره أو ان يعدل بين الخصمين ، وقد فُسر الإنصاف بأن تعطي غيرك من الحق الذي تحب ان تأخذه منه لو كنت مكانه، ويكون ذلك بالأقوال والأفعال(   ضرة النعيم (577//3(.
3 - والفرق بين الإنصاف والتجرد للحق : ان الإنصاف متعلق بالمعاملة وما من شأنه الحكم وإعطاء الحقوق وأما التجرد للحق فهو أعم فيكون في تقرير العلم وبيان الصواب في كل أمر من الأمور بما في ذلك الحكم بين الناس والإنصاف من النفس.



ثانيا :مشروعية الأمر بالإنصاف
أ -  في القرآن الكريم :

قدم لنا القرآن الكريم دروسا بليغة راقية في الإنصاف بشتى صوره وفي مختلف مجالاته، تارة في صيغة أوامر ونواهٍ، وتارة من خلال وصفه وإنصافه لأعدائه والمكذبين به، وتارة من خلال وقائع فعلية تطبيقية  نوجزها في الآتي :.
1 - عن الأمر بالإنصاف والنهي عن تركه ولو كان ضد نفسك أو ضد والديك أو أقربِ الناس إليك قوله تبارك وتعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أو الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ان يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى ان تَعْدِلُوا وَانْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَانَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً .) [النساء/135
وبمثل هذا جاء قوله تعالى: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى)  الأنعام/152

2 - وعن النهي عن عدم الإنصاف في حالات العداوة والكراهية. وعدم التحيز لفائدة النفس وذوي القرابة والمودة قوله سبحانه :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)  المائدة/8

3 - عن الأمر بالإنصاف والنهي عن تركه ولو كان لصالح المخالفين في الدين والعقيدة ، جاءت آيات عديدة في شأن أهل الكتاب من اليهود والنصارى، أذكر منها:
قوله سبحانه في حق بني إسرائيل :
(وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) [الأعراف/159] ، فالتاريخ المجلل بالسواد لبني إسرائيل، وكونُهم أشدَّ الناس عداوة للإسلام والمسلمين، لم يمنعا من إنصافهم والإشادة بمن أحسن منهم.

4 - وقوله عن النصارى :
(وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إلى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ) المائدة 83-86

ب _  في السنة من الأمر بالإنصاف :

ومما جاء عن السلف وأهل العلم من بعدهم في مدح الانصاف والترغيب فيه والحث عليه ما يأتي :
1ـ أخرج الطري وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي عن جرير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسأل عن تفسير هذه الآية (  وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ) 117  هود. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأهلها ينصف بعضهم بعضاً  . الدر المنور .
2ـ عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يُقبل الجبار تبارك وتعالى يوم القيامة، فيثني رجله على الجسر، فيقول: وعزتي وجلالي لا يجاوزني ظلم ظالم فينصف الخلق بعضهم من بعض، حتى إنه ينصف الشاة الجماء من الشاة العضباء بنطحة تنطحها  . الطبراني في الكبير ج 2 ص 95
3 - جاء في تفسير قوله تعالى: ] إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ{9}   إن الله يحب المنصفين الذين ينصفون الناس ويعطونهم الحق والعدل من أنفسهم فيبرون من برهم ويحسنون إلى من أحسن إليهم . الطبري ج 12 ص 63.
4ـ عن عمار بن ياسر  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من الإيمان: الإنفاق من الإقتار، وبذل السلام للعالم، والإنصاف من نفسه . مسند البزار جـ 4 ص232
5 - وما رواه علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- قال: «وجدنا في قائم سيف رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: اعفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وَصِلْ مَنْ قطعك، وأحْسِنْ الى من أساء اليك، وقُلِ الحقَّ وَلَوْ على نَفْسك»( أورده الأعرابي في معجمه  ، وقال الألباني: «صحيح».

ج -  ما ورد عن السلف في الحث على الإنصاف :

ومما جاء عن السلف وأهل العلم من بعدهم في مدح الإنصاف والترغيب فيه والحث عليه ما يأتي :
1 - قول عمار بن ياسر رضي الله عنه: « ثلاث من جمعهن فقد جمع الايمان: الانصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والانفاق من الاقتار» صحيح البخاري .
2 - وقال الامام مالك : «لم أجد في الناس أقل منه فأردت المداومة عليه» الديباج المذهب .
3 - وقال ابن عبد البر: «من بركة العلم وآدابه الإنصاف فيه، ومن لم ينصف لم يفهم ولم يتفهم» جامع بيان العلم وفضله .
4 - وقال ابن المقفع: «أعدل السير ان تقيس الناس بنفسك فلا تأتي اليهم الا ما ترضى ان يؤتى اليك» الأدب الصغير والأدب الكبير
5 - وقال ابن حزم: «من أراد الانصاف فليتوهم نفسه مكان خصمه فانه يلوح له وجه تعسفه» الأخلاق والسير (ص:80).
6 - وقال ابن القيم: «والانصاف ان تكتال لمنازعك بالصاع الذي تكتال به لنفسك فان في كل شيء وفاءً وتطفيفا» تهذيب السنن


ثالثا : مجالات الإنصاف

للإنصاف بمفهومه الشامل مجالات عدة منها ما يأتي :

أ -  أن ينصف الإنسان نفسه من نفسه.

ويفسر هذا النوع قول ابن القيم رحمه الله: إنصاف المرء نفسه من نفسه بألا يدعي لها ما ليس لها، ولا يخبثها بتدنيسه لها وتصغيره إياها وتحقيرها بمعاصي الله سبحانه وتعالى، بل ينميها ويكبرها ويرفعها بطاعة الله وتوحيده وحبه وخوفه ورجائه والتوكل عليه والإنابة إليه وإيثار مرضاته على مراضي الخلق ومحاباتهم .... ثم يقول: وكيف ينصف غيره من لم ينصف نفسه ؟؟
ومن أروع صور الإنصاف ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبع من الأنصار ورجلين من قريش فلما رهقوه قال: من يردهم عنا وله الجنة؟ أو هو رفيقي في الجنة. فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل ، ثم رهقوه أيضاً فقال: من يردهم عنا وله الجنة؟ أو هو رفيقي في الجنة؟  فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما أنصَفْنا أصحابنا.) وفي رواية أخرى: ( ما أنصَفَنا أصحابنا.) والمراد بالأصحاب: الذين فروا يوم أحد فإنهم لم ينصفوا بفرارهم..

ب -   إنصاف الله سبحانه وتعالى.

ويكون ذلك بعبادته وتوحيده وعدم الإشراك به وطاعته والابتعاد عن معاصيه وتنزيهه سبحانه عما لا يليق به ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ {1} اللَّهُ الصَّمَدُ {2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ {3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ {4} ) الإخلاص
يقول ذو النون المصري: طوبى لمن أنصف ربه عز وجل ! قيل: وكيف ينصف ربه؟ قال: يقر له بالآفات في طاعته، وبالجهل في معصيته، وإن آخذه بذنوبه رأى عدله، وإن غفر له رأى فضله، وإن لم يتقبل حسناته لم يره ظالماً لما معه من الآفات، وإن قبلها رأى إحسانه لما جاد به من الكرامات.

ج -  إنصاف النبي  صلى الله عليه وسلم .

ويكون ذلك بالإيمان برسالته، ونصرة شريعته واتباع سنته، وتقديم محبته على محبة غيره وتوقيره وتبجيله وتقديره.
وبالجملة فإن المسلمين منصفون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأنهم لم يغالوا فيه حتى يؤلهوه كما فعلت النصارى، ولم ينقصوا من قدره فيزدروه ويؤذوه كما فعلت اليهود  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ََلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا {69} الأحزاب.

د -  إنصاف الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.

المسلمون جميعاً من أهل السنة والجماعة ينصفون الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، فلا ينتقصون من قدر أحدٍ منهم ، ولا يكفرون أحداً منهم ، ولم يغالوا فيهم فينسبون لهم ما ليس لهم كالعصمة أو علم الغيب وغير ذلك ، ويرجعون ما وقع بينهم من خلاف وقتال إلى الله سبحانه ، وهم خير القرون وخير الخلق بعد الأنبياء والمرسلين.
وكل الصحابة رضوان الله عليهم عدول ثقات ، كيف لا وهم الذين رضي الله عنهم في القرآن الكريم وأرضاهم واختارهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {100} التوبة.

هـ -  إنصاف الديانات و المذاهب والفرق الأخرى.

إن الإسلام أنصف الديانات السماوية الأخرى لأنه أمر المسلمين بالإيمان بأنبيائها ورسلها جميعاً عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم قال تعالى :قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {136}البقرة .
ويظهر إنصاف النبي لأهل الكتاب بوضوح بسماحه صلى الله عليه وسلم للنصارى بممارسة شعائر وطقوس دينهم بحرية تامة ، وقد كتب صلى الله عليه وسلم لبعض النصارى كتاب أمان لهم ولكنائسهم ولصلبانهم لا يتعرض لهم أحد ما داموا مسالمين مؤدين ما عليهم من الجزية .
وهذا ما فعله مع اليهود في المدينة المنورة قبل نقضهم العهود والمواثيق.


رابعا : آداب أهل الإنصاف في التعامل مع المخالفين :

إنّ من سمات أهل السنة والجماعة لزوم الإنصاف مع القريب والبعيد والصديق والعدو ، ومن ثم هناك آداب ينبغي أن تراعى مع المخالفين لاسيما أهل الفضل من العلماء والدعاة وطلبة العلم ما يلي :

أ -  أن يكون القصد بيان الحقيقة للناس :

 التجرد وتحرّي القصد الحسن والإنصاف عند الكلام على المخالفين ولا يكون قصده حب الظهور وقصد التشفي والانتقام ، وقصد الانتصار للنفس أو للطائفة التي ينتمي إليها ، وإنما عليه أن يقصد بيان الحق أينما كان .

ب -  عدم التسرع في إطلاق الأحكام:

لا ينبغي للمسلم وخاصة من كان في مقام العلماء والدعاة أن يستعجل الحكم على الآخرين بمجرد كلام يسمعه من هذا أو ذاك من الناس الغوغاء وما أكثرهم ، بل الواجب هو الوقوف والتريث حتى يتبين الأمر على حقيقته كما قال تعالى : {
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ سورة الحجرات الآية: 6

ج -  حمل كلام خصمك على أحسن وجوهه وإحسان الظن :

فالواجب على المسلم أن يحسن الظن بكلام أخيه المسلم وأن يحمل عبارته محملا حسنا وقد حرم الله تعالى الظن السيء فقال : الله تعالى  واجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم )  الحجرات 12
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( (  إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تحسسوا ، ولا تجسسوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ..... ) 

د -  بيان ايجابياته الطرف الآخر والكف عن ذكر سلبياته :

فإن أهل العلم الحقيقي قصدهم التعاون على البر والتقوى والسعي في إعانة بعضهم بعضا في كل ما عاد إلى هذا الأمر ، وستر عورات المسلمين وعدم إشاعة غلطاتهم والحرص على تنبيههم بكل ممكن من الوسائل النافعة والذب عن أعراض أهل العلم والدين ولا ريب .
في قصة الفتح حيث كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش كتابا يخبرهم بمسير الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه تعتبر في نظر القوم خيانة ، قال عمر دعني اضرب عنقه فإنه قد خان الله ورسوله وقد نافق ، فرفض الرسول الكريم وقال ( وما يدريك يا عمر لعلّ الله قد اطّلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم(   رواه  البخاري .

هـ -  محل النقد هو الرأي المبدى لا شخص المعارض :

فالرأي هو محل الخلاف ، وهو يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ وليس هناك بشرا معصوما إلا نبيا مرسل ، وروى أن ابن عباس ومجاهد قال ( ليس أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم  )
ولا يجوز النيل من شخص المعارض بسبب رأيه ، لأن شخصه محترم ومصون ولا يجوز التعرض لله بالسب أو القذف أو الانتقاص ، فقد روي ا في الصحيحين من أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (  المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يحقرهالتقوى ههنا ، ويشير إلى صدره ثلاث مرات . بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه ، وماله ، وعرضه ، ...) 

و - حمل كلام المخالف على ظاهره وعدم التعرض للنوايا والبواطن :

الأصل في التعامل بين الناس بما ظهر لنا من حالهم وليس لنا أن نخوض في نواياهم إلا إذا أفصحوا هم عن نياتهم ، وقد علّمنا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في قصة أسامة بن زيد حينما قتل الرجل بعد أن نطق بالشهادة فأنكر عليه ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال أسامة إنما قالها متعوذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هلاّ شققت عن قلبه . (


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق